دام برس – قصي المحمد : شكّلت عمليّة ما سمّي بـ «غصن الزيتون» التي طلقتها الحكومة التركية على الهجمة العسكرية والتي تم بدأت على مدينة عفرين بريف حلب الغربي في 18 / 1 / 2018 الساعة الخامسة مساءً، العنوان الرئيسي للقنوات الإعلامية منذ أسبوع تقريباً، ما يترك الموضوع تساؤلات كثيرة، وخاصة بعد التصريحات العريضة التي أطلقها رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان التي تزامنت مع إعلان الاعتداء التركي على عفرين، وبالتزامن مع انسحاب قوات الشرطة الروسية من المدينة بنفس التوقيت.. عدّة محاور تمت مناقشتها مع أستاذ القانون والعلاقات الدولية في جامعتي دمشق والفرات الدكتور شاهر اسماعيل الشاهر مدير المركز الوطني للبحوث والدراسات بدمشق... وجاء في الحوار: مع بدء عملية غصن الزيتون على مدينة «عفرين»، ما هو هدف تركيا الحقيقي من هذه العملية، فهل يندرج ضمن عنوان مكافحة الارهاب بكون الحكومة التركية تصف "قوات الحماية الكردية" بذلك، أم هدفها السيطرة على المنطقة وتدعيم موقف الجماعات المسلحة الحليفة لها في إدلب؟
بداية لا بد من الإشارة إلى أن سر التأزم في منطقة الشرق الأوسط عموماً، وسورية تحديداً هو أنه لا توجد أية قوة دولية أو اقليمية تستطيع التحكم بشكل كامل في توجيه تفاعلات المنطقة. وأن أهم عنصر في التحليل السياسي هو تحديد الفواعل، فإذا فشلنا في تحديد الفواعل المعنية بالموضوع فسنفشل في تحليله بالضرورة. بعد القضاء على تنظيم داعش، كانت الاعتقاد بأنّ سورية ستدخل مرحلة جديدة من الاستقرار والسلام، فهل العملية التركية على عفرين هي بداية تغيير جديد وانحراف في مسار التغيرات السياسية للمرحلة المقبلة؟
كل من يشترك في الصراعات، لا يصنف إلا ضمن خيارين: إما أن يكون طرف في الصراع.. أو أن يكون أداة للصراع، وهذا حيال التنظيمات الكردية التي جعلت نفسها أداة بيد الغير لتطبيق أجنداتهم في سورية. فرفضوا تسليم عفرين للجيش السوري وهو ما يعطي ذريعة للتدخل الخارجي . واعتقد بان الأمور لن تتغير كثيراً بعد العملية العسكرية التركية، فهذه العملية بتصوري هي ضمن التفاهمات الأمريكية التركية الكبرى التي تم تأجيلها بدعوى وجود داعش، أي ما يدعى غرب الفرات وشرق الفرات، حيث لا وجود للأكراد شرق الفرات. التنسيق الروسي - التركي حول عفرين كان واضحاً وخاصة بعد اعلان موسكو انسحاب الشرطة الروسية من المدينة الذي تزامن مع اعلان رئيس الحكومة التركية بدء العملية الخميس الفائت، كيف تقرأون هذه النقطة مع العلم أنّ روسيا من الدول الصديقة والداعمة للموقف السوري حالياً ؟
قبل بدء العملية العسكرية التركية في عفرين زار رئيس الأركان التركي خلوصي آكار وهاكان فيدان رئيس جهاز الاستخبارات زارا روسيا، وبعد الاجتماع تم سحب الشرطة العسكرية الروسية من مدينة عفرين. برأيكم، هل الحكومة التركية جادة في حربها على الأكراد في الشمال السوري وحتى الحدود العراقية، أم أنّ ذلك يندرج ضمن العناوين العريضة المعلنة التي يتم اطلاقها لتحقيق أهداف معينة كالسيطرة على «عفرين» مثلاً فقط؟ الازمة السورية استوعبت في مرحلة سابقة كل الضغوط الاقليمية، إلا أننا دخلنا في مسار معاكس، فمخرجات تلك الازمة ستؤثر على كل النطاق الاقليمي. لقد انتقلنا من الجغرافيا السياسية إلى الجيوبولتيك، فكل حدث يخلق الوضع الجيوبولتيكي الخاص به. أما بالنسبة لسؤالك فإنني أعتقد أن الأتراك لن يكون لهم أي تحرك في شرق الفرات، لأن ذلك ممنوع أمريكياً، وسيقتصر دورهم على الجغرافية الممتدة من غرب الفرات حتى إدلب. فتركيا تدرك تحولات الأزمة السورية وما أسفرت عنه من تقاسم نفوذ بين أميركا وروسيا. لذا تسعى تركيا إلى تشكيل إدارة ذاتية في عفرين من الجماعات الموالية لها على غرار ما فعلت في جرابلس والباب. في حال سيطرة القوات التركية على عفرين كمدينة سورية، كيف سيكون موقف الحكومة السورية من ذلك ؟
من بديهيات القانون الدولي احترام سيادة كل دولة، فأي قوة تتواجد على الأرض السورية دون موافقة الحكومة السورية هي قوة احتلال، والاحتلال مقاومته حق للدولة وواجب عليها، فسورية أكدت مراراً أن الوجودين العسكريين الأميركي والتركي هما احتلال، وهو ما يحتم على الحكومة مقاومته سياسياً وعسكرياً حتى لو اضطر الجيش العربي السوري لفتح جبهات جديدة، فالحكومة السورية مصممة على تحرير كامل الأراضي والحفاظ على وحدة كامل التراب السوري. ختاماً للحديث ماذا يمكن القول عبر دام برس ؟
إن الأزمة السورية بنتائجها ستشكل حالة إمبيريقية نموذجية تستند اليها الفيدرالية الروسية لإحداث تحول في طبيعة النظام الدولي وذلك كاستمرار لأحد الحقائق الدولية عبر التاريخ، والتي تتمثل في أن الأزمات الدولية عادة ما تكون المدخل الرئيس لحدوت تحول في النظام الدولي السائد، ولكن عبر التاريخ، أو على الأقل منذ معاهدة وستفاليا، كانت الأزمات الدولية التي أدت إلى تحول في النظام الدولي قد حدثت في القارة الأوربية، ولأول مرة ربما ستكون الأزمة السورية قادرة على إحداث تحول في النظام الدولي لجهة غياب سيطرة نظام القطب الواحد. |
||||||||
|