Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 27 نيسان 2024   الساعة 00:47:47
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
يانصيب آخر العام .. السوريون محكومون بالأمل

دام برس - رشا ريّا -  اللاذقية :
في كانون تبرد الطرقات وقد تفرغ، لكنَّ العقول القليلة التي تجولها تعتمل في داخلها التساؤلات و التوقعات، تلتقي بأولئك الذين تسحقهم يد القدر أكثر من غيرهم، يجولون الشوارع ليكونوا أيديه الخفية، وبأولئك الذين يسعون وراء الحظ المتمثل في ورقة يانصيب، ولو بلغوا من العمر أرذله فهم ما زالوا يبحثون عن مكانهم في هذا العالم، في كانون الأول من كل عام يرّتق الجميع ما تبقى من الأحلام، وعلى نول القادم تتشابك الآمال والأوهام، ولذا يلقى يانصيب آخر العام رواجاً كبيراً لدى مختلف الفئات العمرية ومعظم شرائح المجتمع، في حين تنأى فئة قليلة بنفسها عن فعل الأمل هذا.

هروباً من الشوارع الباردة، وإيماناً بأنَّ سكان اللاذقية مشغولون أبداً بنسج التفاصيل في الطرقات الفرعية الضيقة، اختارت دام برس منطقة الكاملية القديمة في اللاذقية لاستقصاء علاقة سكان مدينة التنباك والملح مع الأمل، فهنا عند مصرف التسليف الشعبي ما زال طيف أحد أقدم باعة اليانصيب في المدينة، والذي يسترجع اللاذقانيون صورته، وهو يبحث عن وجوه الفائزين كل أسبوع في الأزقة، يعود بك صوت بائع يانصيب ينادي على سحب عام 2018 إلى الحاضر، هنا الحرب أكلت قضمات من أحلام الجميع فسقط الكل من جنة التوقعات، الأرقام تقول أنَّ الناس تناسوا تفاح أحلامهم المقضوم، وبدأوا يهتمون بشتلة صغيرة من التفاح ستزهر في زمن قادم ما، فقد تمَّ توزيع 700 ألف ورقة يانصيب هذا العام بينما لم يتجاوز الرقم المئتي ألف بطاقة في أعوام الحرب السابقة، هذا ما تحدث به بائع اليانصيب المنهك لدام برس، وهناك على ناصية إحدى الطرق تمَترَس بائع يانصيب آخر وبسط الأرقام السحرية على طاولة صغيرة، وجلس يحتسي الشاي ويساعد رجلاً متقدماً في السن في اختيار إحدى البطاقات.

البرد بدأ يزداد إنها الظهيرة فترة الملل اللانهائي، والساعات التي لا يمكن تعريفها، تبحث عن صوت يدلك على مزاج المدينة فلا تسمع لا فيروز ولا أم كلثوم، كل شيء يشي بإحساس العالق في متاهة، يُطالعك وجه بائع مشروبات ساخنة لا رغبة له بإضاعة دقيقتين في الحديث مع غرباء والثرثرة عن اليانصيب، أو الأمل، أو غيرها من كلمات الرفاه، تهذيبه المفرط يمنعه من الرفض المباشر فيكتفي بالإشارة أنَّ لديه الكثير من العمل ولا يستطيع التأخر، على نقيضه وعلى بعد زقاق واحد يحترف صاحب محل حلاقة فلسفة عرّاب المسرح السوري سعد الله ونوس دون وعي "إننا محكومون بالأمل"، فهو سيبتاع بطاقة يانصيب حُكماً كما يفعل على الدوام، حسب ما عبّر.

بدأت الشوارع تقفر فالمحلات على وشك الإغلاق إلى حين عودة الكهرباء عند العصر، فكانون موسم اليانصيب وافتقاد الكهرباء في آن، ما عدت تبحث عن أحد لتحاوره تحاول ترتيب الصيغة التي ستكتب فيها، لتأتيك فتاة يشي مظهرها بكثير من البؤس تسألك إن أردت معرفة ما يخبئه لك المستقبل، تبتسم متسائلاً إن كانت قد إبتاعت بطاقة يانصيب، ويصدمك جوابها الذي يسأل عن معنى اليانصيب؟ وكيف من الممكن أن تربح؟

بين من أدمن اليانصيب منذ زمن بعيد، وبين من أصرَّ على أنّه لن يُصيب... يبقى سحب رأس السنة شعاع أمل بسيط.

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz