دام برس - منى دياب : بمبادرة ورعاية من وزير الثقافة السيد "محمد الأحمد" أقيم مساء أمس ندوة ثقافية هي الأولى من سلسلة هذه الندوات التي أطلقتها وزارة الثقافة وبدأت بأولى ندواتها بتسليط الضوء على عظمة الشاعر "خير الدين الزركلي" وذلك بحضور نائب رئيس الجمهورية الدكتورة "نجاح العطار" و سماحة مفتي الجمهورية "أحمد بدر الدين حسون" ومعاون وزير الثقافة "توفيق الإمام " وعدد من المعنيين . وعبّرت الدكتورة نجاح العطار خلال الندوة عن سعادتها قائلة : أنا سعيدة لأنكم تذكرون شاعراً كبيراً أضاعوا له حقه إلى حد بعيد ،ويكفي ان نقرأ بعضاً من شعره لنرى كم هو عظيم فهو شاعر الوطن والحنين والغربة والدفاع عن بلده سورية في كل الظروف، انا شخصيا كنت اتمنى حسب اهمية هذا الكتاب لو أنه انصرف الى الشعر وحده فشعره لامثيل له فكان سيحقق شيئ كبير في حياتنا لكنه انصرف الى تأليف هذا المعجم الضخم فعندما زرته في بيروت وجدته عاكفاً على كتابته مؤمناً بانه يصنع شيئ للاجيال لمعرفة تاريخهم وتوثيقه، رحمه الله والشكر لكم للإحتفاء به اليوم.
ومن جهته قال مفتي الجمهورية العربية السورية الدكتور " أحمد بدر الدين حسون" في تصريح له : من لم يقرأ التاريخ لايبني مستقبله ومن لم يعرف جذوره لا يكون له ثمار ولا أزهار، نحن أمة ابتلينا بهذه الحالة ونتمزق بها وقطّعنا من الجذور، فهذه الندوات تعيدنا الى الجذور ، فكما القران ذكر لنا يونس ومريم وإبراهيم ويوسف ليقول هذه جذور انسانية تعلموا منها، فاليوم عندما نذكر ماخطّه الزركلي من سياسة وثقافة وفن وشعرٍ وغيرها يقول لنا لا تنسوا جذوركم، وأكد "توفيق الإمام" معاون وزير الثقافة خلال حديثه لوسائل الإعلام على مكانة الشعر بالرغم من الأزمة التي تضرب البلاد وقال : الشعر الوطني يتمثل بهذه القامات الكبيرة ، هم قامات وطنية بإمتياز ، عملوا بالشعر والسياسة والفكر فالشاعر "الزركلي" عاش فترات الاحتلال جميعها، وكان مناضلاً مؤمناً بوطنه سوريا ووحدة الأوطان العربية بقيت سوريا الأم في قلبه وذاكرته ، وهنا اليوم نحن نحتفي بهذه القامة الوطنية العظيمة .
وفي إجابة له عن سؤال حول ما إذا كان الشاعر "خير الدين الزركلي" رائد الشعر العربي في الوطن العربي قال الأستاذ "المفتي" :هو لم يكن رائد الشعر لكنه كان سيد المنابر مع "شوقي" و"حافظ" و الشعراء الكبار ، فالنزعة القومية والوطنية التي انوجدت بهم وروحهم المشبعة بحب الوطن دفعتهم ليدفعون اغلى مايملكون فداء لتراب الوطن. وأما الدكتور "إسماعيل مروة" رئيس الجلسة صرّح لوسائل الإعلام حول قرار البدء بهذه الندوات بموافقة ورعاية وزارة الثقافة وقال : سيكون هناك كل شهر ندوة على مدار السنة ، واليوم هي الندوة الأولى من سلسلة هذه الندوات التي تهدف الى رفع سوية الندوات واختيار المواضيع الموثقة لتكريم الشخصيات السورية وتكريس الوجود الادبي السوري الذي يخدم سوريا خاصةً في هذه الظروف،
وأضاف: تم اختيار مجموعة من الشخصيات لجميع الندوات التي ستقام على مدار عام 2017. كما أجرت مؤسسة دام برس الإعلامية لقاء مع "بدر الدين النمر" محاضر في معهد الشام العالي أكد من خلاله سروره وفخره بقدومه لحضوره ندوة ثقافية في ظل الظروف التي تمر بها دمشق وقال : تستمر الحياة في هذه المدينة المحاطة بالحماية الإلهية ، وتستمر النشاطات الثقافية كما هو الحال اليوم، فقد جئنا لحضور محاضرة متعلقة بعلم من أعلام الأدب والثقافة والتاريخ والسياسة ، صاحب كتاب الأعلام الشاعر العظيم "خير الدين الزركلي" الذي طالما اراد أية باحث التعرف على اسماء تاريخية تتعلق بالادب والفن والثقافة فعليه الرجوع إلى هذا الكتاب العظيم، وأضاف : كان "خير الدين" رجلاً ذو فكراً حضارياً ،فكراً متنوراً يسبق زمانه ، ذهب للخليج واسس لهم السفارات ودواوين بالسياسة ، و جئنا لنستمتع بحضور هذه المحاضرة في دمشق قلب العروبة النابض. وأما عن أجواء الندوة فقد استهلت الندوة بدقيقة صمت على أرواح شهداء الجيش العربي السوري ومن ثم تغنى الحضور بالنشيد العربي السوري و بعدها بدأ رئيس الجلسة الدكتور "إسماعيل مروة" بالحديث عن الشاعر قائلاً: شاعر ومدرس لغة عربية، ربط الشعر بالنضال من اجل الوطن ، عاش محكوما بالاعدام عاش منفياً ومات منفياً ، وفي ديوانه كله لا نجد انتقاص ولا بكلمة لأية شخص ولا نيل من بلده سوريا الذي كان يرفعها لمراتب عليا دوماً ، هو الشاعر الذي يستحق ان يعود الى واجهة الشعر الوطني . وفي كلمة له أكد رئيس قسم اللغة العربية في جامعة دمشق الدكتور "محمد شفيق بيطار" متحدثاً عن عظمة وأهمية كتاب الأعلام للشاعر "خير الدين الزركلي" قائلاً : إنه لكتاب الأعلام وما أدراك ما الأعلام ، واحدٌ من أهم المؤلفات القليلة في القرن العشرين فالمؤلِّف والمؤلَّف معروفان مشهوران لايغفيان على احد إلا من لم يستضئ بشمس العلم ونوره. وأضاف : لم أكن أريد القدوم، فقد دُفعت الى هذا الموقف الحرج دفعاً وحاولت الاعتذار لكن الزركلي يستحق هذا ، أعلم أنني لن أضيف شيئ جديد لان ما أقوله يعلمه معظم الحاضرين ويعلمون اكثر مما اعلم،
وخلال حديثه، قسّم الدكتور "محمد شفيق بيطار" حديثه إلى ثمانية أقسام شملت وصف الكتاب وتاريخ الكتاب ومضمونه بدوره ألقى أستاذ النقد السابق في جامعة دمشق الأستاذ "حسن الأحمد" كلمته في الندوة قائلاً :
الزركلي من الاصوات الشعرية البارزة ، كان في حياته وشعره الشاعر الذي عبر عن مفهوم الاتزان أصدق تعبير . وأضاف : في المرحلة العثمانية بوادر الشعرية تفتحت مبكراً عند الزركلي وإحساسه بالحدث كان مبكراً فكان من الأصوات الشعرية التي أعلنت الموقف ولم تكتفي بالنضال السري او المخفي في هذه المرحلة لذلك كان عمله تعريةً وفضحاً لممارسات الاستعمار . أما في مرحلة الإستعمار الفرنسي عانى الزركلي كثير من مسألة مغادرة سوريا بالاضافة لإختلاط مشاعر الغربة والحنين واللوعة للوطن ، وكان من الشعراء المدافعين عن وحدة الأمة ووقف موقف حاسم ومعلن ضد ما سمي بفكرة تقسيم سوريا الي دويلات ومناطق جغرافية .
وكان ممن يؤمنون بالنزول الى ساحات القتال والابتعاد عن الخطابات والمنابر وهنا يسجل للشاعر موقف مهم جداً ربما يختلف عن بعض الشعراء بأنه مزج بين النضال بالكلمة والنضال على الأرض وكان لايفصل بين الأمرين ، وفي مرحلة الاستقلال وقيام الكيان الصهيوني لم يسجل الشاعر او يحتفي بمناسبة الاستقلال فهناك مسوغات كثيرة، إنه كان منشغل بالعمل السياسي والمناصب التي تولاها لذا لم يصدر أية احتفال او شعر . وأضاف "الأحمد" : أما من حيث البنية الفنية للشعر فالواقع أن هذا الشعر الى حد بعيد منح لنفسه الكثير من القمية الفنية والخصوصية الشعرية التي تميز بها الزركلي عن غيره . فالشاعر الزركلي ينتمي الى المدرسة الكلاسيكية الجديدة بالشعر، وأما على مستوى اللغة ، تميزت لغته بالوضوح والجزالة واستخدام معجم مزيج من الحديث والتراثي في الوقت ذاته ، وعلى مستوى التصوير مفهوم الصورة عند الشاعر الزركلي يتميز بالواقعية والحسية فكان الشاعر في معظم شعره هو تاريخ وفن وكان يتطلب ذلك الكثير من المهارة والقوة . |
||||||||
|