دام برس :
تشغل قضية انضمام المراهقين إلى صفوف تنظيم داعش الأوساط السياسية والاجتماعية في أوروبا، المسألة بالنسبة للتنظيم عملية لابد منها لضمان بقاءه على خارطة الحدث، فيما تواجه حكومات الدول المصدرة للجهاديين خطر ارتدادهم، فقضية أن تستمر الحرب في سوريا والعراق ضرب إلى مالانهاية ضرب من الخيال، كما أن مسألة القضاء على كل الجهاديين في الحرب داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى مسألة عدمية والحديث عنها ضرب من الخيال.
أحد الجهاديين السابقين تحدث لقناة CNN الأمريكية مؤكداً أن من أهم عوامل تجنيد المراهقين في صفوف داعش هي الجنس، فالقضية بالنسبة لأبناء المجتمعات المغلقة أو الفقيرة باتت حساسة لدرجة تثير التساؤل حول الأسباب التي تدفع فتيات أو شبان مقيمين في دول من المفروض أنها ذات اقتصاديات قوية أو واقع اجتماعي أقل تعقيداً من الدول الإسلامية لا تتحول فيها الاحتياجات الطبيعية للإنسان كالجنس إلى "وحش يفترس الباحثين عنه"، فقد يكون الأمر مبرراً في مجتمع مثل المملكة السعودية التي تتبنى ذات النهج التكفيري الذي يتمسك فيه تنظيم داعش، كما أن المملكة التي تصور نفسها على أنها واحدة من أكثر الدول قوة اقتصادية في الشرق الأوسط لا تعنى بالشأن الداخلي و يمكن لوزير الاقتصاد فيها أن يبرر البطالة بأنها واحدة من "سنن الله في المملكة"، وهذا ما يدفع إلى السؤال الحقيقي عن الواقع الذي يأتي منه الجهاديين إلى سوريا والعراق للانضمام إلى صفوف داعش.
القضية بالنسبة للمراهقات تنبع من البحث عن زواج في ظل انغلاق مجتمعاتهن، فالمسلمون في بعض الدول الأوروبية إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية يعانون في معظم الأحيان من الرفض المجتمعي الذي عملت على تكريسه الحركات الصهيونية بعيد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمر، الأمر الذي أجبر الجاليات المسلمة على الانغلاق والابتعاد عن التصادم مع المكونات الأخرى في هذه المجتمعات.
خلايا تنظيم داعش المنتشرة في الولايات المتحدة و دول أوروبا تمتلك منهجية وآليات تجنيد تنطلق في عملها من مواقع التواصل الاجتماعي، تصل في تتاليها وعروضها المغرية بالوصول بالمراهقة إلى اتخاذ قرار السفر للزواج بأحد مقاتلي داعش الذين يطلقون على أنفسهم تسميات إسلامية ويعمل تنظيم داعش على تصوير مقاتليه "العرسان" على أنهم أبطال خارقين في القتال وهذا ما قد يغري الفتيات المتواجدات ضمن مجتمعات محاصرة بالعديد من القيود المجتمعية، في حين أن تعدد الشريكات جنسياً من خلال فتاوى "جهاد النكاح" والزواج وما قد يمتلكه الجهادي من سبايا إثر المعارك على أنهن غنائم من حقه الحصول عليها إثر منجزاته في القتال فكرة تغري أبناء هذه المجتمعات التي لا تختلف الصورة فيها بين مجتمع وآخر من الدول المصدرة، فالفقر الذي يمنع الشاب من الوصول إلى اتخاذ فكرة الزواج إضافة إلى جملة من برامج التفقيه الديني على الطريقة الخاصة بداعش توصل هذا الشاب إلى الاقتناع بفكرة التحول إلى آلة قتل مقابل الحصول على "الجنس المقدس".
التقارير الإعلامية الواردة من أوروبا تؤكد أن أعداد المنتسبين إلى صفوف داعش في تزايد مستمر، الحال في أوروبا لا يختلف عن أمريكا أو عن الدول الخليجية أو دول الاتحاد السوفيتي السابق، فـ 93 دولة حول العالم تصدر الجهاديين نحو «عش الدبابير»، و المنهجيات التي تستخدمها داعش في التجنيد هي منهجيات ذات دراية بعلم النفس و موضوعة من قبل خبراء مختصين في تغير ميل الإنسان وتوجيهه بما يخدم مصالحهم، ولايستبعد أن يكون داعش قد استخدم تقنية الرسائل الـ "فوق سمعبصرية" ليتمكن من التحكم بـ "اللاوعي" عند المستهدفين في عمليات التجنيد للوصول إلى مرحلة يوازن فيها المستهدف للتجنيد بين التوحش مقابل الجنس والحياة الطبيعية، وترجح الكفة الأولى عنده دون تردد.
عربي برس