الرئيسية  /  أخبار

عبد الرحمن .. شابٌ من الغوطة يولد مرتين


دام برس - خاص - سعيد شرف :

لم يكن يعلم "عبد الرحمن" ابن الستة عشر عاماً أن طريقه إلى الحرية سوف يمر عبر ترعة ماءٍ موصولةٍ بمجرىً يمتد لمسافة أربعمئة متر طولاً ..

إما الولادة من جديد أو الموت برصاص المسلحين , هذا ماكان يجول في خاطر "عبد الرحمن " أحد سكان مينة دوما قبل الشروع  في مغامرته التي انتهت به إلى الولادة من جديد ..
القصة بدأت منذ بداية الحرب على سوريا وكما هو حال آلاف العائلات بقيت عائلة "عبد الرحمن " حبيسة الأماكن التي سيطرت عليها بعض المجموعات المسلحة في الغوطة الشرقية ومنها دوما تلك المدينة التي تضم أكبر تجمع للمدنيين في الغوطة الشرقية والذين يعيشون تحت وطأة ظلم المسلحين بعد أن اتخذتهم تلك الجماعات دروعاً بشريةً ومصدراً للضغط على الدولة السورية في ظل الحرب المفروضة على البلاد ..

فكرة الخروج من مدينة الموت كما أسماها "عبد الرحمن" كانت الشغل الشاغل للكثير من العائلات المحاصرة في دوما بعد إيمانهم المطلق بأن العيش تحت رحمة عديد المجموعات المسلحة أضحى انتحاراً بعدة وسائل عسكرية ومعيشية واجتماعية ..

فليس وحده رصاص المجموعات المسلحة سبباً لإنهاء حياة الأبرياء في تلك المناطق حيث أن غلاء الأسعار وسوء الوضع المعيشي بات سكيناً يحز نحور عشرات آلاف الجياع في تلك المناطق  ..

مغادرة هذه المدينة كان قراراً لا رجعة فيه من قبل عائلة "عبد الرحمن" مع علمهم بخطورة هذه الخطوة كون الموت هو المصير الوحيد الذي ينتظر العائلات إن قررت البقاء في مناطق سيطرة الملسحين والكلام لـ"عبد الرحمن"  ..
القرار التخذ , والفرار باتجاه العاصمة بعد التنسيق مع لجان المصالحة في الغوطة الشرقية كان الأمل للنجاة من سطوة المجاميع المسلحة المتحررة من سلطة الضابط القانوني والأخلاقي والإنساني على أقل تقدير ..

صبيحة يوم السبت , في الثامن والعشرين من شهر نيسان الحالي كان مسير العائلة تسللاً نحو أقرب حاجز للجيش السوري , إلا أن الخوف الذي سبق خطاهم اكتمل بعد علمهم بملاحقة الجماعات المسلحة لابنهم "عبد الرحمن" والتي علمت بنية الفتى الخروج من دوما وكان الأمر بقتله فور إلقاء القبض عليه , الأمر الذي دفع بالشاب اليافع إلى الإصرار على الخروج كون عودته إلى دوماً باتت بمثابة حكم الإعدام المحتم عليه ..
ترعة ماءٍ مسقوفة بألواح من الآجر تمتد لمئات الأمتار و لاتتسع لمرور شخص بالغ إلا بالانحناء والزحف , هي الوسيلة التي اتخذها "عبد الرحمن" للعبور إلى أقرب حاجزٍ للجيش السوري ومئات الكوابيس تتهاطل في ذهن الصبي وهو يتخيل لحظة إعدامه في حال تم إلقاء القبض عليه هارباً ..

وصل "عبد الرحمن" وتابع رحلة الحرية مع عائلته , حيث تم استقبالهم في مراكز إيواء أعدتها الدولة السورية في دمشق مسبقاً لاستقبال العائلات الهاربة من الغوطتين الشرقية والغربية , والتي بلغ عدد الواصلين إليها من أواخر العام الماضي قرابة اثني عشر ألف شخص ممن تجرعوا مرارة بطش المجموعات المسلحة في ريف دمشق , عبارات مؤلمة أنهى خلالها "عبد الرحمن" حديثه معنا : بئس اليوم يومٌ حدثتني فيه أمي عن حلمها برغيف خبز تأكله , لاسامح الله المسلحين , ساعد الله العائلات التي بقيت داخل الغوطة ,  ختم " عبد الرحمن" .. 

 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=12&id=58697