دام برس - ريتا قاجو :

بابا نويل.. بدقنه البيضا  وتيابه الحمرة وكيس الهدايا على ضهره ، هالشخصية الي ما فارقت أحلام ومخيلة واحد منا وقت كنا صغار، كنا نستناه بليلة راس السنة، ونتمنى أحلا الهدايا، مين منا ما صحي من النوم شي يوم لما كان طفل وشاف هدية على سريره ولما سأل جاوبوه أهله " أنت ونايم زارنا بابا نويل وتركلك هالهدية" ؟!
واليوم كبرنا، وبابا نويل كبر معنا، وما عم يفارقنا ! بلحظات الخوف والضعف واليأس ، كل البشر على اختلاف مستواهن الثقافي والعمري، بيلجؤوا للأحلام، للسما، لأي قوة خفية، تحقق الي بيتمنوه، وترجع البسمة المسروقة، واليوم بسوريا، وبعد الحرب ببلدنا ، بابا نويل رفيق مخيلة الكل ، من الطفل للكبير .
الحرب بتغير مو بس الأرض والحدود ولون السما والبحر، الحرب بتغير طريقة تفكيرنا، وبتحط سقف لأحلامنا، ويمكن تقضي عالحلم تماماً ، قبل أربع سنين كل واحد فينا كان عندو أحلام "كبيرة وصغيرة"، أما اليوم صارت أصغر الأشيا والحاجات العادية أحلام كبيرة ومنتهى طموح كتير منا.
اليوم مثلاً يمكن تلاقي أحلا هدية جرة غاز، أو لتر مازوت، واذا كتير حبيت تطلب وتتمنى، يمكن تطلب من بابا نويل مولدة، لأنك نسيت شو يعني كهربا ! أو ممكن تطلب باص كبييييير ما بيمتلي قد ما طلع فيه ركاب، ويكون ناطرك كل يوم وقت تروح عالشغل ووقت ترجع منو، حتى ما تضطر تمشي تحت الشمس أو المطر، أو يروح كل راتبك أجرة تكاسي !
حتى الأطفال الصغار، يمكن أحلامهن صارت بتشبه أحلامنا، حتى الألعاب صارت كماليات بالنسبة إلهن، ويمكن يكونوا ناطرين من بابا نويل أشيا أهم ، يمكن مريول للمدرسة، أو دفاتر واقلام، او يمكن يتمنوا مدرسة كاملة ! بعد ما انحرم كتير من أطفالنا من الدراسة بسبب الحرب.
عرفتوا ليش بابا نويل ما زارنا من أربع سنين؟ مو لأنو بيخاف من "داعش" تدبحو وهو عالطريق، ولا لأنو نحن وأطفالنا ما منستحق البسمة، ولا لأنو الرب حرّم السلام على سوريا، ولا بسبب الحدود وجوازات السفر، والإرهاب الي عم يخنق هالوطن المسكين، ببساطة بابا نويل ما بيقدر يزورنا ، لأنو ختيار، وما بيقدر يحمل أحلامنا على ضهره، لأنو كيس الهدايا بيوسع بس للورد والألعاب، ما بيوسع لجرات الغاز وخزانات الكهربا ، ببساطة صارت أمنياتنا صغيرة القيمة بس كبيرة الحجم ! وممكن تسبب لهالختيار ديسك ما ينشفي منه !
وقلك سر ... يمكن البعض بيتمنى تكون الهدية وطن, وطن بيشبه سوريا بكل شي، بالارض والبحر والسما، بالناس والأهل، بالتاريخ الكبير، بس بدون رصاص وسواطير، سوريا القديمة الحلوة، وكيس بابا نويل اصغر بكتييييير من أنو يحمل وطن بحجم سوريا، وبجمال سوريا، لهيك قرر يعلق "علاقاته الدبلوماسية " معنا حتى إشعار آخر !