دام برس : كتب عمر معربوني في سلاب نيوز .. لست أنطلق من لبنانيتي فقط حين أشعر بالإعتزاز بالجيش الذي تجاوز كل التوقعات في ثباته وتضحياته قياساً على حجم إمكانياته التي لا تتلاءم مع نوعية وطبيعة المعارك التي يخوضها، فمنذ معركة نهر البارد يثبت الجيش اللبناني قدرات استثنائية في خوض معارك تسلتزم معدات وأسلحة حديثة وعصرية لا يملك جيشنا الوطني منها شيئاً. انطلاقاً من هذا الثبات وروح التضحية العالية للجيش اللبناني، لا بدّ من إعطاء هذا الجيش حقه وتوصيف مواجهاته بموضوعية كبيرة في مقاربة المستقبل حتى لا تضيع تضحياته نظراً لدقة وخطورة المعركة التي يبدو أننا في بداياتها. ما جرى في رأس بعلبك ليس معركة منفصلة عما سبقها من معارك في مواجهة الإرهاب التكفيري، إنما هي معركة في السياق نفسه الذي بدأ مع الإحتكاك الأول للجيش اللبناني مع هذه الجماعات في جرود الضنية في العام 2000، وفيما بعد معركة نهر البارد عام 2007 والتي حقق فيها الجيش اللبناني انتصاراً كبيراً في الجانب العسكري. أما لماذا بدأت كلامي عن جرود الضنية ونهر البارد والمعركة الآن تدور في عرسال وراس بعلبك؟ فلأنّ الأمر مترابط بشكل وثيق ويجب أن نعيد قراءته بشكلٍ مختلف يؤدي الى النهاية المرجوة في الإنتصار على هذه الجماعات واقتلاعها من جذورها. بالعودة الى ما ذُكر في المذكرة الإستراتيجية لعبدالله بن محمد عن نظرية الذراعين، والتي فسرها بأنّ القلب يجب أن يكون في العراق والإمتداد باتجاه الذراع الأول في اليمن والذراع الثاني في بلاد الشام التي تتضمن لبنان، والهدف الإستراتيجي هو مواطئ قدم على الشواطئ تمهيداً للسيطرة الكاملة عليها. وبالرجوع الى مخيم نهر البارد الذي يقع قريباً من شاطيء الشمال اللبناني يبدو وكأنه المحاولة الأولى من هذه الجماعات لوضع يدها على موطئ قدمٍ في بقعةٍ تمّ تصنيفها من قبلهم على ما يبدو بالضعيفة أو الرخوة، والتي تمتلك امتداداً جغرافيا باتجاه العمق السوري وهو ما حصل ويحصل حتى اللحظة، رغم أنّ المساحات الجغرافية التي سيطرت عليها هذه الجماعات في أرياف حمص قد تم تحريرها من قبل الجيش السوري وأصبحت تشكل عائقًا كبيرًا أمام تمدد هذه الجماعات. وما حصل أخيراً في طرابلس وقبله في عرسال وجرود بريتال والمحاولات العديدة في جرود قوسايا وغيرها، تؤكد نية هذه الجماعات على المضي في تحقيق نظرية الذراعين عبر مناطق يتم تصنيفها من قبلهم أنها ضعيفة، وهذا ما ثبت خطأه حتى اللحظة، حيث استطاع الجيش اللبناني إدارة المعركة اعتماداً على القرار الجريء وإرادة القتال دون النظر الى النقص الفادح في التسليح والعتاد. عسكرياً، ورغم عامل المفاجأة الذي حصل في عرسال وحجم الخسائر التي لحقت بالجيش اللبناني، استطاع الجيش وخلال يومين حينها أن يستعيد المبادرة ويعيد تنظيم وحداته ضمن تشكيلات قتالية تتناسب مع حاجات المعركة وطبيعتها. وإن كان الوصول الى الشاطئ هو من ضمن الأهداف الإستراتيجية لهذه الجماعات، فعلينا أن نتحلى بالرؤية الشاملة والدقيقة وأن نبادر وسريعاً الى توصيف هذه الجماعات توصيفاً شاملاً يقارب حقيقتها وأهدافها، وهو أمرٌ يجب أن يقوم به ذوو الإختصاصات على تنوّعها والخروج سريعاً بما يشبه برنامج عمل جامع وقابل للتحقق.
هذا البرنامج ليس مستحيلاً إن توفّرت النوايا الصادقة والتوجه الوطني الموحد في توصيف طبيعة المخاطر دون لف أو دوران.
في التفاصيل الميدانية، لا مكان للتفاؤل و التشاؤم إنما للوقائع التي لا تنبئ بما هو خير، فالخطر يتزايد ويجب الاستعداد لمواجهته بشكلٍ واضح. وما جرى في عرسال وطرابلس حتى الآن لا يعدو كونه برأيي أكثر من مناورات تستهدف جس النبض وتشتيت قوة الجيش بانتظار تبلور اللحظة الحاسمة. واذا ما تذكرنا ما حصل في عرسال، فإنّنا نرى أنّ موجة الهجوم الأولى على مواقع الجيش انطلقت من مخيمين للنازحين السوريين وهما مخيم "من هنا مر السوريون" ومخيم "التلاحم"، وهو أمر يمكن أن يتكرر في أكثرمن مكان في البقاع والشمال خصوصاً اذا ما علمنا أنّ عدد مخيمات النازحين في البقاعين الأوسط والغربي يناهز الـ280 مخيم وتضم حوالي 650 الف نازح، بالإضافة الى أعداد كبيرة من النازحين تنتشر في قرى البقاعين الأوسط والغربي.
واستناداً الى التجارب الإستخباراتية في كل العالم والتي لم تستطع أن تجري ما يسمى بالمسح الشامل والإنتقال الى المسح الدقيق إلّا في الجانب المرتبط بالأعداد وبعض الجوانب التي لا يمكن الإستفادة منها في تحديد الخلايا النائمة، يبدو الوضع دقيقاً وحساساً ويستوجب أعلى مستوى من التعاون بين الأجهزة الأمنية والإستخباراتية والأهالي المتضررين من هذا الوضع سواء كانوا لبنانيين أو سوريين وهذا ما يُصنف في سياق الأمن الوقائي.
3- تجاوز الخلافات السياسية والشروع في التنسيق الأمني مع الجيش العربي السوري والمقاومة لتسريع القضاء على الجماعات التكفيرية التي تستفيد من المساحة الجغرافية الفاصلة بين الحدود اللبنانية والسورية. 5- القيام بتنظيم حملة دينية دائمة من هيئات دار الفتوى في توصيف الجماعات التكفيرية لتكوين رأي عام إسلامي بمواجهة هذه الجماعات، وعلى اأن تكون هذه الحملة دائمة ومستمرة وليس مجرد اصوات خجولة ومتقطعة. في الختام لن يكون ما حصل في راس بعلبك هو خاتمة المواجهات، وعلينا أن نتوخى الحذر واليقظة، وما الصمود الذي يبديه الجيش اللبناني حتى اللحظة إلّا بنتيجة المستوى العالي من إرادة القتال، التي اذا أضيفت اليها الأسلحة النوعية والعتاد المطلوب فإننا سنكون أمام نتائج أفضل وحسم أسرع. سلاب نيوز |
||||||||
|