الرئيسية  /  كتاب وآراء

شرعنة التنازل عن تيران وصنافير .. بقلم : محمد فياض


دام برس : شرعنة التنازل عن تيران وصنافير .. بقلم : محمد فياض

دام برس:

كُتِبَ دستور دولة الثيوقراط في مصر بليل .حتى كانت أحد المواد المختبئة بعيدا وبعد إرهاق القراءة وفي النصوص الأخيرة منه . تعطي لرئيس الجمهورية الحق في تعديل أراضي الدولة بعد أخْذ رأي البرلمان .ولم تكن وحدها هذه المادة المُفَجِّر النهائي لدولة المصريين .بل كانت هناك مادة تقع في المبتدأ من مواد الدستور تقرر لكل مولود الحق في إسم مناسب ..الأمر الذي إن أعْمَلَتْهُ الفرصة لكانت كل أسماء الأطفال المصريين الذين وُلِدُا في السنوات الأربع الماضية محصورة في قائمة لاتخلو من (أبو عبيدة .أبو جهل .عكرمة.و........).

بما يطمس على الشخصية المصرية من بداية اختيار الإسم _الذي لن يكون للوالدين أي حق في اختيار أسماء الأولاد سوى أن يقف كلاهما أمام قائمة حددها القانون المفسِّر للنص الدستوري وتعلنها مصلحة الأحوال المدنية بعد اعتمادها من المُرشد..وأما المادة الكارثة التي وقعت في مؤخرة الدستور الثيوقراط والتي أعطت للرئيس الحق في تغيير أراضي الدولة.

فبالتأكيد لم يكن قصد المُشَرّع الدستوري أن مصر سوف تخرج إلى الفتوحات وتغزو بلداناً أخري وتتغير هنا أراضي الدولة بضم أراضي الدول الأخري التي خرجنا لغزوها .بل كانت نية المشرّع _في مطبخ المرشد هي تغيير أراضي الدولة بالتنازل عن جزء من الأرض المصرية  .وبعد أخذ رأي البرلمان وليست موافقته .هنا وفقط كان الإعلان الرسمي والمحمي بنصوص دستورية تم إقرارها من الشعب في إستفتاء على مواده .أن مصر قد تمددت على الطاولة وسلّمَتْ نفسها للذَّبح ودون أدنى فرصة للنطق بالشَّهادة.وبات مشروع تقسيم مصر مواتيا وبالدستور وباتت دسترة التنازل  إن فَطِنَ الشعب أو نخبته الفاشلة  محمية بقواعد القانون الدولي ومشروعات القرارات الأممية جاهزة ومُصاغة والأدوار باحتراف دولي تم توزيعها وفقا للنص .وباحتراف كانت الميليشيات الإخوانية وكل تيارات التأسلم الإرهابية جاهزة للإشتباك وبجاهزية التسليح للهجوم على الجيش المصري بهدف إخراجه تماما من الخدمة  هكذا كان المخطط.

وفي وقت كان معسكر العدو قانعاً بأن الجيش العربي السوري ماهي إلا عدة أسابيع ويستسلم ويسقط مغْمِيّاً عليه ويتم إسقاط سورية لتتمدد هي الأخرى على الطاولة تنتظر الذّبح . فيلحق الجيش العربي الأول والجيش العربي الثاني والثالث بالجيش العراقي الذي تم حله وتسريحه خارج الخدمة فور سقوط بغداد في 2003 ..وخرج الشعب في مصر عن بكرة أبيه .

وفي تقديري هنا كان الخروج المعجزة نتيجة الرّاكم الحضاري وليس الراكم الثقافي_ مندفعاً في هلع إلى الميادين والشوارع لإنقاذ مصر وإسقاط دولة الثيوقراط ودستورها .وهنا وقف العالم منزعجا لهبّة المصريين وقطعهم الطريق على مشروعات التقسيم الممهدة للشرق الأوسط الكبير الذي تقوده تل أبيب بلا منازع . والذي يعطي في تقديرهم لواشنطن ديناميكية استقرار إنفرادها بالعالم أحادي القطبية بلا منازع لاستكمال القرن الأمريكي الذي بشّر به ترومان وهو في  مدينة يالطا بعد نهاية الحرب الثانية يشارك في صياغة ميثاق الأمم المتحدة .لكن الشعب في مصر بثورة 30 يونيو خيّبَ آمالهم. والجيش العربي السوري بصموده ألقى بظلال الخيبات الكبرى على الإدارة المركزية للمشروع في البيت الأبيض.ليس هذا فحسب بل وفي العواصم الإقليمية ومنها العربية التي تتولى جمع المشتغلين في مشروع تقسيم المنطقة والقضاء على سورية والفوز النهائي بمصر.

إن الشعب هو المُعَلّم وهو القائد.وقد أعطى دروساً لمن تُسْعِفه رأسه أن يتعلّم..ولن يترك المصريون ذرة تراب واحدة من أرضهم يتم الإعتداء عليها .ربما يبدو غير معترضا على بعض الممارسات والانحياز .  ويقدم قضايا على أخرى .لكن الجهلاء ببواطن العقل الجمعي المصري يتصورون أن بمكنتهم ترتيب أولويات الشعب في مصر.

هم لايدركون بتصرفاتهم أن أولى الأولويات عند المصريين هى الأرض والكرامة.وأن قائمة الأولويات يأتي رغيف الخبز في ذيل القائمة في مثل حالة تنازع السيادة على تيران وصنافير.نفهم أن الدستور أبو القوانين .والقانون يتم سنَّهُ أولا وقبلا ثم يطبقه القاضي في المحاكم على مايُطرَح عليه من منازعات .بمعنى أن دور السلطة التشريعية يأتي أولا ثم يأتي دور السلطة القضائية ويتلوها في الترتيب السلطة التنفيذية .أما أن يأتي العكس أو التداخل في اختصاص السلطات فهذا ينبئ عن إرتباك الدولة .إن قضية تيران وصنافير أخذت أكثر مما يستحقه حسم الأمر.الأرض تحت السيادة المصرية.

ومن يرغب في خلق تنازع سيادة عليها فأمامه الإحتكام للقانون الدولي ويتقدم بعقد الخصومة القانونية ويشفعها بمستنداته .ونحن في مصر نمارس سيادتنا الكاملة على أراضينا.ولسنا في حاجة إلى حتى الموافقة على الذهاب إلى التحكيم الدولي الذي يشترط فيه موافقة الطرفين.وبالإحتكام إلى إتفاقية الأمم المتحدة لتقسيم البحار والمحيطات .تيران وصنافير مصرية.بالحيازة التاريخية تيران وصنافير أرض مصرية.وبقواعد ومتطلبات الأمن القومي المصري ف تيران وصنافير أرض مصرية.

وإن عدنا إلى مامرت به المسألة من إجراءات كأن يوقع رئيس الحكومة اتفاق يمس السيادة المصرية مع دولة أجنبية فهذا خارج الإختصاص الدستوري للحكومة..وأن يتم الطعن على اتفاق إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية أمام القضاء فيتعرض القاضي لموضوع الطعن ويفصل فيه إنتصارا لمصر. ثم تطعن الحكومة (المصرية) على الحكم وتقدم الحكومة المصرية أيضا مستنداتها التي تراها مؤيدة لحق السعودية في تيران وصنافير .

ويتعرض القاضي لها ثم يؤكد الحكم أن تيران وصنافير أرض مصرية.ثم تقرر الحكومة إحالة الأمر الى السلطة التشريعية لمناقشة الاتفاق . وتتم الإحالة قبل الفصل النهائي في طعن الحكومة أمام الإدارية العليا .إنما نريد سلب إختصاص القاضي وممارسته في قاعة التشريع وضرب حجية الأحكام في مقتل .بما يؤسس لسابقة خطيرة تنطلي على القادم من أعمال القضاء .

وربما يقول البعض أن البرلمان هو المنوط به الموافقة أو الرفض للإتفاقيات الدولية ..نقول له نعم ..وتلك الإتفاقيات التي تمس السيادة يبرمها رئيس الجمهورية.ونقول له أيضا أن الرئيس مقيد مغلولة يده بالمادة 151من الدستور المعمول به الآن في الفقرة الثانية والفقرة الثالثة .ونري هذه الأيام تناقش اللجنة التشريعية ذلك الإتفاق ليتم طرحه على أعضاء مجلس النواب .

هنا أقول لأعضاء المجلس :إن وافقتم على الإتفاق وقعتم لمجرد مناقشته في عوار دستوري يزلزل شرعية إستمرار المجلس وفقا للدستور ووقعت البلاد في مأزق إذ كيف يناقش البرلمان اتفاقية لم يوقعها الرئيس .

ويناقش اتفاقية تتعلق بحقوق  السيادة وموجوب دعوة الشعب للإستفتاء عليها _وفقا للمادة المذكورة ...في النهاية لم تكن الحالة المصرية بحاجة الى مثل هذا الحادث العنيف الذي يفتح ثقباً واسعا في اللحمة الوطنية ويقسم المصريين بين مؤيد بالمطلق وكفى .

وبين معارض وطني مخلص تُلَخّصه الحالة العنيفة هذه الى التراشق والإتهام الأسهل بالخيانة لكلا الفريقين..ولم نكن في هذا الظرف التاريخي والوطني في حاجة إلى ذلك أبدا..وكان من اليسير مادمنا قد وقعنا في المستنقع هذا _في تقديري _أن نقف عند حجية أحكام القضاء المصري وشرعية قداسته لدي الشعب والرسائل التي نُصدِّرها للخارج عن شموخه وعدالته .ونغلق هذا الملف لنلتفت بشجاعة إلى إستثمار أحكام القضاء في مسيرة التنمية ..ونعفي أنفسنا مهمة البحث الشائك عن وسائل لشرعنة إتفاق تم إعلانه على المصريين.
كالفاجعة وقد تم توقيعه بليل .ويطوي من الخطورة مايؤسس لتنازل  يفتح شهية وجرأة  أطراف دولية أخرى علينا تطالبنا بتنازلات تحملنا إلى خوض معارك تقف حجر عثرة أمام مسيرة التنمية والقضاء نهائيا على الإرهاب.بل والحفاظ على الدولة المصرية وأمنها القومي .

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=79001