Warning: session_start(): open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php56/sess_bh2e1f84cjpvnj2rieqj7o18s4, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in /home/dampress/public_html/include.php on line 2

Warning: session_start(): Cannot send session cache limiter - headers already sent (output started at /home/dampress/public_html/include.php:2) in /home/dampress/public_html/include.php on line 2

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/dampress/public_html/include.php:2) in /home/dampress/public_html/include.php on line 93
تجّار الأزمات... مقتنصو الفرص .. بقلم :علاء أوسي

Logo Dampress

آخر تحديث : الاثنين 27 أيار 2024   الساعة 18:50:30
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
تجّار الأزمات... مقتنصو الفرص .. بقلم :علاء أوسي

دام برس:

تظهر في الحروب والأزمات عادة شريحة من المنتفعين الذين يعملون على الاستثمار في وضع الفراغ التجاري والاقتصادي وحتى السياسي بأعمال بيع وشراء، بعيداً تماماً عن أسباب الحروب ونتائجها والسياسات المترتبة عليها. ففي الحروب وفي الأزمات السياسية الكبرى وعندما يحلّ الفلتان الأمني والسياسي والاجتماعي محل الاستقرار تعجز مؤسسات الدولة عن ضبط الشارع. فلا حسيب ولا رقيب. وفي مثل هذه البيئة المنفلتة تشهد المجتمعات التي تعاني ويلات هذه الحروب ظهور تلك الفئة التي يُطلق عليها في الأدبيات السياسية  (أثرياء الحروب)، الذين هم مجموعة من صائدي الفرص. فمنهم من يستغل الأزمات، ومنهم من يصنعونها لخلق الفرص التجارية الذهبية واستغلالها الاستغلال الأمثل، ومنهم المروجون للإشاعات عن قدوم الأزمات لبعض السلع التجارية بغرض زيادة الطلب عليها، ومن ثم رفع أسعارها.
يضاف إلى ذلك تجارة الأزمات التي تروجها الكوارث، مثل تجارة الخيام والكساء والغذاء؛ وتجارة الأغذية والأدوية والسلاح في أزمات الحروب، فيحولون الأزمة والكارثة إلى عمل، والثورة إلى تجارة، فكل رصاصة تزيد أرباحهم، وكل ضحية توسع أعمالهم.
هذه الفئة من المقامرين بمصالح الشعب ومصائره ولقمة عيشه وحياته ينضوي تحتها بعض المسؤولين اللامسؤولين وتجار الأزمات من انتهازيين ومتسلقين ومتملقين الذين لا همَّ لهم سوى مصالحهم الشخصية وجمع الأموال، مستفيدين من علاقاتهم مع شخصيات وُكّلت إليها مسؤوليات ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالمصالح العامة للشعب.
والتاريخ يحوي عديداً من الأمثلة أدت لاندثار منظومة القيم الوطنية، واستبدال الهويات الفرعية الطائفية والسياسية بها، مع بروز طبقة المتعهدين السياسيين وتجار الموت الذين أصبحوا أثرياء من المال العام. وقد جرى ذلك في الحربين العالميتين الأولى والثانية في الغرب، ولكن الصورة الأبشع في مثل هذه المجريات أن أثرياء الحرب الصغار يحركّهم أثرياء كبار هم في الأصل جزء من التركيبة الانتهازية القائمة في البلدان التي ابتليت بالحروب الكارثية التي لا تدمّر الأرض فقط، بل تدمر روح الإنسان وذاكرته وكينونته البشرية. وفي الفترة ذاتها ظهر في مصر مصطلح أثرياء الحرب، وهم الذين استفادوا من إغلاق الموانىء واضطراب التجارة وظروف الحرب ليكُّونوا ثروات غير عادية، بمتاجرتهم باحتياجات الشعب أثناء الحرب العالمية الثانية وتقديمهم الخدمات لجيوش الحلفاء.
ومنهم أيضاً طبقة أثرياء الحرب التي ظهرت بعد انتهاء الحرب الأفغانية السوفيتية، نتيجة الاتجار بالمعادن والأحجار الكريمة والأسلحة والذخيرة وأكوام الحديد الخردة التي خلفتها الحرب.
أيضاً ما شهدته دارفور المضطربة في العقد الماضي إذ باتت مرتعاً فسيحاً لأغنياء جدد (تجار تشاشة)، وهم رجال ونساء كانوا قبل اندلاع الحرب في دارفور، إما فقراء يكسبون أرزاقهم يوماً بيوم، أو كانوا يتمتعون بوضع مادي لا يتعدى تأمين احتياجاتهم الأساسية، لكنهم صاروا أبطال حديث مجالس الأسواق ورجال المال والأعمال والناس في أحياء المدن وفي الأرياف، وفي ولايات الإقليم الثلاث.
إن العالم يحوي العديد من الأمثلة على تجار عملوا على ملء جيوبهم من أفواه الفقراء، فبالعودة إلى التاريخ المصري يطالعنا مصطلح (القطط السمان)، الذي يعود إلى بداية عهد الرئيس السادات. فقد سعى بعض الفاسدين ليعيثوا الفساد عن طريق نهب المال العام، فسماهم الشعب المصري القطط السمان الذين نهبوا أمواله وأفقروه واستوردوا له الدجاج واللحوم الفاسدة، والأدوية المنتهية الصلاحية، والأغذية المنتهية الصلاحية بعد أن يغيِّروا تواريخ صلاحيتها واستخراج شهادات حكومية بأنها صالحة. وفي عهد الرئيس السابق حسني مبارك تحولت القطط إلى حيتان تحتكر السلطة والثروة، وتنهش ما تبقى من الجسد المصري دون أن يعكّر صفوها أحد.
وكما قطط مصر السمان، هناك البارونات اللصوص وغيرهم الكثير الذين أحدثوا تحولات اجتماعية هامة في مجتمعاتهم زادت أعداد الفقراء وفاقمت معاناة الطبقات الكادحة على حساب بضعة أشخاص التقت مصالحهم مع ثلة انتهازيين من أصحاب القرار.
ولم يكن الحال السوري بأفضل حالا، إذ عمل راسمو السياسات الاقتصادية النيوليبرالية في العقد الماضي على دعم قطاعَيْ المال والتجارة والانفتاح على الخارج، وأهملوا الصناعة والزراعة والخدمات الشعبية، ما أدى إلى تعمق الفرز الطبقي، ونمت رأسمالية طفيلية جشعة، تدعمها بيروقراطية حكومية تشاركها في استغلال الدولة والشعب، في ظلِّ منظومة قائمة على الفساد تدعم وتشجع ذلك. ومن البديهي أن أية سياسة اقتصادية لا تستطيع حماية مصالح البلاد وثرواتها ولا تحسن استخدامها، يصعب عليها أن تحظى بقبول شعبها وتأييده، وشرعيتها معرضة للتآكل.
إننا اليوم نحصد نتائج تلك السياسات التي انتقدناها مراراً على صفحات جريدتنا (كما انتقدها غيرُنا أيضاً)، وهي تعد عنصراً رئيساً في ازدياد السخط الجماهيري الذي تجسد على أرض الواقع في الأزمة التي تشهدها سورية منذ عامين ونيف، فكثر تجار الأزمة وازدادت رقعة تجارتهم، ولكنها تمركزت في احتياجات المواطن السوري، فمن رغيف الخبز إلى الوقود بأنواعه، إلى العقارات، وغير ذلك الكثير، فسعى هؤلاء جاهدين لاستغلال الفرص وانتهاز الأحداث لتحقيق الثروات والشهرة، ولو كان سبيلهم الوحيد دهس الشعب تحت وطأة رغبتهم غير المشروعة، مستغلين في ذلك مجريات أحداث الأزمة والعقوبات المطبقة؛ والمقاطعة التي فرضها المعسكر الغربي ومشايخ الخليج وعثمانيو تركيا الجدد. فتلاقت أطماعهم ومصالحهم مع أهداف هذه القوى الخارجية التي تكمن مصلحتهم في استمرار حالة الفوضى التي نعيشها. فكلما ازدادت وتيرة الأحداث ازداد أثرياء الأزمة شهرة ونفوذاً ومالا، وعملوا على تعزيز خطواتهم في تحقيق رغبات الخارج بإضعاف سورية واحتياجها ما يمكنهم من السيطرة عليها..!
لكن الشعب السوري هو من دفع ومازال يدفع ثمن هذه العقوبات، في وقت كان السواد الأعظم منه يعاني أصلاً التدهور الاقتصادي والتضخم الكبير. أما اليوم فبات من بقي من الطبقة الوسطى مضطراً لبيع منازلهم ومصاغهم ومتاعهم لتجار وأثرياء يأكلون من معاناة السوريين مستغلين حاجة المواطن وضعفه وقلة حيلته، في ظل غياب الرقابة الرادعة والمحاسبة الحازمة لكل من سوّلت له نفسه بأن يبيع ويشتري بمصالح الشعب وبمصلحة الوطن العليا، مترافقة مع المتاجرة بالقضايا الوطنية ورفع شعارات لجلب مكاسب مضاعفة. إذا كان الإصلاح الذي أعلنته الحكومة يأخذ طريقه إلى حيز التنفيذ عن طريق تنقية المجتمع من براثن الفساد، فلابد من محاكمة تجار الدم السوري والانتهازيين ومحاسَبتهم اليوم، شأنهم شأن مَن حمل السلاح في وجه الدولة وقتل نفساً بغير حق، لا بل إن هؤلاء جريمتهم أشد خطراً وتأثيراً في حياة المواطنين.
إذا كانت الحروب تفرز أثرياء، وكذلك السلام غير القائم على العدل يفرز القطط السمان، فكل منهم يستعمل طرقاً وأساليب مشروعة في تحقيق مكسب غير مشروع. فنأمل أن يكون المواطن السوري بوصلة الحوار المزمع إقامته، ويكون تحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي الخطوة الرئيسة في المرحلة القادمة، ووضع الضوابط الرادعة لاستغلاله ولو كان من بعض الانتهازيين من أصحاب القرار.
وبانتظار ذلك نقول: حفظ الله بلاد الشمس من كل شر، وحمى أهلها من كل مستغل وطامع!

علاء أوسي

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz

Warning: Unknown: open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php56/sess_bh2e1f84cjpvnj2rieqj7o18s4, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in Unknown on line 0

Warning: Unknown: Failed to write session data (files). Please verify that the current setting of session.save_path is correct (/var/cpanel/php/sessions/ea-php56) in Unknown on line 0