دام برس :
دخل الجيش العربي السوري مؤخرا الي مدينة منبج في شمال سورية بعد انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية منها و تسليمها المدينة طواعية للجيش العربي السوري و تم رفع علم الدولة السورية فوق مباني منبج و السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن في الاوساط السياسية العربية ما هي دلالات دخول الجيش العربي السوري الي مدينة منبج ؟

دخول الجيش العربي السوري الي مدينة منبج يؤكد تصميم القيادة السورية علي استعادة السيطرة علي جميع الاراضي الخارجة عن سيطرتها سواء كانت تلك الاراضي تحت سيطرة الاكراد او تحت سيطرة تركيا بشكل مباشر او غير مباشر عبر المسلحين الموالين لها ،لذلك فالحديث عن تفاهمات امريكية تركية او تفاهمات روسية تركية غير معلنة كما يقول بعض المحللين السياسيين الذين يزعمون ان بموجب تلك التفاهمات الغير معلنة حسب زعمهم، ممنوع علي الدولة السورية دخول الاراضي التي سوف ينسحب منها الاكراد لكي تصبح مناطق نفوذ لتركيا مثلما فعلت تركيا عنوة في الشمال السوري و بالتحديد في ادلب، اتضح ان تلك التفاهمات المزعومة غير موجودة علي ارض الواقع ، فالقيادة السورية تعمل بهدوء و بخطوات بطيئة لكن ثابتة علي احكام سيطرتها الكاملة علي جميع الاراضي التي سينسحب منها المسلحون الاكراد و لن تسمح القيادة السورية لتركيا بدخول تلك المناطق بحجة محاربة المسلحين الاكراد و دخول الجيش السوري لمنبج دليل واضح علي تلك السياسة التي تتبعها القيادة السورية و هي استعادة جميع الاراضي الخارجة عن سيطرة الدولة لكن ليس بالضرورة عبر العمليات العسكرية فاذا ادت المبادرات السياسية الي السيطرة علي المدن فلا داع للقيام بعمليات عسكرية فالعمليات العسكرية ليست هدفا في حد ذاته بل هي اسلوب للسيطرة علي المدن لذلك اذا امكن السيطرة علي المدن بدونها فيكون الهدف المنشود تم تحقيقه بدون خسائر في الافراد و البني التحتية .

و موافقة المسلحين الاكراد علي تسليم المدينة طواعية للجيش العربي السوري يعكس حالة اليأس التي اصابتهم بعد اعلان الولايات المتحدة الامريكية انسحابها من سورية ، فالاكراد ادركوا انهم خاسرون في جميع الحالات اذا قرروا المواجهة العسكرية سواء مع الجيش السوري او مع الجيش التركي ، فمن الناحية العسكرية و اللوجيستية هم غير قادرين عسكريا علي الصمود لا امام الجيش السوري و لا امام الجيش التركي ، لذلك فضل المسلحون الاكراد تسليم المدينة للجيش السوري و التفاهم مع الدولة السورية بعد ان تخلت الولايات المتحدة عنهم و تركتهم وحيدين بلا غطاء عسكري حتي امام داعش التي تزعم الولايات المتحدة محاربتها ، لذلك فضلوا التفاهم مع الدولة السورية و الخضوع لشروطها التي من حيث المبدأ لا تريد محو هويتهم الثقافية كما تريد تركيا الفعل بهم لكن الدولة السورية ستفرض عليهم تفاهم يحفظ لهم حقوقهم الثقافية و هويتهم القومية في اطار الدولة و في ذات التوقيت لا يخل بوحدة سورية الجغرافية و تلك الوحدة امر سيادي لا يمكن المساس به او حتي المساومة عليه عند سورية و ايران و روسيا .

اما بخصوص التصريح الذي قاله الرئيس الامريكي دونالد ترامب في اتصاله الهاتفي مع اردوغان الذي قال ترامب فيه لاردوغان ( سورية كلها لك ) فما يقوله ترامب غير واقعي لانه لكي يحدث يجب ان يستسلم المسلحون الاكراد امام تركيا و تسيطر تركيا علي مناطق الاكراد و لكن ما حدث علي ارض الواقع ان الاكراد سيسلموا المناطق التي يسيطرون عليها كما فعلوا في منبج للدولة السورية و ليس لتركيا لذلك فوعد ترامب لاردوغان لم و لن يتحقق ، فاقصي ما يستطيع ترامب تقديمه لاردوغان هو دعمه في تتريك بعض القري الصغيرة في الشمال السوري اما ان يسلم ترامب المناطق التي يسيطر عليها الاكراد للجيش التركي فهذا امر غير منطقي و ترامب غير قادر علي تحقيقه لاردوغان، لعدة اسباب منها قوة الجيش السوري علي الارض و رفض حلفاء سورية الاقليميين و الدوليين ايران و روسيا اي مساس بسيادة سورية علي اراضيها و تركيا هي الاخري ملتزمة بسيادة سورية علي اراضيها وفق تفاهمات استانا مع ايران و روسيا و اتفاق سوتشي بين روسيا و تركيا لا يعتبر مساس بسيادة سورية لأنه اتفاق مؤقت يهدف الي استعادة الدولة السورية سيطرتها علي ادلب في نهاية المطاف بدون قتال و اذا لم يتحقق هذا الهدف بالوسائل السلمية سيتم اللجوء لعملية عسكرية شاملة تعيد ادلب لسيادة الدولة السورية .

ختاما ، الولايات المتحدة الامريكية لم تبع الاكراد كما يقول بعض المحللين السياسيين لانها لم تشترهم من الاساس ، فهناك عشرات الحالات التي تؤكد ان الولايات المتحدة لا تشتري احد و لا تتحالف مع احد ، فهي ترغب في ادوات لها تسيطر عليها لتحقق اهدافها من خلالهم بدون ان تنفق دولار واحد او تفقد جندي واحد من جيشها و بعد ان ينتهي دور تلك الادوات تتخلص منهم حتي لو بتصفيتهم جسديا و هو ما فعلته الولايات المتحدة مع الاكراد و ستفعله مع اي عميل لها ينتهي دوره عندها.