دام برس :
تكتيك داعش القتالي الذي بات استراتيجية ملحة اليوم بالنسبة للتنظيم الذي يواجه فشل ذريع في كل من سوريا و العراق يعتمد على الانتحاريين في عمليات رفع المعنويات لمقاتليه في حالات الهزائم المتكررة، و هو ذات السيناريو الذي تمارسه داعش في كل البلدين.
الهزائم المتكررة للتنظيم في مناطق العراق دفعته إلى رفع سقف الوحشية في ممارساته للتغطية على فشله و الإبقاء على معنويات مقاتليه عالية بتحقيق انتصارات دموية أو بمنحهم مكتسبات شخصية كتزويجهم من نساء جميلات، أو منحهم سبايا كما هو الحال في الموصل بعد فتح سوق لبيع النساء بعد قتل الرجال.
أو أن يقوم التنظيم بتحقيق دفع معنوي لمقاتليه بتدمير المراقد المقدسة لشخصيات لها وقعها في تاريخ الإسلام إنسانياً، والتي يصنفها تحت قائمة البدع التي يحاربها لنشر العقيدة الوهابية.
و لا يمكن للتنظيم الدموي أن يستغني عن تحقيق الأرقام الكبيرة في عدد الضحايا من خلال التفجيرات الإرهابية التي يستهدف بها الأسواق الشعبية أو الأماكن الدينية، و الحديث هنا يشمل كل الأراضي السورية و العراقية.
يتكامل هذا التكيتك باستخدام منظومة إعلامية يعمل من خلالها داعش مع قادة ممارساته الدموية، فينهج التنظيم على الترويج لممارساته عبر وسائل التواصل الاجتماعي و التي يخترق بها المعايير التي تضعها الشركات المؤسسة و المالكة لهذه المواقع كـ "فيسبوك و تويتر و يوتيوب"، لكن أي من هذه الشركات لا تقوم بمتابعة عملها باتجاه هذا التنظيم، و لا من يماثله في الوحشية من التنظيمات التي أفرزها وجود القاعدة، و التي تفترض معايير النشر عبر هذه المواقع أن يتم حذف المشاهد الدموية و الإرهابية و غير الأخلاقية من صفحات هذه المواقع، لكن المعايير تبقيى و ستبقى وفق ما ترتضيه الإدارة الأمريكية، التي يهمها أن يروج هذا التنظيم لوحشيته بغية تحقيق الهدف من إنشائه، فهي المستفيدة الأكبر لتحقيق مشاريعها في المنطقة، مع التذكير هنا بأن وزير الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون نشرت في مذكراتها اعترافاً خطيراً بأن التنظيم يحمل ختم صنع في امريكا.
نشر صور الرؤوس المقطوعة و السبي و التفجيرات الإرهابية التي حصدت و تحصد الآلاف من الأرواح في سوريا و العراق، هي من تكتيكات التخويف التي تعمل الولايات المتحدة على إعادة تفعيله لدى التنظيم الذي بدأ يفقد أهمية وجوده في المنطقة، و بالتالي فإن المشروع الأمريكي الذي كلف الخزينة الأمريكية و الخزائن الخليجية أرقاماً مرعبة من المال، بات قاب قوسين أو أدنى من الفشل، فالضربات الموجعة التي يتلقاها التنظيم في كل من سوريا و العراق، وانسحاب ميليشياته من عرسال اللبنانية بسبب وقوعه بين فكي كماشة سورية- لبنانية، دفعت التنظيم إلى تفعيل دمويته، و الانتقال المفزع في استراتجية استهدافه للأقليات في شمال العراق من مسيحيين و تركمان و إيزيديين، قابلته خطوات أوروبية باحتواء المسيحيين، ما يعني أن ثمة تنسيق عالٍ بين هذا التنظيم و أجهزة مخابرات عالمية تتلقى توجيهاتها من أميركا بشكل مباشر.
لكن بقية الأقليات متروكة لمصيرها المحتوم، الموت للرجال و السبي للنساء، وهنا يفرض السؤال نفسه، حول ماهية العقيدة التي يتمثلها التنظيم بما إن الإسلام دين يدفع إلى احترام الإنسان، وعلى اعتبار أن هذا التنظيم يدّعي زوراً تمثيل السلف الصلح، فأين هو من حديث عمر بن الخطاب حين قال جملته الأكثر تداولاً (متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ).
عربي برس