Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 27 نيسان 2024   الساعة 00:47:47
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
شهيد في عيد الأم، وآخر مصاب، وثالث من ذوي الاحتياجات الخاصة

دام برس - سهى سليمان :

أرضنا ليست عقيمة، ولادة للفرح والعطاء... عصافير قُرانا ستشدو وتصدح بأروع الألحان، وأحلام أطفالنا لن تغدو كلمات وأمنيات، ولو امتلأت النجوم بالسماء، باقون شوكة في حلوق الأعداء، صامدون منتصرون، رغم أن ذاكرتنا متقدة، وقلوبنا مثقلة بالجراح وأرواحنا مكبلة بالبكاء.

بعد سنتين من غيابه "تمام"، لا زال الظلام يخيم على ثواني أيامهم، ودّعوا شمس الفرح، وأقاموا في غابات الحزن، تعبوا من رائحة الموت التي ملأت أنفاس النقاء.

لأننا على الوعد باقون ولأننا نفي بوعودنا، ولأن من الشرف أن تلتقي بهم، كنا قد أطلقنا وعداً على أهل الشهيد تمام حسين أن نلتقي بهم لطرح معاناتهم ومشكلاتهم، وها هي دام برس في ضيافتهم، تستمع لشجون حديثهم، تتشارك معهم فنجاناً من القهوة بنكهة الحزن والفخر معاً، تستمد منهم القوة والصبر.

السيد مشهور حسين (أبو تمام) من قرية الحاطرية التابعة لمنطقة القدموس في محافظة طرطوس، متزوج ولديه 6 أولاد ذكور، رجل يعيش على راتبه التقاعدي، يصارع بعد استشهاد ولده البكر من أجل الحصول على وظيفة لابنه الآخر علّه يعينه في تحمل مشقات الحياة المعيشية، فلنقرأ معاً ما رواه أهل الشهيد في هذا اللقاء الخاص:

الشهيد تمام حسين، ضحكة افتقدناها

العم "أبو تمام" حضرتك أبٌ لستة أولاد... أكرمك الله باستشهاد ابنك الأكبر... من هو الشهيد تمام مشهور حسين؟

ولد ولدي تمام في 27 أيلول  عام 1984، كان الابن الحنون العطوف، أحبه العدو قبل الصديق، كان كلّ شيء في المنزل، ضحكته تملأ كلّ أرجاء المكان.

عُرف بنشاطه وحبه للعمل، بنبله وأخلاقه وإخلاصه... دائماً يقول لنا: إننا سننتصر لأننا أصحاب قضية محقة.

دخل كلية الحقوق، وبعدما تصاعدت الأحداث ترك الدراسة وقام بالتطوع في الجيش السوري، طلب الشهادة ونالها، لأنه يعرف ونعرف أن الشهادة هي حياة الخلود، وبدون الشهادة لا يمكن أن تدافع عن الوطن، وكأي إنسان شعر بأن من واجبه الدفاع عن الوطن قاتل واستبسل حتى استشهد في بابا عمر في 18 آذار عام 2013.

عندما سألنا والدة الشهيد، ماذا فقدت بفقدان ابنك؟

باحت أحزانها وصرخت بالآه، وتحدثت بدموع الأم الثكلى، استجمعت كل قوتها لتنطق بجوهر الكلام:

بفقدان ولدي فقدت كلّ معاني الحياة، فقدت بصري، كان بمثابة عيوني التي أرى بها، في كلّ أسبوع يأتي لرؤيتي رغم كلّ الظروف الأمنية الصعبة، لكن في آخر أسبوع اتصل بي قبل استشهاده بيوم وسألني ماذا تريدين كهدية لعيد الأم.

فعلاً لقد جلب لي هدية لا تقدر بثمن، كان استشهاده هو الهدية، كانت أصعب وأغلى هدية، لقد أتاني في 19 آذار قبل عيد الأم بيومين، أتاني ملفوفاً بالعلم.

ومنذ ذلك الحين كلّ عيد أم احتفل على طريقتي بهذا العيد، أجلس كما كل يوم أستذكر أحداث سنين مضت، تعبت في تربيته وسهرت على مرضه، ولكني لم أشبع من ضحكته.

18 آذار 2013... تاريخ حفر على وجدان القلب

كيف كان وقع خبر استشهاد تمام؟

كانت لحظات صعبة اتكأنا على بعض أنا وزوجتي، حزنا وما زلنا نفتقد للبسمة والضحكة من الداخل، لكننا مؤمنون بالله وبقضائه، وندعو من الله أن يعطينا القوة والصبر على مصابنا لأن مصابنا فخر وعزّ وكرامة.

أين ومتى استشهد تمام؟

كان ولدي يؤدي واجبه الوطني في بداية الأمر في القصير ومن ثمّ انتقل إلى الرستن، وبعدها إلى الحولة، حوصروا مع رفاقه فترة، ومن ثمّ عاد وانتقل إلى بابا عمر التي كان يحدثنا عنها أنها صارت آمنة جداً بعد أن طهرها الجيش السوري.

وبعد فترة بدأت الأحداث تتصاعد من كلّ حدب وصوب، وكان ولدي على أحد الحواجز وأطلق عليه أحد القناصين المسلحين النار وجاءت الرصاصات الثلاث في قلبه.

لم أكن أعلم باستشهاده، اتصل أحد زملائه وسألنا هل اتصل بكم تمام؟ ومنذ متى لم تتصلوا به؟ فأخبرناه أننا منذ يومان لم نستطع الاتصال به بسبب سوء تغطية الهواتف الجوالة، حينها أخبرني أنه في مصاب المشفى لكن إصابته خفيفة.

اتصلنا على المشفى فوراً لكنهم أبلغونا بنبأ استشهاده، في يوم 18 آذار 2013، وأكرمنا الله بجثمانه في 19 آذار، والحمد الله على كل حال.

ما هي وصية الشهيد تمام؟

كانت الشهادة بالنسبة له حلماً، طلبها في كلّ يوم، وحلمه الوحيد أن يلفّ بالعلم السوري، لما كان يعلم أن الشهادة هي حياة الخلود.

أوصانا وأوصى زوجته بأولاده، الشهيد تمام متزوج ولديه ولد وبنت (لودي، علي)، عندما استشهد كان علي عمره 7 أشهر، أما الآن فهو بعمر 3 سنوات، هما الآن بعهدة والدتهما، التي تعمل على تربيهما على قيم وأخلاق الشهادة والشهداء، وقد حصلتْ على وظيفة بفضل منحة السيد الرئيس بعد استشهاد زوجها وهي الآن في محافظة حمص بأحد المستوصفات الصحية.

ولد ثانٍ على جبهات القتال

لديك ولد آخر على جبهات القتال، أين هو؟

نعم ولدي بشار، يدرس كلية التجارة والاقتصاد، بدأ خدمته في منطقة القدم ومن ثمّ انتقل إلى بوابة الميدان، وبعدها بقي في القصير لفترة شهر، حيث بقوا مع رفائه محاصراً لفترة، وهو الآن في منطقة الزبداني، أصيب أكثر من مرة، ولم نستطع رؤيته منذ أكثر من سنة، لكن منذ فترة أتى والحمد الله بعد إصابته أكثر من مرة كإجازة صحية.

كعائلة مكافحة ومن ذوي الشهداء لا شكّ أن هناك صعوبات عانيت منها... ما هي أهم هذه الصعوبات؟

تمرّ الأزمة على جميع المواطنين، إن كانت أزمة كهرباء أو مازوت أو غاز وغيرها، لكن الحمد الله بجهود بعض الجهات المعنية وخاصة السيد المحافظ تم توزيع 100 ليتر من المازوت على ذوي الشهداء، وإلا كان الوضع مأساوياً.

الصعوبة الأهم التي نعاني منها هي أنني مسؤول عن 6 أولاد لتربيتهم (البكر استشهد، والآخر بعيد عني، والثالث معاق، والباقي يتابعون دراستهم في المراحل الثانوية، وأنا رجل متقاعد لا يمكن لراتبي التقاعد أن يكفينا، لذلك بدأت أبحث عن أي طريقة لتوظيف ولدي المعاق.

ولد ثالث مصاب منذ وفاة الرئيس حافظ الأسد

أيضاً في العائلة ابن من ذوي الاحتياجات الخاصة، ما هو وضعه؟

نعم ابني حيان، قدمنا طلب للسيد المحافظ أكثر من مرة لتوظيفه، ولكن إلى الآن لم نحصل على نتيجة، خاصة مع تغيير مواصفات أو معايير الإعاقة (ولدي يعاني من إصابة بيده) لكن وفق المعايير ليست كافية لتسميته معاق، وكأنهم يريدون أن أقطع يد ولدي بالكامل حتى يصبح معاق وأتمكن من توظيفه.

قمنا بتقديم طلب للسيد المحافظ السابق والأسبق وسجلناه في الدور مرات ومرات، رغم أن ذوي الشهداء معفيين من الدور، وكنت قد سجلته سابقاً من عام 2005 وحتى الآن لم نحصل على نتيجة، نتمنى من المحافظ الجديد النظر في طلبنا.

أين أصيب وكيف؟

أصيب بيده حيث يعاني من صعوبة في حركتها، وهي حادثة قديمة حدثت عند وفاة الرئيس حافظ الأسد، بعدما خرجوا مع أصدقائه على الدراجات الهوائية للمشاركة بالعزاء في المحافظة، وجاءت أحد السيارات المجهولة وصدمتهم، ولم نعرف من هي السيارة.

دفعنا الكثير من تكاليف العمليات والمعالجة الفيزيائية حتى تمكنا من الحفاظ على وضعها دون أن يخسر ولدي يده، إضافة إلى إصابته الثانية بفتحة في القلب.

تكاليف المعيشة صعبة، أليس لدينا الحق بالوظيفة؟

كلمة أخيرة ترغب بقولها عبر مؤسسة دام برس الإعلامية؟

أودّ أن أوجّه كلمة إلى الرئيس بشار الأسد، إلى كلّ جندي في الجيش العربي السوري، إلى الجرحى والمصابين الذين سطّروا ببطولاتهم ملاحم التضحية والفداء، إلى كلّ من حمل السلاح ودافع عن هذه الأرض، حماكم الله وسدّد خطاكم ونصركم على الظلم.

كما أنني أتوجه إلى الجهات المعنية في محافظة طرطوس وخاصة السيد المحافظ الذي نتابع نشاطاته وحرصه على متابعة المواطنين، متمنياً منه النظر في طلبي الذي قدمته منذ فترة للحصول على وظيفة لولدي حيان، فتكاليف المعيشة صعبة جداً.

في الختام... وجه أهل الشهيد تمام شكرهم لمؤسسة دام برس الإعلامية على الاهتمام بذوي الشهداء... ونحن بدورنا نشكرهم على تشريفنا بزيارتهم في منزلهم، ونرجو من السيد المحافظ النظر في طلبهم كونهم من ذوي الشهداء وولدهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما نتمنى الشفاء للجرحى والرحمة لجميع شهداء سورية الشرفاء.

الوسوم (Tags)

السوري   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2015-01-24 04:07:41   على الوعد باقون
كل هذه الأحزان والخسارات نرجو أن تكون مخاض ولادة سوريا جديدة لكم الله أبناء شعبي
صفاء  
  2015-01-24 04:06:37   هذه سوريا
الكثير من أبناء سوريا دفعوا ثمن المؤامرة ولكن الوطن غالي ويستحق منا التضحية كان الله بعون كل الأمهات
فادي  
  2015-01-24 04:05:50   حماة الديار عليكم سلام
حماة الديار عليكم سلام أنتم فخرنا وعزنا وأملنا
رنا أحمد  
  2015-01-24 04:05:14   تحيا سوريا
السوريون أعطوا للعالم كله درساً في الصبر والتحمل والتفاني من أجل القضية هناك الكثير من الحكايات التي لا نعرفها عن أيتام وأرامل وثكالى دفعوا ثمن الحرب المجد لشهداء الجيش العربي السوري...
ريتا قاجو  
  2015-01-24 03:06:49   الله بيعين
الرحمة للشهداء واعتقد ان له الحق فؤ الحصول على وظيفة فتكاليف الحياة صعبة جدا
علي رمضان  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz