دام برس - ريتا قاجو :

"من المستحيل أن يتعايش الحب مع الكراهية في القلب نفسه..إنهما متناقضان تماماً تناقض الحياة والموت..الحب والكراهية لا يمكن لهما أن يوجدا في القلب نفسه أبدا".
هكذا قال المعلم الروحي الهندي "أوشو" ، عرّاب ثقافة المحبة والتصالح مع الذات عبر العصور، تلك الثقافة القديمة قدم الوجود والأخلاق والأديان، العنوان البراق لكل مذهب وفلسفة وفكر وتيار وحزب وأمة.
على هذه الأرض المقدسة تناثرت أغنيات عشتار آلهة الحب والطهر والجمال، وقالوا أيضاً أن كل دروب السلام تؤدي إلى أرض الشام، وعن الورود قصوا قصصاً عن الياسمين الدمشقي.
عزيزي أوشو لعلّك خبت هذه المرة ! فالنقيضان اليوم اجتمعا على ذات الأرض، الورود والرصاص، المطر وقذائف الهاون، التراب المقدس والدماء، سنابل القمح والعبوات الناسفة، الأرض التي صدرت السلام للعالم والعالم الذي صدر الحرب لأرض السلام !
أربع سنوات مرت والحرب مستمرة، حرب لا تخيفك من المستقبل فقط لأنه مجهول ، بل تخيفك من ماضيك لأنها تنسيك الذكريات الجميلة، يوم التقيت بحبك الأول في إحدى حارات دمشق القديمة، أو ربما على شاطئ طرطوس واللاذقية، ولعلك صادفت الحب وأنت تجول شوارع الشهباء، أو أحببت فلاحة صبية في موسم قطاف الزيتون الإدلبي، وربما غافلك الحب لأول مرة في شارع العشاق في حمص !
يا صديقي ..في دمشق رأى محمود درويش لغته مكتوبة على حبة القمح، رأى الغريب ينام على ظله واقفاً فلا يحن إلى بلد أو أحد، في دمشق تغيرت جغرافيا جسد نزار قباني فأصبحت كريات دمه خضراء وأبجديته خضراء، يعود إليها ممتطياً أجمل حصانين في الدنيا حصان العشق وحصان الشعر، ونبض الشآم اهتزّ في خلد فيروز، فكان صوتها من بردى، في دمشق رأى الرسول والمسيح الطهارة والخلاص والبعث الجديد.
وللأسف يا صديقي في دمشق أيضاً ، وجدت خفافيش الظلام مدخلاً على غفلة من وعينا، لتعيد عصور الجاهلية والبربرية، في دمشق سقطت القذائف على بقايا الياسمين، تناثرت دموع الأطفال فوق أجساد آبائهم الشهداء، وفي دمشق رفعوا صوت صواريخ حقدهم ليعلو صوت المآذن وأجراس الكنائس، في دمشق تعانقت الحضارات فأتى من يحاول فك عناقها بالسيف والساطور.
في سوريا ، ستنبت الأزهار من رحم التراب الذي داسته أقدام جيشنا، نعم عزيزي المواطن
" لكرههم جولة ولحبنا جولات" !