Logo Dampress

آخر تحديث : الاثنين 17 حزيران 2024   الساعة 02:10:15
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
النار باتت تحرق الجميع .. بقلم : الدكتور عاصم قبطان
دام برس : دام برس | النار باتت تحرق الجميع .. بقلم : الدكتور عاصم قبطان

دام برس :
لم يعد ممكناً البقاء في مقاعد المتفرجين فالنار باتت تحرق الجميع ، و قد اكتوت كل مكونات سورية بهذا الحريق الذي لم يتوقف ، و الانتصارات التي تسجل هنا أو هناك لا بد من دعمها باستعادة السواء لسورية و أبنائها و مشاركة الجميع في بناء سورية و ما لم يتحقق هذا السواء بانتهاج العقلانية فإن التوازن القلق سيبقى سيد الموقف و سيبقى الجميع رهناً لرغبات القوى العالمية التي ألقت بكلِ حمولاتها عل الأرض السورية ، وهي تحاربُ معاركها على أرضنا و كلنا و مهما كان انتماؤنا ما زلنا ندفعُ الثمن من دماء أبنائنا في كلِ سورية من الساحل إلى الداخل ، و لم نجني جميعنا أي شيء و ها هي القوى المختلفة تتقاتل على التركة تحت مسمى إعادة البناء .
إن الشرخ الذي أحدثته المشكلة السورية أصبح عميقاً و دفع كلُ السوريينَ الثمن و إن خلاص سورية يتلخص في عودتها إلى الوئام الذي كان موجوداً لعقودٍ عديدة و مديدة ، و نؤكد على طبيعة الاعتدال التي تميزت به سورية ، و من المؤكد و على مر العصور فإن بعض الحيف و الغبن أصاب العديد من المكونات السورية  و أثبتت الأيام أن المستفيد من كلِ هذه التناقضات لم يكن سوى أصحاب المصالح الخاصة الذين ركبوا الموجة تحت مسمياتٍ عديدة من أقصى إلى أقصى ، و باتت الأهداف الوطنية و القومية في عالم النسيان و رغم كل الصيحات المدوية التي تتميز بالوعيد و التهديد فإن القدس أصبحت عاصمةً لإسرائيل و حرمة المسجد الأقصى ديست و ما زالت  تنتهك يومياً و ها هم الشهداء الفلسطينيون يرسمون بطريقتهم الخاصة طريق العودة بعد أن غسلوا أيديهم من إخوتهم العرب و المسلمين في كلِ مكان و حددوا بوصلتهم . إن الرغبة الصريحة لإسرائيل و لأعداء الشعب السوري أن يبقى الحال كما هو فهو الضمانة الوحيدة لبقاء الإستنزاف  لدماء السوريين جميعاً فإلى متى يريد البعض أن يقلد النعامة في دس الرؤوس في الرمال ، فالشعب السوري بكلِ مكوناتة واحد و قد انكشف المستفيدون و اللاعبون على الحبال ، و انكشفت كل الترهات و الإدعاءات من غالبية الأطراف التي ثبت زيفها .
 قد تكونُ هذه الصرخة متأخرة و قد يكون لها موقعها فإن الفئات المثقفة و التي تنـتـسب للوطن دون أي توجهات أخرى و التي فقدت الثقة في رغبة المدعين للخلاص و باتت في إحباط فالكلُ يدعي الوطنية و كثيرون أيضاً ممن يتاجرون بالوطنية ، و المغلوبون على أمرهم يراقبون ،  و لكن لا ننسى أن الثقافة المجتمعية و المواطنة الحقيقية كانت و ستبقى البلسم الشافي لكل السلبيات التي عشناها جميعاً ، و لكي نتفرغ لأهدافنا الكبيرة في بناء دولتنا الكبيرة و الفاعلة و التي تمتد من سواحل الأطلسي إلى شرق الأحواز العربية و من جبال طوروس شمالاً إلى البحر العربي و المحيط الهندي و الصحراء الإفريقية الكبرى جنوباً ، نحن لا نحلم و لا نتوه فهذه الأمة كانت و ما زال لها تاريخ مشرف ، و هذه الأمة لا يمكن فصلها عن تراثها و حضارتها و قيمها و معتقداتها ، و يخطأ كثيراً من يتصور أن الإنتماء للجذور هو سبب المشكلة لا بل على العكس فإن الإنتماء للجذور هو الفكر الوحيد الذي سيعبد الطريق إلى الخلاص ، و يكفي أن نقول أن كل التقلبات و التطورات التي عملت عل تفتيت الأمة و معتقداتها كان لها ارتباطها بمصالح شخصية و فئوية عملت على دق الأسافين في جسد الأمة و لم تكن إسرائيل إلا واحدة من هذه الأسافين .
حتى نتحرر من الإنتماء أو الإتكاء على هذه القوةِ أو تلك لا بد من استعادة وحدتنا الوطنية و لن يتم ذلك إلا بالتأكيد على الاعتدال و الوسطية في كل شيء و ما زلنا نسمع و نقرأ ما بين الحين و الآخر الاتهامات تكال لهذا الفكر أو إلى الفكر الذي يناقضه ، فمن متنطح و داعم للعلمانية إلى متنطحٍ و داعم للأصولية ، و إذا كانت الظروف ملائمة لتَسًيدِ الفكر العلماني و تحرره فإن من المجدى أيضاً و لاستعادة السواء الديمقراطي  إتاحة المجال و تحري  الفكر الديني المعتدل و الوسطي الذي تميز به السوريون و من يراقب المساجد وهي تغص بمئات الآلاف من المصلين في شهرِ رمضان المبارك أثناء صلاة العشاء و التراويح يدرك أن هناك شريحة كبيرةً كبيرةً كبيرة من المكون السوري لا يمكن إهمالها أو التغاضي عنها فهي للوطن وهي من الوطن ، و لن تكون هناك حرية و لا ديمقراطية دون إتاحة المجال لكل المكونات السورية بأن تأخذ دورها فكراً و ثقافة و علماً و حضارة ، و ما أن ينتهج هذا الطريق فإنه سيكون الحل الوحيد لما تعانيه سورية من أمراض ، و لن يتحقق الوئام ما لم يستعيد السوريون وحدتهم و اعترافهم ببعضهم دون الاعتماد على المتكئات الخارجية التي لا تعمل إلا من خلال أجنداتها و مصالحها و طموحاتها الخاصة ، لقد كانت القيادات السياسية التي تعاقبت على إدارة الدفة في سورية في العقود القريبة الماضية واعيةً لهذه الحقائق و هذا ما دفعها لإبقاء الجسور الممدودة مع الجميع ما أمكنها ذلك ، نحن لا نتحدث عن مئات السنين و إنما نتحدث عن عقود قريبة متوالية عشناها جميعاً ، و حتى لا نبتعد لا بل حتى ننجح في محاربة التطرف لا بد من إتاحة المجال لكي نستمع للفكر المقابل ، لا على العكس فإن التضييق على الأفكار المعتدلة و الوسطية و عدم القبول للآخر هو ما يمهد لانحراف البعض لطريقٍ أكثر تعنتاً و تشدداً و حتى إرهاباً .  الحقيقة لا بد من الاعتراف بوجود أفكار و آراء متباينة ما بين مكونات المجتمع ، و لا بد للفئات المثقفة و الغيورة على البلد و من كلِ الانتماءات من ممارسة دورها بما تملكه من الأفكار الخلاقة و البناءة و لم لا يكون ذلك بتشجيعٍ من أصحاب القرار و الغيورين على سوريةَ و وحدتها ،  هذه الأفكار يمكن أن تصل بنا جميعاً إلى سواء و تؤدي بالنتيجة إلى احترام الجميع من الجميع .

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz