دام برس - وكالات
أكد السيد الرئيس بشار الأسد، أمام وفد "تجمع العلماء المسلمين في لبنان"، برئاسة رئيس مجلس الأمناء الشيخ أحمد الزين، أن الولايات المتحدة تحاول تغطية انسحابها من العراق عبر افتعال المشكلات في سوريا، قبل أن ينتقل الى الوضع الداخلي السوري.
وطلب الرئيس الأسد، في اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات حسب ما نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية، وبدأ بمطالعة قدمها أمين الهيئة الإدارية الشيخ حسان عبد الله عن تاريخ التجمع ودوره في لبنان وعمله في الأوساط الإسلامية، التدقيق في مصطلح الإسلاميين، مفضلاً تعبير المسلمين، ثم اعترف بأن سوريا أخطأت في التعامل مع كل المؤسسات الإسلامية كأنها واحد، "والآن نعيد النظر في أسلوب التعامل مع الكل، وقد أسسنا قناة إعلامية باسم نور الشام إسلامية متخصصة، ونحن نسعى الى تبديل التضييق الذي ساد في الماضي بتوسيع على المسلمين السوريين".
وحول امكانية الحوار مع حركة الإخوان المسلمين، عرض الرئيس الأسد العلاقة مع حركة الإخوان ليقول فتحنا سابقاً أبواب الحوار مع الإخوان عدة مرات، إلا أننا لم نصل الى نتيجة، وكان ذلك بفعل تشبث الإخوان برأيهم، وبعدها أيضا كنت مستعداً للحوار انطلاقاً من مرحلة حماه، وصولاً الى الحاضر، ولم أكن انوي تجنب اي نقطة أو مرحلة، لكن اليوم نحن غير مستعدين للحوار معهم ما لم يتخلوا عما هم فيه.
ولكن الرئيس الأسد ميّز في حواره مع العلماء ما بين مجموعات الإخوان في سوريا وما بين الموقف السوري من حركة حماس، مؤكداً أن الحركة تحت الاحتضان الكامل وتحظى بالدعم الكامل، ولا نربطها بالأطراف المتدخلة في الأحداث، وهي حركة أساسية في القضية الفلسطينية، ويتم التعامل معها من هذا المنطلق.
ويضيف الرئيس الأسد أن الجو المذهبي لم يكن موجوداً في سوريا، وكانت السلطات تتعامل مع اية محاولة لإثارته بحزم، لكن هناك من عمل على إشاعته، واليوم انحسر هذا الجو الى منطقة حمص فقط.
وأشار الرئيس الأسد الى الموقف الاستراتيجي لدى روسيا تجاه سوريا، حيث يراهن البعض على امكانية تحول في الموقف الروسي الداعم لسوريا، ووافق الرئيس الأسد على التحليل الذي قدمه احد زواره، قائلاً ان ما قدمته روسيا كان استراتيجياً، ولن تتراجع عنه، وهم اليوم معنا في هذه المعركة.
وأضاف: لا ثمن يمكن تقديمه لروسيا يوازي خسارة سوريا ودورها في المنطقة، فخسارة الدور السوري يعني خروج روسيا نهائياً من الشرق الأوسط، وكاشف ضيوفه قائلاً أن سوريا لم تكن متشجعة للموافقة على وثيقة جامعة الدول العربية، إلا أن القيادة الروسية تمنت موافقة سوريا عليها لتخفيف الضغط على سوريا ولإيجاد بيئة أكثر ايجابية، وهو ما حصل فوافقت دمشق على البروتوكول.
وتابع موضحاً إن معركة سوريا ليست ضد العرب، ولا تهتم سوريا بالتحركات العربية التي تجري حالياً، وبعض الدول العربية غير مقتنعة بالموقف الذي أبدته في جامعة الدول العربية ضد سوريا، وقد تلقينا العديد من الاتصالات من دول عربية أكدت أن شيئاً لن يتغير في العلاقات الثنائية بعد صدور قرار العقوبات بحق سوريا، خاتماً بالقول ان الزعماء العرب سيأتون الى دمشق ليعتذروا في النهاية.
وأبدى الرئيس الأسد استغرابه لموقف السودان من سوريا، وخاصة أن سوريا لطالما دعمت السودان خلال الفترة الصعبة التي مر بها والعقوبات التي تعرض لها، لكنه في النهاية وافق على العقوبات ضد سوريا.
وتطرق الضيوف الى الإعلام السوري ومدى تقصيره في إظهار الحقائق الى العالم، وخاصة لناحية بعض ما يرد فيه من مستوى خطاب سياسي، مشيرين الى عدم الكفاءة في التعامل مع الأزمة، عدا عن الثغرة الكبيرة التي سادت في مؤتمر وزير الخارجية السوري وليد المعلم.
ووافق الرئيس الأسد على التقصير الذي يعيشه الإعلام السوري، قائلاً انه لم يصل بعد الى أداء دوره، والآن يجري تطوير العمل الإعلامي، مستطرداً إنه لم يشاهد شريط الفيديو في مؤتمر وليد المعلم.
وانتقل الى الحديث عن العقوبات الاقتصادية، معتبراً أنها ستؤثر على سوريا، لكنها لن تكون كارثية، وسيكون هناك مجموعة من الإجراءات التي ستساعدنا في مواجهة هذه العقوبات.
وتابع أن الجمهور الذي ينزل الى الشوارع ليس بالضرورة انه كله مؤيد للنظام، لكن الناس مستفزون من موقف العرب وخاصة جامعة الدول العربية تجاه بلادهم، وقاموا بردة فعل عليها. وأضاف: معركتي ليست مع العرب، لذا لا نهتم بما ينتج منهم، لكن المعركة مع من يحركون الدول العربية اليوم.
وأوضح أن الخطة الأميركية كانت تقضي بتقسيم العراق، إلا أن الأميركيين اكتشفوا أن تقسيم العراق مستحيل بوجود سوريا الى جانبه، فإما سوريا مقسمة وعندها يمكن تقسيم العراق وإما البلدان لا يقسمان، واليوم الأميركيون في اضعف أوضاعهم الخارجية، وكان همهم هز الوضع السوري لتغطية الانسحاب من العراق، ويريدون تغيير النظام في سوريا، لكنهم لن يتمكنوا من ذلك.
وأشار الى أن تركيا لا يمكنها أن تملي على سوريا إرادتها، وأن تركيا تدخل في أمر اكبر من حجمها الإقليمي وأكبر مما يسمح به واقعها، مكرراً أن المعركة مع الغرب.
وقال بثقة انه يعلم إن المعركة ليست قصيرة، وهي قاسية، لكن الظروف اليوم أفضل مما كانت عليه قبل اشهر، وقد طلب من الجيش دائماً عدم استخدام الأسلحة الثقيلة في المعارك العسكرية، والاكتفاء بالأسلحة الخفيفة.
وشدد على انه لا تراجع في موضوع الإصلاحات، وهي تتقدم، لكن الغرب لا يطلب من سوريا القيام بإصلاحات، بل هو يبدي استعداده لغض الطرف عن الإصلاحات إذا التزمت سوريا بمطالب وزير الدفاع الأميركي الأسبق كولن باول، وخضعت للشروط الغربية.
وأشار الرئيس الأسد رداً على سؤال من احد ضيوفه عن استعداده لاستقبال سعد الحريري مجدداً، الى أن سوريا لم تغلق بابها أمام احد، مضيفاً أن ساعات اللقاءات مع سعد الحريري أوضحت له أن الحريري لا يحبذ الحديث في السياسة، بل في شؤون متفرقة أخرى، إلا أن دمشق تستقبل كل من يطرق بابها، وفي حال عودته عن موقفه فلا مانع من استقباله، على الرغم من كل الكلام الذي قاله.
واقترح الوفد القيام بصيغة تواصل ما بين علماء لبنان وعلماء سوريا، وعقد مؤتمر مشترك، وأبدى الرئيس الأسد حرصه على رعاية مؤتمر مشابه. كما اتفق على آلية للتواصل بين تجمع العلماء المسلمين في لبنان والرئيس السوري