دام برس :

لم تكن تلك القرية الريفية المسماة بـ حرستا في الغوطة الدمشقية سوى بضعة بيوت بسيطة متناثرة وسط بساتين كثيفة، كانت تخلو من كل مظاهر الثراء والتطور بل والتعليم والمعرفة، تحكمها أعراف وتقاليد بعضها أصيل وبعضها الآخر دخيل غريب.بعد عقود من الزمن تحولت تلك القرية إلى مدينة توافد إليها السوريون من كل المحافظات والأطياف، بنوا فيها وأقاموا محالهم وشركاتهم وأبنيتهم السكنية الحديثة، تبنت الدولة تلك القرية وأنشأت فيها بنيةً تحتية وخدّمتها بشكل كامل، فتحول الحرستانيون بنسبة منهم من فقراء أو متوسطي الحال إلى أثرياء بفعل ارتفاع أسعار أراضيهم الزراعية التي أصبح بعضها بمئات الملايين وأحياناً بمليارات.

ورغم الاختلاط المجتمعي الكبير في المدينة، فإن مظاهر التعصب في بعض الأحيان كانت بادية على البعض من السكان الأصليين، لكن ذلك لم ينفي حالة التعايش الجميلة التي كانت بين نسبة كبيرة من الحرستانيين والعائلات الوافدة من محافظات سوريا جميعها.

بدأت الأزمة في العام 2011 وبدأت معها ملامح الانقسام بالتشكل، بدأ الأمر بمظاهرات وترديد شعارات سياسية، مالبثت أن تطورت إلى شعارات طائفية بعد ستة أشهر، مع حالات تهديد للأطياف الأخرى بضرورة مغادرتها المدينة وإلا سيكون القتل مصيرها من قبل ملثمين مسلحين! لم يرض بعض اهالي حرستا بذلك الأمر وكان لهم نصيب من التهديد وفي بعض الأحيان مصير القتل من نفس أبناء مدينتهم!.

بعد مرور أكثر من أربعة أعوام على الأزمة تنقسم حرستا إلى قسمين واحد مع الجماعات الإهاربية، والآخر مع الجيش العربي السوري، وفي آخر مستجدات الوضع الميداني هناك، اندلعت معارك ضارية بين الجيش العربي السوري والجماعات الإرهابية التكفيرية، بعد أن قامت تلك الجماعات بالهجوم على حي العجمي والسيطرة عليه والتقدم نحو المعهد الفني من عدة محاور وبأعداد كبيرة، قام الجيش العربي السوري بعملية مباغتة واستعاد العديد من الكتل الاسمنتية، ونصف المعهد الفني وجزءاً كبيراً من حي العجمي، بحيث زال خطر سيطرة الإرهابيين على المدينة ، وتروي مصادر ميدانية لموقع عربي برس أن حوالي 60 مقاتلاً من جيش الوفاء قد قاموا بالخيانة والانضمام للجماعات المسلحة، من خلال فتح ثغرة من وراء أحد تشكيلات الجيش العربي السوري.

ويضيف المصدر بأن الجيش قام بتفخيخ بعض الكتل الاسمنتية المردومة التي يتحصن فيها العشرات من المسلحين، وقاموا بتفجيرها، وكانت نتيجتها خمسين قتيلاً من الإرهابيين، فضلاً عن مقتل العشرات منهم إثر الاشتباكات التي دارت في حي العجمي وعند المعهد الفني .

عربي برس - علي مخلوف