دام برس: ما أن بدأت العملية العسكرية الروسية في سورية، حتى شنت وسائل إعلام غربية وعربية هجوما موسعا على التدخل الروسي مع محاولة تشويه الأهداف التي من أجلها تدخلت موسكو عسكريا في سورية.
أولى المواقف جاءت من الولايات المتحدة التي أعلنت أن العمليات العسكرية الروسية على مواقع "داعش" لن يكون لها فائدة كبيرة، وأنها بمثابة صب الزيت على النار، لينتقل الهجوم الأمريكي بعد ذلك إلى محاولة التشكيك في العمليات العسكرية الروسية عبر نشر دعاية مضادة تتهم موسكو بأن هدفها الحقيقي توجيه ضربات للمعارضة السورية تحت غطاء الحرب على "داعش".
وكان مسؤولون روس أكدوا أكثر من مرة أن العملية العسكرية في سوريا تستهدف تنظيم "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها في الغرب استبقوا الضربات الجوية الروسية بإطلاق تقارير كاذبة نشرتها وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن مقتل مدنيين واستهداف "المعارضة المعتدلة".
قراءة المواقف الغربية تشير إلى حالة الارتباك والخوف من المتغير الذي أحدثته موسكو داخل سوريا، ليس على صعيد محاربة "داعش" فحسب، بل على صعيد الأزمة السورية بشكل عام وموقع روسيا منها.
الخشية الأمريكية تكمن في اليوم التالي لدحر "داعش" حيث تكون موسكو قد أصبحت أقوى اللاعبين في سوريا، ولديها القدرة على فرض أجندتها السياسية.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الرئيس الروسي وجه صفعة قوية للولايات المتحدة عندما قام بإطلاق صواريخ من بحر قزوين وأصاب جميع الأهداف المحددة، وهذا يتناقض تماما مع الغارة التي شنتها الولايات المتحدة بالخطأ على مستشفى "أطباء بلا حدود" في محافظة قندوز بأفغانستان.
فيما اكتفت مواقف بعض الدول العربية خصوصا الخليجية منها باتخاذ مواقف سياسية منددة بالتدخل العسكري الروسي في سوريا، اتجهت وسائل إعلام عربية إلى وصف الوجود الروسي بالاحتلال لسوريا، وإنه يهدف إلى دعم الإرهاب لا محاربته.
وتعيد هذه الدعوة إلى الأذهان أحداث أفغانستان قبل ثلاثة عقود، حين رفعت السعودية لواء تجنيد المجاهدين عبر فتاوى دينية تحض الشباب على قتال السوفييت. لكن دعوة الجهاد أثارت جدلا واسعا داخل المملكة خوفا من أن تؤدي إلى إشعال حماس الشباب السعودي الذين سافر الآلاف منهم للقتال في سوريا، حيث تخشى الرياض من عودة هؤلاء فيما بعد إلى أرضها وصعوبة التعامل معهم، وربما هذا ما دفع المشرف العام على مؤسسة ديوان المسلم الشيخ ناصر بن سليمان العمر إلى التخفيف من حدة دعوة الجهاد، بقوله إنه تم تشويه مقاصد بيانات العلماء، فالمقصود بحسب الشيخ العمر هو رسم منهج شرعي للتعامل مع التدخل العسكري الروسي، وليس فيه أي دعوة للذهاب إلى سوريا. ووفق معلومات مسربة من السعودية قامت وزارة الداخلية بفتح تحقيق حول بيان العلماء، فالواقع السعودي اليوم لا يتحمل دعوات جهادية جديدة، وهذا السبب كان وراء إصدار قانون مكافحة الإرهاب في آذار / مارس 2014 ، الذي يُجرّم من يقاتل في الخارج، وجرت، بناء عليه محاكمة أكثر من أربعين سعوديا سافروا إلى سوريا والعراق في أوقات سابقة، فيما تجري محاكمة أكثر من 1500 آخرين غيابيا. حسين محمد |
||||||||
|