رشا ريّا_ دام برس_ اللاذقية :
ثلاث سنوات كانت كفيلة ليضيق المكان بأهالي مخطوفي ريف اللاذقية، لكنه اتسع يوم الخميس 9-2-2017، من خلال جملة واحدة "سيصل المخطوفون_ المحررون بعد ساعة".         
التجمع في المركز الثقافي الجديد باللاذقية، والإنتظار مع كل التوتر السائد كان أسهل من لحظة الوصول، كيف سيُغطى حدث كهذا؟، كيف سيُهنئ الأهالي بوصول أولادهم بعد سنين من الترقب والخوف من أن يُنسوا؟، تتلعثم كلمات المباركة فأنت قبل أي شيء ابن هذا المكان.
تجمهر الناس بشكل كبير ليخيل إليك أنك في وضح النهار ، خاصة مع الكهرباء التي أُنيرت كرمى لعيون ذاقت ما لا يمكن لأحد تخيله، سواء انتظروا فرداً أو عائلةً، الشعور ذاته والخوف ذاته، فالقادمون وحدهم يعرفون الحكاية الحقيقية، ماذا جرى في ذلك الفجر وما بعده.
أقرباء المحرر علاء  سليم عبروا عن سعادتهم لدام برس ، وعدم تصديقهم أنّه و أخيراً ظهر على وسائل الإعلام خبرٌ يتعلق بالأحبة.
أمّأ أولئك الذين ينتظرون قدوم عائلة بأكملها فلهم قصة أخرى (عائلة بركات علي درويش)، وبالبساطة المعهودة لأهل هذا الريف، كان الدعاء الصادق للذين ساهموا في هذا التحرير.

نظرة أمل لأحد الشبان الذي ما زال ينتظر خبر مفقوديه، "والدتي تم خطفها هي وأخوتي، ولا نعلم عنهم شيء، إلى هذه اللحظة التي تمّ إخباري بها بقدوم شقيقي الصغيرين، علماً أنهم خُطفوا في الوقت ذاته".
سالي الطفلة التي فقدت أمها كانت على يقينٍ أنّه رغم الفقد الكبير، هناك أهلٌ ، أبٌّ، و أقارب سيعوضون مكان الأمّ، و لكن ألا يكون هذا اليقين مجرد وسيلة دفاعية نفسية؟.
و بانتظار وصول زهراء، كانت أختها التي سبقتها إلى الحرية منذ ما يقارب الثلاث سنوات، تُمّني نفسها بالقادم، تصبغ المستقبل بصبغة أبدية،و تجرّد السنين التي مضت من طولها لتحيلها مجردَ أيامٍ معدودات افتقدت فيها اللعب مع أختها ، "بس تجي رح نعمل كلشي سوا".

بين المنتظرين كان الصغير، وكان الكبير، المحرر سابقاً، و الناجي أصلاً من تلك الفاجعة، والدة المحررة وصال ناصر،اختصرت الحديث مع دام برس على كلمة "الحمدلله"، فكان في هذا الحمد كل تساؤلات الكون، وآلاف الجمل التي لم تجد طريقها. لتليها بزغاريد تؤكد متانة الهوية التي يدافع السوريون لأجلها
الجدير بالذكر أنَّ عملية التبادل هذه كانت قد وصلت عدة مراتٍ إلى خواتيمها، حتى كان يطرأُ شيئٌ ما يلغيها بالكامل، و لذا ومن الواضح هذه المرة أنَّ القرار بالسرية التامة بما يخصّ التفاصيل، كان وليد الرغبة بإنهاء هذا الملف
لا يظننَّ أحدٌ أنَّ الخروج إلى الحرية يعني فقط أن تعود لمكانك بدون سلاسل، الأهم والواجب اليوم ، العمل على إخراج الأسرِ من دواخلِ هؤلاء، قد يكون الأسرُ أهون بألف مرة من أن تعود إلى يومياتك، إلى غرفتك، و إلى مكان اللعب، مفتقداً أمّك، أو أخاك، أو كلَّ عائلتك.