دام برس:
لا بد من تسمية الأمور بمسمياتها ، سؤالٌ مطروح و يتردد لدى الجميع ، من المستفيد من إذكاء نار الفتنة في سورية ؟ و استمرار القتال بين المليشيات المختلفة ؟ ، لا بد من الاعتراف بالحقيقة ، هناك مليشيات تحمل أجندات ليست في مصلحة سورية و لا شعبها ، حتى و لا المنطقة العربية ، هناك خلط شنيع في الأوراق ، إذا تحدثنا عن الداخل السوري فنستطيع القول و بكل ثقة و يقين أن الولاء من قبل غالبية من حمل السلاح في سورية سواءٌ من المعارضة أو الموالاة لم يعد لسورية و إنما للجهات المستفيدة و لا نقول سياسياً و إنما مادياً فلكلِ جهة مموليها وهم أصحاب القرار في توجيه المليشيا التي يمولونها ، هذا الكلام ينطبق على الجميع ، حان الوقت للسوريين أن يستعيدوا زمام المبادرة ، فسورية لم تفقد كل عقلائها و مثقفيها ، وهم كُثر رغم كل ما فقدت من روادها في الفكر السياسي و الإنساني و الحضاري ، و ما فقدت من خيرة شبابها الذين غادروا إلى المنافي و بلدان الإغتراب ، و أثبتوا كفاءاتهم و خبراتهم عندما أُعطوا الفرصة ، و رغم ما فقدت من أرواح أبنائها الذين فقدوا حياتهم على مذبح حرية سورية و كرامة شعبها كلٌ من وجهةِ نظره .
لا شك هناك أصحاب مصلحة في إبقاء الحرب مستعـرة ، المستفيدون و أغنياء الحروب من كلِ حدبٍ و صوب ، أما المدنيون من كل الاتجاهات و الصامتون الذين وقفوا على مسافةٍ واحدة من الغارقين في المستنقع السوري و الذين يؤمنون بالحل السياسي فإنهم ما زالوا مراقبين بلا حولٍ و لا قوة ، و لكنهم يملكون أعظم قوةٍ معنوية و أساسية وهي إيمانهم بوحدة سورية و لم تتلطخ أياديهم بدماء السوريين ، السوريون دفعوا الثمن غالياً و من كل الإتجاهات ، من المعارضة و من الموالاة ، و لا بد من الإعتراف بأن ضحايا المستنقع السوري من جميع السوريين ، لو قدرَ لهم أن يعودوا للحياة ، لبحثوا و تقصوا و تسائلوا ، من أجلِ من أُزهقت أرواحنا ؟ سواءٌ لدى الموالاة أو المعارضة ؟ ، من أجل من ؟ تَرك الناس بيوتهم حتى أولئك الذين آثروا الهجرة إلى المنافي لم يريدوا أن يشاركوا هم و لا أبنائهم في سفكِ دماء السوريين وهم بالحقيقة من الموالاة و المعارضة ، و من أجلِ من يَتمُ القتلُ على الهوية ، هؤلاء الذين تم قتلهم على الهوية سواءٌ كانوا من هذه الطائفة أو من تلك ، لماذا تمت تصفيتهم و ما ذنبهم هم لم يختاروا انتمائهم منذ ولدوا ، نحن بحاجة إلى عقلاء ، نحن بحاجة إلى مخلصين ، و أصحاب القرار الأوفياء لهذا البلد مطالبون و كائناً ما كان انتماؤهم ، مطالبون بالوفاء للأمانة ، و اتخاذ الخطوات لرأب الصدوع ، و استعادة سورية لموقعها و دورها الطبيعي في هذا الجزء من العالم ، لا بد من توقف القتل في كل مكان ، لا بد من إيقاف شلالات الدماء ، لن يكون الغرباء أرحم بسورية من أبنائها ، و أهلُ مكةَ أدرى بشعابها ، و لا يحسبن أحدٌ أن الغرباء يستطيعون أن يقدموا لسورية أكثر مما يقدمه السوريون لأنفسهم و مصلحة الغرباء بدون شك تتقدم على مصلحة السوريين كائناً ما كان انتماؤهم و ولاؤهم ، الآن سورية بحاجة لإنقاذ و أبنائها و عقلائها و مثقفيها من كل الاتجاهات سواءٌ في الموالاة أو المعارضة و بدءاً من النظام يجب أن يتحملوا المسؤولية وهم مسؤولون أمام الله و الوطن و الضمير و التاريخ و الحضارة ، و حتى أمام الانتماء المذهبي و القومي و الإثني ، و حتى يتم اللقاء و بدون شروطٍ مسبقةٍ ، لا بد من الاعتراف بالآخر الحقيقي و ليس المُصَنع على مَقاساتٍ محددة ، لا بد لهؤلاء من لقاء و لا بد لهؤلاء أن يبدأوو الخطوة الأولى ، و مهما حققت هذه الفئة أو تلك من إنجازات على الأرض فلن يكون هناك سوى التوازن القلق و خبرة السنوات السابقة تؤكد ما نقول ، و لن تستعيد القضية السورية زخمها و قوتها إلا من خلال التقاء أبنائها و اتحادهم ضد الغرباء ، نابذين خلفهم كل دواعي الفرقة و الثارات و ليس ذلك بالمستحيل إذا توفرت الرؤية الحقيقية و الأمانة و عزم الجميع على لقاء في مؤتمر وطني عام للسوريين و يعمل على تقرير المرحلة القادمة و انتقال سلمي إلى سورية الجديدة التي تضمن المواطنة الحقيقية لكل أبنائها ، و يدفع بكل القوى الغريبة عن النسيج السوري إلى الخارج ، و مهما حاولت الأمم المتحدة فلن تكون حريصةً على مصلحة السوريين كحرصهم على مصلحتهم و مهما حاولت القوى العالمية الوقوف إلى هذا الجانب أو ذاك فإنها حتماً تستثمر في مواقفها ما يخدم مصالحها أولاً ، وهي تخوض معاركها البينية على حساب الدم السوري ، و الحضارة السورية ، لا بد من إعادة البناء ، لا بد من استعادة اللحمة ، لا بد من تطبيق شعار المواطنة للجميع ، فلكل مواطن حقوق و عليه واجبات ، هل هناك من يستطيع قراءة الحقيقة كما نراها .