Logo Dampress

آخر تحديث : الاثنين 24 حزيران 2024   الساعة 21:46:05
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الزراعة اكتفت من الشعارات.. امنحوها الدعم ! بقلم: علاء أوسي
دام برس : دام برس | الزراعة اكتفت من الشعارات.. امنحوها الدعم ! بقلم: علاء أوسي

دام برس:

تعدُّ الزراعة من أهم فروع الاقتصاد الوطني، نسبة لمساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من جهة، ولدورها الاجتماعي في توفير فرص عمل في قطاع الزراعة والفروع المرتبطة به من جهة أخرى، فهي النشاط الرئيسي للسكان في الدول النامية ومنها سورية.
تعمل الزراعة على خلق القيمة المضافة وتأمين الأمن الغذائي، خاصة بعد أن بدأت أزمة الغذاء تتفاقم عالمياً، وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية والغذائية، فأصبحت الموارد الزراعية من أهم وأقوى الأسلحة التي تستعملها الدول المنتجة ضد الدول غير المنتجة للغذاء، كما تأتي أهمية الزراعة من علاقتها التشابكية مع الصناعة، فتلعب الزراعة دوراً هاماً في تأمين الاكتفاء الغذائي ومستلزمات الصناعة وخاصة التحويلية منها، وتحسين الميزان التجاري وميزان المدفوعات وتشغيل اليد العاملة مباشرة أو على نحو مباشر، وهو ما يفترض التعاطي معها بقدر أهمية مكانتها من النواحي كافة.
ونظراً لأهمية الزراعة حرصت دول العالم على تقديم الدعم المناسب لهذا القطاع، بل وأن تجنّبه المنافسة الأجنبية عن طريق الدعم، حتى لا يتأثر الإنتاج في هذا القطاع الحيوي. ففي عام 2010 أنفق الاتحاد الأوربي 57 مليار يورو على التنمية الزراعية، منها 39 مليار يورو تم إنفاقها على الدعم المباشر، كما أن مقدار الدعم الذي تمنحه الولايات المتحدة لمزارعيها يفوق 22 مليار دولار سنوياً، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار المحاصيل الأوربية أو الأمريكية عن المحاصيل الزراعية للبلدان النامية، ومنها سورية التي لم تحظ بالدعم اللازم أو الدعم الكافي، ففي سورية قدم صندوق دعم الإنتاج الزراعي في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي خلال الخمس سنوات الماضية دعماً مالياً للمزارعين تصل قيمته إلى 2,3 مليارات ل.س، وبحسب مدير الصندوق فقد تم تقديم الدعم لأصحاب محاصيل التفاح والحمضيات والزيتون والذرة الصفراء والبندورة المكشوفة والمحمية والبطاطا والحمص والعدس، إضافة إلى منح الدعم لأسعار شرانق دودة الحرير بمبلغ 25.625مليون ل.س بواقع 250ل.س لكل كيلو غرام، كما بلغ الدعم في العام الماضي نحو 16 مليار ونصف مليار ليرة سورية لدعم المحاصيل الاستراتيجية وإكثار البذار والأعلاف، على الرغم من تشكيك البعض في أرقام الدعم في سورية متخذين من الواقع دليلاً مباشراً لكلامهم.
تتنوع الزراعات نظراً لخصوبة الأراضي في طول البلاد وعرضها، وهذا التنوع كان له الأثر البالغ في الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وتأمين العديد من المنتجات، التي لها دور كبير في توفير احتياجات المواطنين من السلع الغذائية الأساسية وتصدير الفائض منها، إضافة إلى الأهمية الاقتصادية للقطاع الزراعي، إذ يمثل النشاط الرئيسي لنحو 40% من عدد السكان. وعلى الرغم من الأهمية الاستراتيجية للزراعة في بلادنا، ودورها الكبير في تحقيق الأمن الغذائي الذي كنا نتغنى به إلا أن السياسات الحكومية في العقد الماضي، التي انعكست سلباً على القطاع الزراعي، أدت إلى تراجع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 16% في عام ،2009 بعد أن كانت نحو 24% في عام 2004. قرارات كثيرة ساهمت في تقليص مساهمة الإنتاج الزراعي في الماضي، لكن يبدو أن الحاضر ليس أفضل حالاً، فالقرار الحكومي الصادر في نيسان الماضي بوقف تمويل ودعم محصول القطن للموسم الحالي، وعدم تقديم قروض للفلاحين، سيؤدي إلى تزايد خطر تدهور الزراعة السورية، مما دفع رئيس اتحاد الفلاحين إلى إعادة النظر في السياسات الحكومية تجاه الزراعة، قبل أن نقول (وداعاً للزراعة السورية)! محذراً من انهيار الطالبة بالزراعة السورية في حال استمرت الحكومة في سياستها تجاه القطاع، وهي لا تختلف عن سياسة الحكومات السابقة في العقد الماضي.
لقد عانى القطاع الزراعي كثيراً في كنف سياسات تسعى لـ(لتهميشه) بحجة تأمين احتياجتنا من الغذاء من السوق العالمي (المعولم)، وجاءت الأزمة لتضيف أعباء جديدة للزراعة السورية؛ فتقلصت المساحات المزروعة كثيراً بسبب الأوضاع الأمنية والصعوبات في توفير مستلزمات الإنتاج، من بذار وأسمدة وارتفاع أسعار المحروقات الذي انعكس على عمليات الري والنقل إلى مناطق التسويق، وما يكتنف ذلك من صعوبات جمة، في ظل انعدام الأمن على الطرقات، وأيضاً انقطاع التيار الكهربائي لدى المزارعين الذين حوّلوا محركاتهم إلى الكهرباء بعد ارتفاع أسعار المحروقات وندرتها، كل ذلك أدى إلى انخفاض الريعية الاقتصادية للمحاصيل الزراعية بسبب ارتفاع تكاليف مستلزماتها مع غياب التسعيرة المنصفة للمحاصيل، وهو ما كان له تأثير على الأسواق المحلية تمثل بارتفاع أسعار مختلف السلع وفقدان لها في بعض الأحيان.
يضاف إلى ذلك انتشار التلوث في بعض المناطق كريف الرقة، واستهداف المجموعات المسلحة لعدد من المناطق الزراعية والبنى التحتية كالمحالج، التي يُسوّق القطن إليها، وبيعها إلى تركيا.
إن النهوض بالاقتصاد الوطني السوري اليوم يتطلب تعديل بنيته لصالح قطاعات الإنتاج السلعي؛ والتركيز على القطاع الزراعي أي التركيز على القطاعات الحيوية المنتجة: الزراعة والصناعة التحويلية، وتسهيل حصول الصناعيين والمزارعين على القروض وتأمين مستلزمات الإنتاج، لتوفير مستلزمات المعيشة الضرورية للمواطنين مع الحفاظ على مقدرتهم الشرائية، بالاعتماد على الخبرات الوطنية، الأمر الذي يحدُّ من هجرة شبابنا، مع التأكيد على إيلاء القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني الأهمية، والعمل على إزالة المعوقات التي تقف في سبيل التنمية الزراعية، لدور هذا القطاع في تحقيق الأمن الغذائي ولأهميته الاقتصادية والاجتماعية، فالزراعة هي خيارنا الاستراتيجي أمنياً واجتماعياً واقتصادياً، ويجب أن نعزز مكانتها لأننا في الأساس بلد زراعي، وهي أساس سيادتنا وقوتنا والعمود الفقري لاقتصادنا، وألاّ نكتفي بترديد الشعارات المؤيدة ظاهرياً للزراعة، الأمر الذي يتطلب تدخلاً إيجابياً من الدولة، ورسم سياسات زراعية من أجل تأمين سلامة محاصيلنا، والسعي إلى وضع خطط الدعم التي يجب أن تأتي لمصلحة الفلاح، والتأكيد على أهمية دعم المحاصيل الزراعية ومربي الماشية، مع السعي لزيادة المساحات المزروعة وخاصة بالمحاصيل الاستراتيجية، ورسم سياسة تسعير عادلة لهذه المحاصيل.
إن المدخل الأساسي في أي علاج للوضع الاقتصادي يكمن في حل الأزمة السورية بالطرق السياسية، ووقف الدمار وإعادة الأمن والأمان للبدء في إعادة الإعمار عن طريق تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمتوازنة.
علاء أوسي
 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz