دام برس:
هل هي صدفة أن يشتعل الميدان السوري بهذا العنف من جوبر الى ريف حماه الشمالي، وهل هي صدفة ايضًا ان تهاجم داعش الطريق الواصل الى حلب في منطقة ريف حماه الشرقي، وهل هي صدفة ان تنفذ القوات الأميركية انزالًا في قرية ابو هريرة غرب مدينة الطبقة؟ في معلومات مؤكدة، إنّ قيادات هامة ومؤثرة للجماعات الإرهابية في جوبر ممّن شاركوا في الهجوم هم الآن في قبضة الجيش السوري، وقد اشارت اعترافاتهم بوضوح الى الأصابع الإستخباراتية الصهيونية بما يحصل في جوبر بمعزل عن الأهداف التي اعلنتها الجماعات الإرهابية وتحديدًا "جبهة النصرة" و"فيلق الرحمن"، وهما تنظيمان يدوران في فلك فكري واحد أساسه الوهابية ومنبعها في المملكة السعودية. على الحدود السورية الفلسطينية تتعايش "جبهة النصرة" وجماعات إرهابية أخرى بما فيها "داعش" مع الصهاينة، إن لجهة التناغم في الأهداف او لجهة التنسيق والدعم اللذين يقدمهما الكيان الصهيوني في مختلف الأوجه ومن ضمنها الخدمات الإستخباراتية المتبادلة، حيث تقدم المخابرات الصهيونية معلومات لهذه الجماعات بما يرتبط بانتشار الجيش السوري ومواقعه واماكن الثغرات وتقديم الدعم الناري المباشر خلال العمليات التي تنفذها الجماعات الإرهابية في القنيطرة والجنوب السوري وبالتأكيد الدعم الصحي الميداني، وهو أمر ليس مخفيًا ونشرته وسائل الإعلام الصهيونية اكثر من مرة بما فيها زيارة رئيس حكومة الكيان الصهيوني لجرحى هذه الجماعات.
بما يرتبط بالكيان الصهيوني، يبدو ان قادة الكيان وقعوا في الصدمة نتيجة تصدي الدفاعات الجوية السورية للطائرات الصهيونية التي نفذت الإغارة على موقع في بلدة البريج شمال دمشق بـ110 كلم، ووجدوا انفسهم امام قواعد إشتباك جديدة وهو ما استدعى تحريك ادواتهم في دمشق لفرض حالة توازن ميدانية من خلال الضغط على العاصمة دمشق انطلاقًا من بوابتها الشرقية.
هذه الرسالة الصهيونية تتماهى مع الموقف والسلوك التركي، حيث وجدت تركيا نفسها معزولة الى حد بعيد بعد قطع الجيش السوري الطريق امام تقدم كانت تركيا تريد انجازه باتجاه الرقة، وهو ما يشير بوضوح الى الأصابع التركية في دمشق وفي ريف حماه الشمالي بعد ان عطلت تركيا اجتماع آستانة ومنعت الجماعات المحسوبة عليها مباشرة من المشاركة في الإجتماع.
بالنظر الى ما يقوم به تنظيم "داعش" في ريف حماه الشرقي، نستطيع الربط مع ما يحصل في ريف حماه الشرقي حيث الأهداف ذاتها ما يعني وجود مخطط واحد ومدير واحد لجماعات متنافرة في السلوك ولكنها تتلقى الأوامر من مصدر واحد.
وانطلاقًا من هذا المشهد الشامل وتناغم اميركا و"إسرائيل" وتركيا وتنفيذ الجماعات المختلفة الإتجاهات لعمليات متزامنة، يؤكد أنّ اميركا و"إسرائيل" وتركيا ومعهم السعودية وقطر اللتين أُسند لهما مهمة الجبهة الإعلامية بإشراف خبراء في الحرب النفسية. هذا المشهد المعقد لا بل الشديد التعقيد سيكون لفترة ليست بالقصيرة هو المشهد السائد في المرحلة القادمة، فلا الأميركيين مستعدون للتخلي عن مشروعهم اقله في القريب العاجل وعلى المدى المتوسط، ولا الدولة السورية وحلفاءها مستعدون لتقديم تنازلات لا تتناسب مع وقائع السيطرة، لهذا سيكون الميدان اكثر اشتعالًا وستحاول اطراف الصراع كل من موقعها تحسين تموضعها لصرف ذلك في السياسة التي تبدو مسارًا فيه الكثيرمن الترف في ظل حالة الإحتدام التي ربما تؤدي الى الصدام المباشر بين الروس والأميركيين، رغم كل الجهود التي تُبذل للتحكم بقواعد الحركة والإشتباك.
عمر معربوني -ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
|
||||||||
|