الرئيسية  /  أخبار

جسد الشهيد محمد حسن في غياهب المجهول.. وروحه في جنان الخلد .. دام برس في رحاب شهداء بانياس


دام برس - سهى سليمان :

فارغو الجيوب ما خجلوا بفقرهم، بل افتخروا بغنى نفسهم، وبكرم الله عليهم حين اختار من بينهم شهيداً ليسكنه فسيح جنانه.. فكانوا أكرم الناس وأغناهم حين قدموا أغلى ما يملكون لما هو أغلى

تتجسد نظرة تلك الطفلة الصغيرة صور البراءة والمحبة والدهشة، ربما كانت تنتظر قدوم والدها الذي لا تذكره، ليجلب لها لعبة، أو ربما تنتظر قطعة سكر من أحد الجيران، أو أن تخرج لتلعب مع صديقاتها في القرية.

أما السيدة شادية فلم تغلق أبواب الألم والأمل حتى تفتحها، فبعد مرور عامين على استشهاد الشهيد محمد عبود حسن لا زالت مفعمة بالأمل المرتبك بأن زوجها لا زال حياً يرزق، وسيعود يوماً ما.

دام برس زارت قرية نعمو الجرد التابعة لناحية العنازة في منطقة بانياس بمحافظة طرطوس، لتطرق باب السيدة شادية أحمد أحمد زوجة الشهيد محمد حسن حيث استقبلتنا في منزل زوجها وكانت تحضر نفسها للذهاب للتعزية بأحد الشهداء في القرية، فكان لنا حديث سريع مليء بالشجن:

الشهيد محمد: قلب لا يعرف الكره

ماذا فقدتِ بفقدان زوجك؟

كان زوجي معروف بطيبة قلبه ومحبته للآخرين، كريماً متفانياً في عمله وبيته، لا يعرف الكره ولا الحقد، وبفقدانه فقدت كلّ شيء جميل، وكلّ معاني الحياة ببساطتها، لكني أحمد الله على أنه أكرمنا باستشهاده.

ربما لم ينل تحصيله العلمي العالي لكن باستشهاده ودفاعه عن الوطن نال أعلى المراتب والدرجات عند ربّ العالمين إن شاء الله، فالشهادة هي قيمة عظيمة ومكرمة من الله سبحانه وتعالى.

23 تموز 2013... تاريخ يتردد صداه في كل ثانية

كيف كان وقع خبر استشهاد زوجك؟

كانت لحظات صعبة وحزينة جداً، لا يشعر الإنسان بها إلا بعد فترة، عندما تفتقدين كلّ شيء في المنزل، وتبدأ الذكريات تحاصرك من كلّ صوب، مشاركته لنا في الطعام والشراب والعمل، فترات قضيناها لا يمكن أن تنسى.

استشهد زوجي بتاريخ 23/7/2013 في درعا مخفر الحارة، لا نعرف كيف استشهد، كان آخر مرة اتصل بي كان في تل الحارة، وسألني عن الأولاد واطمأن عليهم جميعاً، وقال انشاء الله في العيد سآتي إليكم، وبعد 3 أيام ضرب المسلحون المخفر، وجاء العيد وبعده العيد لكننا لم نعرف عنه شيئاً سوى أنه استشهد.

لم يأتوا لي بجثمانه، ولا أعرف بأي أرض هو دفن أم لا، غصة في قلبي، لذلك لا يزال الأمل موجود بأنه حيّ يرزق، وأنه لم يستشهد، وإن كانت الشهادة فخر وعزة وكرامة.

أطفال بعمر الورد أمانة سنحافظ عليها

على صوت أجراس دراجة صغيرة كان الطفل الصغير يلعب بها، وعلى أرجوحتها الصغيرة كانت تلك الملاك تتساءل أين أبي؟ تابعنا الحديث مع زوجة الشهيد.

كعائلة مكافحة ومزارعة ومن ذوي الشهداء لا شكّ أن هناك صعوبات عانيت منها... ما هي أهم هذه الصعوبات؟

تمرّ الأزمة على جميع الناس، لكن الحمد الله بجهود بعض الجهات المعنية والجمعيات الخيرية والهلال الأحمر يتمّ تقديم لنا الكثير من المعونات ونشكرهم جزيل الشكر على ذلك.

اقتات من راتب الشهيد، لكن الحياة صعبة، لذلك نشتغل بالزراعة، مع عائلة زوجي حيث نعتمد على مواسم الزيتون والتبغ لمحاولة زيادة مدخولنا والمساعدة قدر الإمكان في تربية طفليي، فهم أمانة في عنقي.

كيف تحاولين تحمل عبء مشقات الحياة مع وجود طفلين؟

أحاول بكلّ جهدي أن أعوض عن حنان الأب وقوته في الوقت نفسه، وأتمنى من الله تعالى أن يعطيني الصبر والقوة لتربيتهما وتحقيق كلّ أحلامهما، فهمل لا يزالا صغيران (الصبي مستمع في المدرسة، أما الطفلة فعمرها 3 سنوات) لا تتذكر أباها إلا في الصور، حتى هو رآها مرتين فقط مرة كان عمرها 3 أشهر وآخر مرة 7 أشهر.

إضافة إلى ذلك تمّ توظيفي بعد مكرمة السيد الرئيس كوني من ذوي الشهداء، والآن أنا موظفة في إحدى مدارس القرية التابعة لتربية طرطوس، وكان ذلك باهتمام مكتب الشهداء في محافظة طرطوس، نشكرهم على هذه العناية والمتابعة، كما اتمنى أن ينال أطفالي حقوقهم كذوي الشهداء من خلال متابعتهم الدراسية.

الشمس تشرق من جباه الشهداء

كلمة أخيرة ترغبين بقولها عبر مؤسسة دام برس الإعلامية؟

أرغب في توجيه رسالة للسيد الرئيس بشار الأسد، وإلى كلّ من يقاتل في الجيش السوري، إلى الجرحى والمحاصرين في كلّ مكان، إلى من يحمل السلاح ويصوّب بندقتيه نحو العدو، أقول لهم الله يحميكم وينصركم على عدوكم.

في الختام... وجهت زوجة الشهيد محمد حسن شكرها لمؤسسة دام برس الإعلامية على الاهتمام بذوي الشهداء... ونحن بدورنا نشكرهم على تواضعهم وتشريفنا بزيارتهم في منزلهم، ونتمنى أن نكون صوت أهالي الشهداء لإيصال شكواهم أو معاناتهم.

لن يموت فينا الأمل ما دام رجال الشمس على أفق النار صامدون...

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=12&id=59471