دام برس - وسيم قشلان:
كنا قد أشرنا في تقريرنا السابق أن سجن حلب المركزي كان من أهم المناطق التي شهدت معارك طوال السنة الماضية في حلب، حيث حاصره المسلحون وقاموا باستهدافه بعدة هجمات، حصار جبهة النصرة ولواء التوحيد منع الإمدادات الغذائية والطبية عن نحو أربعة آلاف سجين، عدا عن القوات المرابطة في السجن.
ولكن مع نهاية شهر أيار/مايو الماضي تمكن الجيش السوري من فك الحصار عن السجن بعد أن دام ثلاثة عشر شهرا، حصارٌ خلّف مقبرةً اتسعت لنحو 865 قتيلاً، منهم من قتل برصاص المسلحين أو بشظايا قصف السجن، وبعضهم قضى جوعاً أو مرضاً ولا سيما مع تفشي السل داخل أسوار السجن.
و تشكل الأيام المقبلة منعطفا كبيرا في معركة الشمال ، التي بدأت قبل عامين ونصف بهجوم الميليشيات المسلحة من الارياف القريبة ، واسقاط باب الهوى وباب السلامة ، وغيرها من المعابر نحو تجمعات المسلحين في قلب المدينة والريف الحلبي.
ومع استعادة مزارع الملاح الشرقية يكون الجيش السوري قد اقترب من إكمال طوقه حول معاقل المجموعات المسلحة شمال شرق حلب.
المعركة الاخيرة، ستكون الوصول الى غرب هذه المزارع التي تحد حندرات غربا، وتضع الكاستيلو شريان الإمداد الأخير للأحياء الحلبية الشرقية تحت السيطرة ، وتعزل المسلحين في المدينة عن خط الامداد الممتد نحو حريتان وعندان حتى باب الهوى.
ميدانيا، لم يعد أمام المجموعات المسلحة الممزقة سوى العودة من حيث أتت قبل عامين ونصف عندما غزت المدينة الموالية بمعظمها واعادة تجميع قواتها في الريف الشمالي الشرقي، بعد ان اصيبت بنكسة كبيرة في الدفاع عن خطوط الامداد واخفقت في تفعيل غرفة عمليات مشتركة، وتحييد الخلافات بين جبهة النصرة واحرار الشام وجيش المجاهدين.
من المنتظر أن تتوجه أرتال للجيش السوري، نحو بيانون التي عزلت عن عمقها الحلبي والتمهيد لإسقاطها، لفك الحصار عن نبل والزهراء.
لكن من المبكر الحديث عمّا إذا كان الجيش السوري سيتابع المعركة نحو الأحياء الداخلية في الشعار والشيخ سعيد وبني زيد وهنانو وصلاح الدين وبستان القصر وغيرها، حيث لا يزال المسلحون متمركزين، وحيث لا يزال عشرة بالمئة من أهل المدينة يقيمون فيها اي نحو ٢٠٠ الف حلبي.
لكن تكتيك القضم وتثبيت خطوط الاسناد لا يزال هو المرجح، حيث سيواصل الجيش التقدم ببطء نحو النقاط المشرفة والعقد الاستراتيجية لتفادي الخسائر الكبيرة في المعركة، خصوصا و أنَّ الاحياء الحلبية الشرقية تعرضت لدمار كبير تحت القصف المتواصل، وتحولت الى كتل خرسانية لن يكون من السهل القتال بين ازقتها.
يأتي هذا التقدم العسكري للجيش السوري في ظل الخطة التي وضعها المبعوث الأممي إلى سوريا "ستيفان دي مستورا" حيث يأمل الجيش السوري بإيجاد واقع ميداني يكمل فيه إحكام الطوق على مواقع المسلحين شرق مدينة حلب.
ولكن هل قررت تركيا نسف خطة دي مستورا بتجميد القتال في حلب ؟
الأتراك حشدوا كل أوراقهم لمنع تمرير خطة تجميد حلب، "زهير الساكت" قائد المجلس العسكري في حلب أعلن أن الجيش الحر لن يقبل بها.
حركة حزم التي يفترض أنها الأقرب للولايات المتحدة التي سلحتها ودعمتها وزودتها بصواريخ تاو رفضت الخطة، ما يعني أن تركيا تمسك تماماً بقرار جميع القوى في الشمال.
في النهاية فإنَّ إعادة تشكيل المشهد في الشمال السوري أصبح يمر أيضاً بإخراج كل القوى التي تعرقل بسط يد النصرة على المنطقة، المعارك التي جرت في المنطقة وتصفية الألوية القريبة من "جمال معروف" تحت مسميات درء المفسدين تشير إلى قرار وضع المنطقة في أيد أمينة فضلاً عن أنه سيكون صعباً على أي جهة دولية التفاوض مع النصرة الموضوعة على لائحة الإرهاب، ما يعني أن أي هدنة لوقف إطلاق النار أو تسوية ستكون شبه مستحيلة مع جماعات ممنوع التفاوض معها لأنها موسومة بالإرهاب.