دام برس:
تلقى الصحفي الأميركي المشهور فريد زكريا، توبيخاً (دبلوماسياً) من الرئيس بوتين أثناء نقاش أداره في منتدى بطرسبورغ قبل يومين.
وتوبيخ بوتين لزكريا جاء رداً على سؤال حول المرشح دونالد ترامب، حيث سأل فريد زكريا (بوتين): لقد وصفتم المرشح الجمهوري دونالد ترامب أنه رجل عبقري وموهوب وذكي، أريد أن أعرف ماهي المميزات التي جعلتكم تصفون ترامب هذه الصفات؟!.
واعتدل بوتين في جلسته كي يواجه زكريا، ليكون رده، أو توبيخه، مباشراً (لماذا تغيرون الوقائع؟؟؟) وفي تفاصيل رد بوتين أنه قال لفريد زكريا: أنت شخصية مشهورة، ليس كمقدم للشبكة التلفزيونية العالمية، ولكن كرجل مثقف ومحلل، فلماذا تغيرون الوقائع ؟؟؟ يبدو أن الصحفي يسيطر على شخصيتكم الآن!!).
ويتابع بوتين مفصلاً: ( أنا لم أعط لـ ترامب أي مميزات، أنا قلت أنه شخصية بارزة- أليس شخصية بارزة؟! ثم لفت انتباهي، أن ترامب أعلن أنه مستعد لاستئناف العلاقات الروسية الأميركية، ونحن نرحب بذلك – ويبدو أنكم لا ترحبون بذلك).
فريد زكريا استمع لشرح بوتين، حول قيامه بتغيير الوقائع، ودافع عن نفسه بابتسامة صفراء – ثم – وبعد انتهاء بوتين من كلامه، اوضح فريد زكريا أن ما قاله في سؤاله أخذه حرفياً من الترجمة التي نشرتها وكالة الأنباء (انتر فاكس). وهذا العذر يكشف ضعفاً أو خللاً مهنياً لدى زكريا – حيث أنه كان من الواجب عليه مهنياً، أن يأخذ تصريح الرئيس بوتين عن المكتب الصحفي للرئاسة الروسية، خاصة وأن مثل هذه التصاريح مباحة ومتوفرة ولا يبخل بها المكتب الصحفي للرئاسة ... ولم يعقب بوتين على توضيح زكريا – بل ابتسم ابتسامة الواثق القوي.
إن هذه الواقعة الإعلامية تكشف كم هو مغرض الإعلام الأميركي، فها هو فريد زكريا كصحفي أميركي كبير ويمثل شبكة إعلامية كبيرة (CNN) – يلجأ إلى تغيير الوقائع قصداً، أو يلجأ إلى ترجمة غير صحيحة، في الوقت المتاح له التأكد منها، أو الحصول على الترجمة من مصادرها ( الرئاسة الروسية ) وهذه أبسط القواعد المهنية - ولكن العمل لتغيير الوقائع يبرر الأخطاء المهنية عند الإعلام الأميركي.
ولكن – إن كان ما أدعاه (فريد زكريا) صحيحاً وأن ما قاله عن تصريحات بوتين حول ترامب، جاء في الترجمة التي وزعتها انتر فاكس، يقع الخطأ على هذه الوكالة... واعتقد شخصياً، أن بوتين، أو طاقمه الإعلامي سيدقق مع هذه الوكالة حول ما قاله فريد زكريا – وسيتأكدون إن كان الخطأ فعلاً من ترجمة هذه الوكالة لتصريحات بوتين (أو أن الوكالة ستقوم بتوضيح موقفها تجاه ما قاله زكريا عن ترجمتها) وأعتقد شخصياً أيضاً أن مؤسسة الرئاسة الروسية، لا تترك مثل هذا الخطأ يمر لأنه يسبب إحراجاً لروسيا ورئاستها على مستوى علاقاتها الدولية– وهناك من يرى أن تغاضي الرئاسة الروسية عن مثل هذه الأخطاء الإعلامية بالمبتدأ، والسياسية بالمنتهى– غير وارد– ولا يتماشى مع الدولة العظمى التي يبنيها ويقويها الرئيس بوتين بكل الأشكال – وأولها الإعلام.
إن روسيا الاتحادية بقيادة بوتين، تصعد على كافة المستويات والرئيس بوتين يقوم بحركة إعلامية تعبر عن قوة وانفتاح، عندما يشارك في نقاش يديره صحفي أميركي وهذا ما يؤكد المبدأ، عندما تكون على حق وتمتلك القدرة على التميز فأنت الأقوى في الإعلام...
إنه درس في سلوك الدولة القوية، تجاه الإعلام
واستثماره كسلاح دفاع ، وإدارة بناء، ومصدر قوة. وعلينا أن نتعلم!!!