دام برس: الحديث عن موضوع دولة المؤسسات في دول العالم النامي وخاصة الدول العربية أصبح موضوع الساعة والموجة الجديدة، كما أنه يتخلل أحاديث نخبة المجتمع الحديث بشكل دائم عن ضرورة الحفاظ عليها، وهذه النخبة تعبر عن مواطنين تصل نسبة الأمية بينهم الى درجة عالية ويعانون من مشاكل اقتصادية وجهل وإحباطات لا يميزون معها - بغالبيتهم - الفرق بين المؤسسات والتكنولوجيا، وهذه الأمراض من أهم أسباب غياب الرؤية الواضحة لما يتم الحديث عنه، في الدولة الحديثة لا توجد مؤسسة واحدة ولا سلطة واحدة وإنما توجد هناك سلطات كل منها تمارس بواسطة مؤسسة دستورية، هناك سلطة تشريعية والتي تمارسها مؤسسة اسمها "مجلس الشعب" وفقاً لنص الدستور.
وهناك سلطة تنفيذية تمارسها كل المؤسسات التنفيذية، وهناك سلطة القضاء تمارسها المحاكم على اختلاف أنواعها، وكل سلطة من السلطات لها اختصاص محدد في إطار الدستور، فإذا هي خرجت عن هذا الاختصاص المحدد كان خروجاً غير مشروع والدستور وزع الاختصاصات وحدد لكل مؤسسة اختصاصاتها وجعل المشروعية مقرونة بالالتزام بالقوانين والأنظمة التي تحكم عملها وهذا هو جوهر فكرة دولة المؤسسات. وهناك دائماً آليات للرقابة وهي في الواقع قوانين وأنظمة تفرض الالتزام وتمنع تكوين محسوبيات وفساد ضمن المؤسسات، ومؤسسات المجتمع المختلفة في الدول المؤسسية تكون هياكلها وقواعدها معروفة وثابتة، تقدم خدماتها في الدولة دون أن تتأثر بتغيير الحكومات، حتى لو تغيّر رؤساء حكومات أو وزراء فهي لا تتأثر ولا تهتز، بل تدرك أن هناك دستوراً وقوانين وأنظمة، ولهذا نجد بأن الدولة المؤسسية لا تتأثر بما يحدث في الجزء السياسي للدولة الذي يكون عرضة للتغيير مثل قدوم حكومة جديدة أو وزراء جدد ولا نجد أن قلقاً أصاب الناس ولا توتراً، بل الحياة هي نفسها، والمواطن إن ضاع حق له في دولة المؤسسات ذهب إلى مؤسسة القضاء وليس إلى الحكومة وفي اطار هذه المفاهيم نرى أنه من الضروري اصلاح الادارات في المؤسسات والهيئات العامة في الدولة عبر تحديث أليات العمل فيها من خلال تطوير أنظمتها الداخلية ورفع مستوى تأهيل الكوادر فيها وخصوصاً الرقابية منها مثل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية والمؤسسات الاعلامية والقضاء لتواكب المستجدات الحاصلة، والإصلاح هو التطوير أو التغيير إلى الأحسن ويكون بتغيير السيئ إلى الصالح واستبدال الصالح بما هو أصلح حتى تستقيم الأمور.
وينبع هذا التغيير من احتياجات العاملين والمواطنين، ولا تمليه النخبة ولا تفرضه فرضاً، فالإصلاح هو الحركة العامة الموجهة لإحداث تغيير تدريجي في المجتمع، تستند في التزامها بالتغيير إلى الإدارة الواعية لأفراد المجتمع وقياداته، وتهدف إلى إزالة الخلل والفساد الموجود في قطاعات المجتمع واداراته المختلفة وتحقيق التكافؤ في الفرص والمساواة أمام القانون، والعدالة في توزيع الإنفاق العام واشتراك أفراد المجتمع في المسؤولية، ويجب أن تكون الحقائق والمفاهيم والمفردات للإصلاح متشابهة، وهذا يؤدي إلى أن الإصلاح همٌّ عام، وتوجّه مجتمع بأكمله، ويُنظر له بأنه من أهم عناصر التنمية وهو من واجبات المواطنة الصالحة، وإن الكلمة الهادفة والقدوة الصالحة من وسائل الإصلاح المهمة، وليس كلّ من يرفع شعار الإصلاح صار مؤمناً به. م. نضال يوسف – مدير التلفزيون السوري. |
||||||||
|