دام برس:
بعيداً عن كل ملابسات حرب تشرين، كان لمعركة اقتحام مرصد جبل الشيخ دويا مميزاً وتم تدريسها في معظم الأكاديميات العسكرية في العالم كحالة خاصة جداً نظراً لاستحالة تحقيقها من الناحية العسكرية والنظرية من جهة ونظراً للملابسات شديدة الخصوصية التي رافقتها من جهة أخرى.
لم يكن والدي قائداً للكتيبة بل كان نقيبا في التاسعة والعشرين من عمره وانتخبه القدر بطريقة عجيبة ليقود شرف الاقتحام وشرف رفع أول علم سوري على جبهة صهيونية في تاريخ حربنا مع الأوغاد.. كما كانت بامتياز معركة الضباط حيث قادوا الهجوم الأول في طليعة جنودهم واشتبكوا مع العدو وجها لوجه وبالسلاح الأبيض، وكان والدي مع الملازم أول البطل نايف العاقل من السويداء والملازم أول البطل صبحي الطيب من ريف حمص أول من خطا داخل المرصد، و في اللحظة التي قام فيها والدي بتمزيق العلم الصهيوني ورفع العلم السوري مكانه تعرض لرشقة رشاش تلقاها بطل من دير الزور بصدره فداء لقائده وكان أول شهداء العملية..
الدخول الى المرصد تم من الباب الرئيسي جهاراً نهاراً.. وأسرى العملية وعددهم كبير جداً تم إخراحهم كالجرذان من جحور المرصد بواسطة القنابل الدخانية وتم ربطهم على التسلسل بكابل تلفونات -لعدم توافر الأصفاد أو حتى الحبال- وإرسالهم الى دمشق سيرا على الأقدام..
حوت كتيبة المظليين أبطالا من جميع محافظات سوريا كانوا قلباً واحداً وصنعوا المستحيل معا.. وتم التعتيم على بطولاتهم ودفنها ودفن كل ما يتعلق بتلك العملية وتشويهه بشكل متعمد لسنوات طويلة كما هي العادة في التعامل مع الأبطال عبر التاريخ..
النقيب محمد الخير من القرداحة والملازم أول نايف العاقل من السويداء والملازم أول محمود معلا من اللاذقية والملازم أول صبحي الطيب -الشهيد الحي- من ريف حمص، والمجندين الأبطال أحمد طيبا من مصياف ومحمد الفرخ من دمشق-الميدان ورسمي قويدر من القنيطرة ويوسف الحزوري من صافيتا وياسين العلي من اللاذقية-عين الشرقية والشهيد عماد زغبور من وادي النصارى والشهيد هيثم الخير من القرداحة وجميع أبطال كتيبة المظلات كان لكل فرد منهم بطولته الخاصة والموثقة بتفاصيلها وذرا حرمون شاهدة عليها.
رغم كل الظلم الذي حاق بأبطال جبل الشيخ لا بد دوماً من التذكير بأنه لم ينضم ولا واحد منهم ولا من عائلاتهم النبيلة الى ثورة العهر والعار التي قادها الإمعات والشواذ ضد بلدنا وتاريخنا ووجودنا.