دام برس:
لن يطولَ الوقت حتى ترى الأعراب من داعشَ ، ومن خلفها إلا وقد هزموا الهزيمة النهائية ، على الرغم من الجراح الغالية ، والدماء الطاهرة التي أباحتها فتنتهم الموبوءة في شتى بقاع الوطن العربي ، وذلك بوعي العرب ، وصحوتهم التي بدأت تباشيرها ترتسم على وجناتهم ، لقد شرعوا بقراءة الواقع ، و أمعنوا في تسلسل الأحداث ، وفنّدوا أسبابها ، بقلوبهم المتوترة والعطشى لحقائق طلبتها جراحهم وآلامهم ، فتبيّن لهم الكثير الكثير ، تبيّن لهم الحقد الأعرابي ، وفعله الخبيث المتدرِّج ، فعادوا بالذاكرة إلى الماضي القريب، وتدرّجوا به إلى حاضرهم ، ففهموا لماذا أُنشئت الفضائيات ، ولماذا أُنتجت المسلسلات ، وبرامج الضوضاء الشبابية ، و البرامج الدينية ، ولماذا تهدّمت بيوتهم ، ولماذا قُتل أولادهم ، فتوصّلوا إلى ربيع الغدر ، وعَرفوا الغادر ، واستوعبوا هدف الربيع القذر ، وحّددوا موضع القذارة ، تطهّروا ونظروا في الكتاب المقدس ففهموا قولَ عزيزٍ قدير (قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) فإذا لم يدخل الإيمان في قلوبهم ، فما الذي دخل إذاً غير الحقد والغدر الذي أودى بحياة الشباب العرب تحديداً ؟ وما الذي جمع ابن سعود مع سايكس وبيكو في خيمة - سنةَ ثلاثَ عشرةَ وتسعمئة وألف – أي قبل نشوء مملكة الغدر ، ومن الذي غيّر اسم (جزيرة العرب ) ومن الذي غيّر اسم فلسطين ؟ ومَن قتل شباب العراق وليبيا وسورية واليمن ؟ ومَن الذي أبدل العمال العرب بالهنود ؟ لاشكّ أن الوعي العربي قد تماثل ، ليفتك بنفايات الجاهلية الأولى ، تلك التي أرضعها النفط شؤم العصور ونذالة الترحال والعبور ، فأظهرت معاصيها بلون الصحارى ، حتى تحدتها دماؤنا فكانت هي الوعي والنقاء ، والغد المشرق والبقاء .
عبدالفتاح أحمد السعدي : كاتب وشاعر عربي فلسطيني سوري