Logo Dampress

آخر تحديث : الأحد 16 حزيران 2024   الساعة 00:12:50
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
دوما لعنة ’’علوش’’، ومفتاح النصر الناجز

دام برس :

كتب عمر معروبوني في سلاب نيوز .. في المعارك العسكرية يختار القادة عادةً الأهداف الأكثر ضعفاً من الناحيتين الإستراتيجية والعسكرية على أكثر من جبهة من جبهات القتال لاستهدافها وإلحاق الهزيمة بالقوى المدافعة عنها وإسقاطها والسيطرة عليها فيما بعد، وعادةً ما يقومون بحملاتٍ إعلامية موازية لهذه الهزائم بهدف تثبيت النصر والتأثير على الروح المعنوية للمدافعين عن الجبهات الكبرى القوية والناس الذين يقطنون هذه المناطق كمقدمة لمهاجمتها بعد إحداث التراكم النوعي والمعنوي، وهي عادةً المرحلة ما قبل الاخيرة التي تسبق الهجوم النهائي الحاسم.

وبالتأكيد أنّ هذه المقدمة لا تعني قائد "جيش الإسلام" من قريبٍ أو بعيد، الذي مارس عكس ذلك تماماً من خلال استهدافه للجبهة الأكثر حساسيةً والأكثر قوّة بالنسبة للقيادة السورية وهي العاصمة دمشق.

ودمشق إضافةً لكونها عاصمة سورية، يحيطها نخبة قوات الجيش السوري المعدّة أصلاً لمواجهة تقدم صهيوني محتمل.

وهذه الجبهة بالتأكيد هي اقوى الجبهات في سورية كونها لا زالت الجبهة الأكثر صلابة من الناحيتين العسكرية والأمنية، وأعني هنا دمشق الادارية وليس اريافها او ما يطلق عليه بالغوطة.

ومن خلال المتابعة المتواصلة يبدو واضحاً أنّ ما قام به زهران علوش أخيراً من استهداف للعاصمة بوابل من قذائف الهاون والصواريخ لم يكن ذكياً ولا يمت لأبجدية العمل العسكري بأي صلة، فهو اختار الزمان والمكان الخاطئين ويبدو أنه لم يكن يدرك طبيعة الرد وكيفيته التي قام بها الجيش السوري.

ومن المؤكد أنّ ما قام به علوش يندرج في سياق ردة الفعل وتنفيذ أوامر خارجية يُراد منها إحداث ثغرة استراتيجية من الناحية المعنوية لدى القيادة السورية وسكان دمشق.

وردة الفعل هذه جاءت بعد سلسلة من الإخفاقات العسكرية في الغوطة بدأت ملامحها منذ سقوط المليحة وعدرا ومحيطها بيد الجيش السوري، حيث تشكلت معالم جديدة للجبهة العسكرية توازت مع هجرة واسعة للسكان باتجاه مناطق سيطرة الدولة السورية، وهو أمر تنامى بسرعة في الفترة الاخيرة بسبب عدم قدرة الناس على تحمل الاوضاع الصعبة وإجراءات الإيواء التي قامت بها الدولة السورية ما يشجع الباقين على التوجه الى مناطق سيطرة الدولة وتفريغ مناطق سيطرة علوش من سكانها، ما يحرمه أحد أسباب قوته وهي استخدام الناس كدروع، ومن المؤكد أنّ تفريغ دوما ومحيطها من السكان سيتيح للجيش السوري استخدام قوته بشكل اكبر مما هو عليه الآن ما سيعجّل بالحسم اكثر.

إضافةً الى هذا العامل فإنّ الصراعات التي تشهدها الغوطة بين الجماعات المسلحة يشكل عاملاً إضافيًا من عوامل تسريع الحسم، فهذه الجماعات التي بدأت تتآكل قوتها بسبب الصراعات المتواصلة أصبحت نموذجاً مفرطاً في السوء لدى الناس الذين ناصروها منذ سنوات، هذه الجماعات التي قدمت العديد من النماذج المسيئة لم تعد تملك حاضنة جماهيرية كبيرة باستثناء المستفيدين من حالة استمرار الحرب.

وأحد أهم عوامل ضعف هذه الجماعات هو عدم وجود قيادة عسكرية موحدة وجهاز استخبارات موحد، وهو أمر سيجعل من القوات الكبيرة التي تمتلكها هذه الجماعات مجرد جماعات ضعيفة متناثرة مقابل قوات الجيش السوري التي تعمل ضمن نظام سيطرة قوي وفاعل عسكرياً واستخباراتياً، وهذا ما يتأكد من خلال إنجازات الميدان.

قد يتساءل البعض ولما يستغرق الجيش السوري كل هذا الوقت لتحرير الجغرافيا؟
وأجيب باختصار عن هذا الأمر وهو موضوع كنت قد أثرته كثيراً وأسهبت في شرحه سابقاً، وببساطة لأنّ الجيش السوري المعد أصلاً لمواجهة الجيوش النظامية وعلى جبهتين بالحد الأقصى يقاتل في أكثر من 2000 موقع قتال بتشكيلات تبدأ بالمجموعة ولا تتجاوز السرية، وبأنماط قتال مختلفة تماماً عن أنماط قتال الجيوش النظامية، وهو أمر تمّ استخلاص عبره وتطويره خلال العمليات القتالية، وهو نوع من المواجهات يستغرق وقتاً كبيراً لأنّ ساحته هي التجمعات السكنية والأبنية والأنفاق والعبوات وغيرها من الأساليب فوق الارض وتحتها.

في الجانب العسكري تبدو جبهة دوما هذه الأيام مختلفة تماماً عما كانت عليه قبل سنة، وهي جبهة استطاع الجيش السوري فيها الاقتراب كثيراً من خطوط الدفاع الأولى عن دوما وبات يهددها بشكل اكبر.
واذا ما تذكرنا طبيعة العمليات التي جرت في المليحة والوقت الذي استغرقته، فإننا بالتأكيد سنكون أمام سيناريو مشابه لجهة اقتراب وحدات الجيش السوري وتنفيذ عملياتها مع عدم قدرة احد على تحديد عامل الوقت الذي ستستغرقه هذه العمليات رغم الانهيارات المتتالية التي شهدتها جبهات الغوطة.
ففي الوقت الحالي يبدو أنّ الجيش السوري ينفذ عمليات اقتراب على اكثر من محور من محاور المجابهة مع دوما وهي محاور: مخيم الوافدين وتل كردي وتل الصوان.

والتقدم من هذه المحاور والسيطرة عليها وخصوصاً تل الصوان يعني أنّ نية الجيش هذه المرة هي السيطرة على دوما بالنار المباشرة وبواسطة الاسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة والمدفعية المباشرة المتنوعة، وإنّ حصول هذه السيطرة ستمكن الجيش السوري من انتقاء اهدافه وعزل اقسام دوما عن بعضها والتحكم بحركة الجماعات المسلحة داخلها وتحييد المدنيين بأكبر قدر ممكن عن الاصابة بنيران الاسلحة الثقيلة والطيران، التي تستخدم حالياً كون مرابض "جيش الاسلام" تطلق قذائفها وصواريخها من بين المنازل ما يجعل أي عملية رد من الجيش السوري سواء بالمدفعية الثقيلة أو الطيران يعرض المدنيين للخطر.

إضافةً الى هذا الهدف المرتبط بدوما فإنّ السيطرة على تل الصوان سيساعد الجيش على التحكم بحركة الجماعات الداخلية بين دوما وجوارها وصولاً الى جوبر التي ستكون في هذه الحالة عرضة لنقص الامدادات.
على الارجح، إنّ الجيش السوري اختار هذه المرة نمط تقطيع الاوصال وهو أمر كان متعذراً سابقاً للعديد من الأسباب.

وخلال هذه العمليات القادمة فإنّ أصوات اهل دوما سترتفع اكثر بوجه علوش الذي سيرتفع منسوب توتره وردود فعله ما سيجعله يقوم بالعديد من التصفيات بحق معارضيه وبحق الاهالي المعترضين وهي دماء ستكون بمثابة اللعنة عليه حياً وميتاً.

علوش الذي اختار دمشق هدفاً له لا يعلم انه سيكون في المرحلة القادمة أسير الانفعال الذي سيكون السبب الرئيسي في تعجيل نهايته، وهو انفعال وتردد بدى عليه واضحاً خلال مقابلته الأخيرة مع قناة اورينت، حيث لم يستطع تبرير ما قام به لجهة قصف دمشق وقتل المدنيين.

ختاماً: بين لعنة دماء أبناء دوما وأبناء دمشق وضربات الجيش السوري ستتشكل مرحلة جديدة تؤسس لنصر ناجز للدولة السورية، لا أستطيع أن أدّعي كم سيستغرق من الوقت، ولكني أستطيع أن أدّعي أنه نصرٌ محتم استنادًا لمسار الميدان ووقائعه.

 

الوسوم (Tags)

الجيش   ,   السوري   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz