دام برس :

إن أبرز ما يشهده الميدان السوري اخيراً من ارتفاعٍ في منسوب التصعيد، خصوصاً في الغوطة الشرقية لدمشق، و حلب، ناجم عن مسألتين: الأولى: الصراع بين “جيش الإسلام” و “فيلق الرحمن” الوهابيين ، والثانية: محاولة الجيش السوري وحلفائه إستعادة منطقة خان طومان في ريف حلب الجنوب، لما لها من أهميةٍ استراتيجية، بالتالي ان استمرار الوجود التكفيري فيها، يشكل خطراً على “الشهباء” بأكملها، وفقا لأراء عدد من المراجع العسكرية والاستراتيجية.

في المسألة الأولى: حاول “جيش الإسلام” فرض إتفاف على “فيلق الرحمن” يبعد بموجبه الأخير عن “جبهة النصرة- فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام” المصنفة على لائحة الإرهاب العالمي، خصوصاً في المناطق حيث الوجود المتداخل للتنظيمين، تحديداً في “الغوطة”، غير أن بعض وحدات “الفيلق”، رفضت الإذعان للاتفاق المذكور، واستمرت في مؤأزرة “النصرة”، ما دفع “جيش الإسلام” الى مهاجمة بعض مقار هذه الواحدات، لاسيما في بلدة مسرابا الوقعة بين جوبر وحرستا في الغوطة الشرقية، حيث فرض سيطرته الكاملة على البلدة، بحسب ما تؤكد مصادر ميدانية.

من ناحية أخرى، حقق الجيش السوري تقدماً في بعض المناطق الواقعة سابقا في نطاق إنتشار “الفيلق”، تحديداً جهة طريق مطار دمشق الدولي، ما أدى الى تضييق الخناق على الفصيل المذكور، ودائما وفقاً للمصادر.

وفي المسألة الثانية، أي في ما يتعلق في خان الطومان، يذكر أن الجيش السوري استعادها من “جيش الفتح” في كانون الأول الفائت، بغطاء جويٍ روسيٍ، وسلمها الى القوات الرديفة، وما لبس أن استعادها “الفتح” بعد مواجهةٍ شرسةٍ مع الأخيرة.

ويسعى الجيش السوري الى استعادتها مجدداً، وبطبيعة الحال، يحتاج الى غطاءٍ جوي مجدداً، تشارك فيه القوات الروسية، التي تقوم بتأمين الغطاء للجيش السوري وحده من سواه، تؤكد المصادر. ولهذه الغاية، شن الجيش السوري في الأيام القليلة الفائتة هجوماً في إطار الرد على خروقات الهدنة التي قام بها المسلحون، وأكدت المصادر أن الجماعات المسلحة مُنيت بخسائر بشرية جسيمة جراء القصف التمهيدي بواسطة الطائرات الحربية والمدفعية على خان طومان ومخيم حندرات.

وتعليقاً على التطورات الأخيرة في ريف حلب الجنوبي، وضعت مصادر في المعارضة السورية ما يحدث في أطار مسلسل عمليات الثأر المتبادلة بين الإيرانيين والأتراك، متوقعةً رداً إيرانياً على المشاركة التركية في قتل عشرات الإيرانيين غدراً في خان طومان، بعد سريان الهدنة، مؤكدةً أن القيادة الإيرانية لن تترك هذا الأمر يمر من دون رد موجع، ودائما برأي المصادر. بالانتقال الى الشأن السياسي، تشير المصادر ان ليس هناك اي مستجدات، في انتظار انعقاد الاجتماع الدولي حول سورية في فيينا في 16 الجاري، وما ستؤول واليه الامور بعد انقضائه، وترجح التئام طاولة جنيف التفاوضية، على وقع توصيات أو قرارات الاجتماع المذكور، وسط تشديد روسي على مشاركة المكون الكردي في العملية السياسية.

لا ريب أن الروس يبذلون قصارى جهودهم للحفاظ على المسار التفاوضي للحل الأزمة السورية، ولكن بعد الخديعة التي تعرضوا لها في خان طومان، لن يبقوا مكتوفين، وقد تعود أسراب السوخوي الى أجواء حلب، بعد 17 الجاري، وهذا الأمر أكده الرئيس فلاديمير بوتين، عندما قال : “روسية تستطيع العودة الى سورية خلال ساعات عندما تقتضي الحاجة”.

ومن المؤكد أيضاً أن الاوضاع في الشمال السوري بعد زيارة قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الى موسكو ولقائه بوتين الشهر الفائت، ليست كما قبلها، لاسيما بعد “خديعة خان طومان”، بالتالي يبدو أن هناك تفاهماً إيرانياً – روسياً على التعاون عسكرياً في الشمال السوري، قد وضع مجددا على الطاولة، وأن الرد على “الخديعة” آت لا محال.

El Marada