دام برس:
لعلّنا لسنا بحاجة للعودة إلى المربع الأول في إدارة ملف الصادرات الذي يبدو أنه الأكثر حساسية اليوم، باعتباره “نافذة خلاص اقتصادي” في هذه الظروف الصعبة والعصيبة، فثمّة مراحل من تنظيم العمل تمّ إنجازها تحت وطأة إلحاح ضرورات المناورة على صعوبات الأزمة والتعقيدات الاقتصادية المستجدّة، تحت هذا العنوان “التصدير” الذي لا يخلو في الواقع من التعقيد في ظروف الاستقرار، فكيف الحال في الوضع الاستثنائي الذي تمرّ به البلاد؟!. نموذج جاهز للمعاينة في الواقع لدينا في سورية هيكلية تصديرية تقوم على اتحاد اسمه اتحاد المصدّرين السوري، واستطاع هذا الاتحاد إنجاز ذراع تنفيذية نافذة له تحت مسمّى “شركة الصادرات السورية”، وهي شركة داعمة غير ربحية، حقّقت حضوراً في الأسواق العالمية في ظروف حرجة وصعبة، يمكن أن تكون أنموذجاً للبناء في هذا المضمار، وخلق مرادفات جديدة لها، دون الكثير من الإمعان في الدراسات، لأن الوقت لا ينتظر أولاً، وثانياً لأن من شأن أي دارس جديد لفكرة قائمة أن يتعمّد الاختلاف معها، وهنا تقع الأخطاء والشواهد كثيرة في تجاربنا الاقتصادية، حيث يكون الاضطرار للعودة إلى الصفر، وهذا بات من غير المقبول اليوم. تفاؤل بعد تجريب
تبدو مصادر شركة الصادرات السورية متفائلة إلى حدود كبيرة بنجاح الحكومة في إنجاز شيء ما لدعم مجمل العملية التصديرية، وهو تفاؤل يرجعونه إلى الجدية اللافتة التي تبديها الحكومة في التعاطي مع هذا الملف، والإصرار على تحقيق إضافات حقيقيّة على مستوى دعم القطاع بشكل عام. أذرع داعمة تحت الطلب الواضح أن شركة الصادرات السورية كانت ذراعاً فاعلةً لاتحاد المصدّرين وللاقتصاد السوري عموماً، وليست مجرد آلة دافعة للسلع التصديرية، ففي عملها تركيز على مقدمات التصدير ومستلزماته اللوجستية، والأخرى المتعلقة بأدبيات التعاطي مع الشركاء في الخارج، وفق ما يُفهم من حديث مصادرها، التي تتحدث بثقة عن خطوات راسخة تمّ التقدم عبرها في طريق المصافحة مع الشركاء في الخارج، فهم يشيرون إلى أن الشركة قامت بالتنسيق مع الشركات الإيرانية بتأمين عمليات مقايضة لسلع مقابل فواكه سورية وسيتمّ التطبيق خلال هذا الموسم، وأقامت مستودعاً مجانياً في طهران لاستقبال بضائع المصدّرين إلى إيران و لحين تسويقها، كما أقامت مركزاً لها في مجمع “الفود سيتي” بموسكو لتصدير المنتجات الغذائية والزراعية السورية، إضافة إلى أنها تنسّق المشاركات الخارجية في المعارض الدولية مالياً، لأن أي معرض يُقام خارج سورية يتطلب ثقة بين البائع والمشتري، وحالياً لا يتمّ تثبيت الشراء والبضائع للمصدرين إلا بموجب مقدم (عربون)، والمستورد ليس له ثقة بتوريد البضائع من سورية بسبب الحرب، فكان اتحاد المصدّرين هو الكافل والضامن من خلال شركة الصادرات للزبائن الخارجيين. هذا إلى جانب تأمين معظم اللوجستيات للتصدير البحري من المرافئ السورية، ومن خلال هذا العمل استطاعت الشركة الوصول والانتشار إلى العديد من الأسواق وحلّ عشرات العقبات أمام المصدّرين السوريين. لا وقت لـــ”إعادة” اختراع البارود
هي تجربة يرى خبراء اقتصاديون أنه لا بد من وضعها نصب العين ونحن نعدّ العدة لصياغة آليات دعم وإنعاش جديدة لقطاع التصدير، ولعلّه من المفيد أن ننتبه إلى أننا بحاجة إلى استنساخ المزيد من هذه الهياكل التنفيذية الحاملة لسلعنا باتجاه الأسواق الخارجية، فحديثنا أو بحثنا اليوم يجب ألا يتوقف عند شركة صادرات سورية، بل شركات متعدّدة للصادرات، تتخذ في عملها بعداً نوعياً متخصّصاً. المصدر - صحيفة البعث |
||||||||
|