دام برس :
كتب عصام سلامة في سلاب نيوز .. لعب تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية والملقب بـ"داعش" دورًا رئيسًا في أحداث الفوضى بالمنطقة العربية على مدى السنوات الأخيرة، وكان له التأثير الأكثر قوة في محاربة الدول العربية، وتحديدًا تلك الواقعة على الحدود مع الأراضي المحتلة، أو تلك التي لا تزال رافعة رايات المقاومة والحرب ضد الكيان الصهيوني. في حين لم يتطرق ذلك التنظيم إلى أي من الدول التي تربطها علاقات وثيقة باللوبي الصهيوني العالمي، سوى في بعض الأحداث المتفرقة التي تجلت بانفجارات متنقلة تحمل رسائل تحذيرية وقد تكون سياسية لا تقارن على الإطلاق مع ما يفعله في باقي الدول.
إنّ "داعش" يسير بالقطع على مخطط مرسوم ومحكم وضع منذ سنوات عديدة، وانتظر المولود الجديد المنفذ له في التوقيت المناسب، وبعيدًا عن أية وثائق تثبت النسب الداعشي إلى الصهيونية، فإنّ الشواهد الحية والمرئية لا تدع مجال للشك في أنّ ما يفعله التنظيم يستهدف في حده الأدنى إنهاك الجيوش العربية التي تمتلك القدرة على المواجهة في أية حروب مستقبلية، فهو يجرد تلك الجيوش من مقدرتها على خوض الحرب، أو حتى التلويح بها، ويستنزفها في معارك على أرضها ويدمر البنى التحتية للبلاد، ويزرع صراعًا بين أبناء الدولة الواحدة طائفيًا ومذهبيًا.
هو حديث قيل ويقال ولا جديد فيه، لكنّ العجيب بحق هو صمت تلك الدول التي تواجه هذا الخطر الداعشي عن أي تحركات وحدوية على المستوى العسكري، وليس المقصود بالوحدوية هنا التنسيق القائم بالفعل، فالخطر الراهن لا يمكن مواجهته بمجرد الاكتفاء بتنسيق استخباراتي وأمني وإن كان على أرفع المستويات، وهو قائم بالفعل لا يمكن تكذيبه، ولكن الأصح هو حرب حقيقية تخوضها الجيوش العربية موحدة ضد "داعش" ومن وراءها.
في بداية الأمر -ولا يزال- يتحمل الجيش العربي السوري منفردًا الحرب نيابة عن الأمة العربية بأكملها، حين كانت باقي الجيوش تقف موقف المتفرج مما يحدث، بعضها منهمك في أحداث داخلية، وبعضها الآخر ينتظر القرار السياسي السيادي.
ومع توغل الخطر الداعشي، وجد الجيش المصري أنّه لا مفر من الحرب ضد التنظيم الإرهابي، فخاض ويخوض المعركة على أرض سيناء، ليحول دون إعلان التنظيم ولاية تابعة له في الأراضي المصرية، كذلك وجد الجيش بالعراق المعركة تنتقل إلى أرضه وتنتشر بسرعة البرق.
هي جيوش سورية ومصر والعراق، الجيوش التي طالما حلم أعداء الأمة بتحطيمها، كي تصير لهم السيادة واليد الطويلة.
وبدلاً من أن تضع تلك الجيوش الأيادي سويةً في العلن وتعلن حالة الحرب وتدك معاقل التنظيم بخطة موحدة، بقي كل جيش في معركة محصورة داخل حدوده.
سورية لا تمانع ولا تقف حائلاً أمام هذه الوحدة العسكرية، ولا أظن أن العراق سيقف موقفًا معارضًا، فيظل الأمر عالقًا في يد القرار والرغبة المصرية، التي اتسمت سياستها المعلنة في الشهور الأخيرة بنوع من التراجع على المستوى الدبلوماسي، في دعم سورية على سبيل المثال للتصدي لتلك العصابات التكفيرية. وعلى الرغم من خوض الجيش المصري الحرب ضد المرتزقة بسيناء، إلا أنّ الدبلوماسية المصرية فتحت لسماسرة الحرب على سورية الأبواب وقاعات المؤتمرات، وأخرجت من القاهرة وثيقة "عار" تتحدث عن رحيل النظام السوري.
وفي نفس التوقيت، تبحث مصر مع المشيخات الخليجية التي تتشارك في المؤامرة على سورية وتدعم الإرهاب وتموله، ما يطلق عليه بقوة عربية مشتركة لمحاربة الإرهاب، يتحدثون عن قوة يتشارك فيها آل سعود وعدّة دول تعلن دومًا عداءها لسورية ودعمها للعصابات المسلحة.
ومع اليقين بأنّ مصر ترفض ما تسعى إليه مملكة آل سعود، من حل عسكري في سورية، نجد تصريحات الخارجية المصرية في سياق مخالف تمامًا، حيث تتحدث دومًا عن توافق مصري سعودي، ومحاولات مستمرة بمناسبة وغير مناسبة، لتكذيب أي خلاف بين مصر وآل سعود، وكأنها جريمة شنعاء أن تختلف مصر وتعارض العائلة السعودية.
إذا كان أصحاب القرار لم يطلقوا قرار الوحدة أو لم يفكروا به من الأساس، وتحديدًا مصر، فعلى الشعب العربي إطلاق الدعوة، والمبادرة بضرورة الوحدة العسكرية، والضغط بتشكيل رأي عام على النظام المصري للخروج من شرنقة دويلات الخليج المتآمرة، والدخول إلى خندق العروبة ومحور المقاومة، على النظام المصري وضع يده علانية في يد النظام السوري، وكما كانت في حرب أكتوبر حالة من حالات الوحدة ضد العدو الصهيوني، يجب أن تكون اليوم الوحدة لقتال العدو الداعشي المنفذ لمخططات الصهيونية، ولكنها حرب لا يخذل فيها أحد، ولا يعلن فيها وقف القتال من طرف دون آخر. حرب حقيقية حتى القضاء على التنظيم المتصهين "داعش"، علينا إذن أن نرفع شعار "يا جيوش العرب اتحدوا".