Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 27 نيسان 2024   الساعة 00:47:47
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
هنا وادي الضيف..من برمانة المشايخ..دام برس في ضيافة طارق الخطيب احد ابطاله

دام برس - خاص :

في قريةٍ تصل أشجارُ الحورِ والدلب فيها حدودَ السماء، حيثُ تشرقُ الشمسُ من بيادرِ قمحها، ويحتلُ أنفاسَك عبيرُ وعطرُ الشهداء، وتموتُ فيها الأشجارُ واقفةً متجذرة في أعماق الأرض معلنةً أصالتها إلى ما لا نهاية، تسيرُ بين كرومها التي تعرّش لتظللَ طرقاتها الريفية، وتسمعُ صوت "الله أكبر" لتستكينَ بأمان.

لم يدركْ "طارق" عندما ذهبَ إلى إدلب أنه سيبقى غائباً لمدة عام عن قريتهِ الوادعةِ في سفحِ الجبل، لقد اشتاقَ لجدرانِ منزلهِ، تلك الجدرانُ أصيلةً وعريقة، تحكي لك عن طفولةٍ عاشها في أسرةٍ فقيرةٍ مزارعة، وتدلّ على أنه فعلاً من أساطير من عادَ من وادي الضيف الصامد.

في منزل طارق، وهو أول العائدين إلى قريتهِ لكنهُ ليسَ الأخير، كانَ لنا لقاء معه، أفرحنا بحديثهِ الصادق وكلماتهِ الأصدق.

من هو طارق الخطيب؟

طارق أحمد الخطيب... شابٌ في العشريناتِ من العمر، ولدتُ في قريةِ برمانة المشايخ التابعة لمنطقةِ الشيخ بدر في محافظة طرطوس، من مواليد 1980، موظفٌ في وزارة الكهرباء، طلبتُ لخدمة العلم (الاحتياط) في 9 شباط عام 2012، ولبيتُ نداءَ الواجبِ فوراً دون تردد.

وكما سارَ طويلاً حتى وصل إلى قريته سرنا معه في تلك الرحلة مستذكرين تلافيف الحزن والفرح.

الخطيب... رغم الحصار صامدون

ما سببُ تسميةِ وادي الضيف بالأسطورة؟

ربما هو صمودنُا تحتَ الحصار، وبقاؤنا في معسكرِ وادي الضيف لفترةٍ طويلة، تعرضنا للهجومِ مراتٍ عدة من قبلِ المسلحين، وكانت أعدادهم في كلّ مرةٍ تفوق الآلاف، قاموا بقطع ِالطريقِ الدولي الواصل بين حماة وحلب في منطقة تدعى مورك بريف حماة.

لقد تعرضتْ أغلبُ حواجزِ الجيشِ في تلكَ المنطقة ِلأكثر ِمن هجومٍ مسلحٍ عنيف، فاق عددها 50 هجوماً خلالَ فترة الحصار، وكانَ تعدادُ وحداتِ الجيشِ المتواجدة هناك قليلٌ جداً قياساً إلى أعداد المهاجمين، الذين استخدموا شتى أنواعِ الأسلحةِ الخفيفة والثقيلة وخاصةً مدافعَ (جهنم وجحيم)، كما أطلقوا علينا آلافَ القذائفِ في كلّ هجوم.

على الرغمِ من الحصار صمدنا، وتصدينا للعديدِ من محاولاتهم الهجوميةِ العنيفة، لكن عتادنُا الحربي وذخيرتُنا قليلة، وبدأتْ تنقصُ يوماً بعد يوم، حيثُ سبّب الحصارُ صعوبةً في وصولها، فالطريقُ كانت غيرُ آمنة، وأغلبُ الإمدادات كانت عن طريقِ الطيران.

ومن المعروفِ أن تجمعَ معسكري وادي الضيف والحامدية يقعُ قربَ مدينةِ معرة النعمان الاستراتيجية بين إدلب وحلب شمالاً وحماة في الوسط.

ويقعُ وادي الضيف في الجهةِ الشرقيةِ للمعرة على الطريقِ الواصلةِ بين قرية "تلمنس" و"معرشورين" بريف المعرة، ويتميزُ الوادي بطقسهِ الضبابي الدائم.

كم استمرَ الحصار على معسكري وادي الضيف والحامدية؟

استمرَ الحصارُ على المعسكرين سنةً كاملة، عانينا فيها الكثيرَ من الظروفِ القاسية، لكن الحمد الله صمدنا وعدنا إلى الأهل، ولم لو تكن الظروفُ صعبةً لكنا استمرينا في حمايةِ تلك المعسكرات التي تشكلُ مخزوناً استراتيجياً هاماً.

ربما انتهى ذلكَ الحصارُ وعدنا إلى قرانا، لكننا سنعود مجدداً إلى أرض المعركة حتى النصر أو الشهادة بإذن الله.

هل كنتَ تتواصل مع أهلك؟

نعم، لكن بشكلٍ متقطع، فقد كانَ التواصلُ مع الأهلِ صعباً جداً، فالوسيلةُ الوحيدة هي الهاتف الجوال، والتغطية سيئة جداً، حيث سبّب استمرار الانقطاع في الشبكة مشكلةً في التواصل.

هجومٌ عنيف... ومعنويات تعانق السماء

كيف بدأ الهجوم على المعسكرين؟

بدأ الهجومُ على معسكرِ وادي الضيف حوالي الساعة الرابعة والنصف فجرَ يومِ الأحد، واستمرَ تقريباً ثلاثة أيام، استخدم فيه المسلحون كافة أنواعِ الأسلحةِ الخفيفةِ والثقيلة، وقد ساعدهم في ذلكَ ضبابيةَ الجوّ في تلك المنطقة، ما منعَ من تنفيذ أي ضرباتٍ جويةٍ على تجمعاتهم الضخمة.

كانتْ أعدادُ المسلحينَ كبيرةً جداً بكاملِ عتادهم العسكري، فبعد انسحاب أرتال عسكريةٍ ضخمةٍ من خان شيخون، تجمعوا في محيط منطقتي وادي الضيف والحامدية، وبدؤوا بشنّ الهجومِ مستخدمين قذائفَ مدفعية متعددة وأكثر من 30 دبابة وآليةٍ ثقيلة استهدفتْ حواجزَ الجيشِ في تلك المناطق، وترافقَ ذلك بمواجهاتٍ عنيفة استمرتْ حتى فجر الاثنين، واشتدت المعارك بشكل عنيف حتى اضطررنا العودة إلى معسكرِ الحامدية.

هل خفتم؟ كيف كانت معنوياتك أنت وأصدقاؤك؟

كانتْ معنوياتنا عالية جداً خلالَ الحصار، لم نخفْ يوماً، ولم تنقصْ عزيمتنا منذ أولِ يومٍ حتى اليوم الأخيرِ من الحصار، كنا ندافعُ عن المعسكرات ونصدّ الهجوم وفقَ إمكانياتنا المتاحة، لكن بقائنا في الفترة الأخيرة أصبحَ شبه مستحيلاً في ظلِّ نقصِ المؤنِ والذخيرة.

رحلة وصول آمنة... محفوفة بالمخاطر

تمكنتَ أنتَ ورفاقكَ من الوصولِ إلى مطارِ حماة العسكري، حبذا لو تعيدَ على مسامعنا القصة؟

عندما بدأ الهجومُ على معسكرِ وادي الضيف، البعضُ مننا ذهبَ باتجاه معسكرِ الحامدية والبعضُ الآخر ذهبَ إلى بلدةِ معرحطاط جنوبِ معرة النعمان، وهي تحتَ سيطرةِ الجيش، لكننا تعرضنا مرةً أخرى للهجوم بشكلٍ أعنف وأقوى، فقمنا بالالتحاق برفاقنا الذين ذهبوا إلى معرحطاط ومن ثم إلى بسيدا ومناطقَ أخرى في جنوبِ إدلب ومن ثمّ إلى القرى التي تقع على الطريقِ نفسه.

بعنفوان وكبرياء يضيف طارق وشريط الذكريات يمرّ أمام مخيلته:

بدأ المسيرُ نحو الأمل بالخروج، فقد كانَ الوضعُ خطيراً جداً، في ظلِّ النيرانِ والقذائف، لكن بحمد الله استطعنا من خلال التنسيقِ مع كافةِ المجموعات الدخولَ إلى البلداتِ والقرى المجاورة، والعملِ على تمشيطها بكافةِ أنواعِ الأسلحةِ التي كنا نمتلكها، وساعدنا في ذلك التنظيم والتعاون بين القيادات والأفراد، حيث كانت تتقدمنا الدبابات والعربات والمدرعات وعملت على تأمينِ حمايتنا وخروجنا بشكلٍ آمن، ومكننتنا من شقِّ طريقٍ للخروجِ رغم خطورته، ووصلنا إلى مدينة مورك بريف حماة الشمالي يوم الثلاثاء فجراً ومن ثم إلى مطارِ حماة العسكري.

هل تعرضت للإصابة؟

نعم، أصبتُ وأنا في المعسكر، لكن كانت إصاباتي خفيفة والحمد الله قياساً إلى إصابات أصدقائي الذين أدعو لهم بالشفاء العاجل.

الأمل بالعودة... كالأمل بالله

أنتَ الآن بين أهليك، أكانَ لديكَ أملٌ بالعودة؟

كانَ الأملُ ضعيفاً جداً، وخاصةً بعد الحصارِ الذي دام لمدة عامٍ كامل، لكن الأمل بالله دائماً موجود.

ما هي أخبارُ أصدقائك؟ حدثنا لو سمحت عن ذلك؟

في الفترةِ الأخيرةِ عندما حصلَ الهجومُ الأخيرُ فقدنا العشرات من الشباب، استشهدوا على أرضِ المعركةِ والشرف، خاصةً أثناء انسحابنا، حيثُ جرت اشتباكات عنيفة كانَ الهدفُ منها تغطيةً ناريةً لتأمين خروجِ أكبرَ عدد ٍمن الجنود، أما خلال الحصار وما قبله فقد استشهد عدد من الرفاق، لكن بالمقابل قتلَ عددٌ كبيرٌ من المسلحين، ففي كلّ هجومِ كانوا ينفذونه بالمئات، كانَ عددُ قتلاهم كبير، إضافة إلى خسائرَ كبيرةٍ في العتادِ والأسلحة.

خلال مسيرة الصمود؟ لا شكّ أن هناك صعوبات عانيت منها... ما هي أهم هذه الصعوبات؟

واجهتنا صعوباتٍ كثيرةً لكننا صمدنا بفضل الله تعالى، إضافة إلى النقص في المؤن الغذائية لكن ذلك لم يعنِ لنا الكثير في ظلّ ما نتعرضُ له من هجوم عنيف.

كلمة تودّ توجيهها عبر مؤسسة دام برس الإعلامية:

كأحدِ أفرادِ الجيش السوري أودّ أن أوجه تحية إلى الرئيس بشار الأسد القائد العام للجيش والقوات المسلحة، وأدعو له بالتوفيقِ الدائم لأنه القدوة لنا، صمودنُا من صموده.. وهو الأملُ لنا جميعاً.

أما إلى رفاقي في السلاحِ وفي الجيشِ السوري... أنحني أمامَ تضحياتهم وصمودهم، وأدعوهم للبقاءِ صامدين أكثر أمامَ ما تتعرض له سورية من حرب على كافةِ الأصعدة، فالأرضُ لنا، ولن يعيدَ ما أخذ منها إلا الجيشُ السوري، كما أوجهُ كلّ الشكر لجميعِ من ساهمَ في خروجنا مع أصدقائي بشكلٍ آمن، وأدعو لأصدقائي ولكلّ المصابين بالشفاء العاجل، وأترحم على شهداء سورية الشرفاء.

في الختام... وجهَ السيد طارق الخطيب شكره لمؤسسةِ "دام برس الإعلامية" على هذا الاهتمام وهذه المبادرة... ونحن بدورنا نشكرُ استضافته الكريمة وتشريفنا بزيارته في منزله المتواضع... كما نتمنى عودة جميع الغائبين عن أهلهم، والشفاء للجرحى، والرحمة لجميع شهداء سورية الشرفاء...

 

حوار : سهى سليمان

الوسوم (Tags)

الجيش   ,   السوري   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2016-05-26 01:59:51   عنوان الصمود
شكرا للمراسلة سهى والتي اضاءت لنا على هذا البطل والذي يجب ان يكتب اسمه كامثاله بحروف من ذهب على صفحات التاريخ
لؤي خطيب  
  2014-12-30 05:01:51   أبطال ونشامة
الحمد لله على سلامتكم وشكراً يا سهى لجهودك وتعريفنا بأبطال شجعان حمى الله سوريا وقائدها وجيشها وشعبها
سلمان محمد  
  2014-12-27 14:51:23   دروس للزمن
هؤلاء الابطال منارة الاجيال ...منكم نستمد القوة ونقهر الموت ...انتم الذين عايشتم الخوف فكان صديقا لكم في صباحاتكم وامسياتكم ...في نومكم وصحوكم ..في احلامكم ويقظتكم...تعجز السنتنا عن التعبير عن مشاعرنا نحوكم...لكم منا سلاما....
لؤي خطيب  
  2014-12-25 00:41:00   الأمل
صناع النصر والبطولات لن ننساكم رحم الله جميع الشهداء وأعاد الله الغائبين عن أهلهم بالسلامة
صفاء عمران  
  2014-12-24 01:53:02   دمتم ذحرا
دمتم و دامت سورية و عشتم و عاشت نفوسكم الطاهرة النقية بنقاء هواء وادي الضيف العليل وطن هؤلاء مقاتليه لا بد ان ينتصر - دمتم ذخرا" للوطن
فيروز  
  2014-12-23 09:53:16   أم الأبطال
ان محافظة طرطوس هي ام الأبطال وقدمت وتقدم الكثير في سبيل عزة وكرامة سورية والله يحمي جميع الابطال ويرحم الشهداء ويشفي الجرحى
حسان  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz