دام برس :

يصل ممثل الدبلوماسية الانكشارية إلى أرض المن والسلوى، هذه المرة لن يمشي الانكشاري بزهو بني عثمان ، بل سيوزع ابتساماته يمنةً ويساراً بكل حذاقة ومحاباة، أنقرة ليست في أحسن أحوالها، ومن لسان مسؤوليها هي بحاجة لإعادة علاقاتها مع دول الجوار.

إيران هي المحطة الأهم، لأنها مفتاح الحل لأنقرة من أجل إعادتها إلى ساحات خربتها بفعل تدخلها ودعمها لأطراف على حساب أخرى.

وزير الخارجية التركية مولود شاويش اوغلو التقى المسؤولين في إيران، ثم خرج بابتسامة عريضة تلخص الكثير مما جال في الغرف المغلقة، أتى المؤتمر الصحفي ليكشف القليل مما جال وراء الكواليس، تحدث الوزير التركي بأريحية عكست أجواء إيجابية على الحاضرين.

جدد موقف بلاده الداعم للمفاوضات النووية بين مجموعة 5+1 وإيران ولحق طهران امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، موقف قد يزيل الكثير من الجليد الذي شاب العلاقة بين الدولتين بسبب الملف السوري، وهو موقف حسن نية، وإشارة واضحة لرغبة الأتراك بإعادة حياكة علاقات متينة مع أسياد السجاد التبريزي.

فيما يخص الأزمة السورية، ادعى أوغلو أن تركيا تنشد الأمن والاستقرار والسلام في سوريا مؤكداً أن إيران وتركيا رغم تباين وجهات نظرهما حول هذا الموضوع إلا أنهما تعمدان لإيجاد حلول مشتركة لمعالجة الأزمة السورية.

يكفي أن تكون طهران مطلعة على ما يجول بخاطر الأتراك عن قرب، لتكون مكسباً لدمشق حليفة طهران، أي مساعٍ قد تكسر كل الجليد وتخفف من نسبة العداء ضد سوريا مرحب بها من قبل الأصدقاء، ما دام التنسيق في أعلى مستوياته بين سوريا وبين حلفائها فلا ضير من أن يقوم الحلفاء بنشاط اجتماعي على المستوى الإقليمي في محاولة لاقتناص ما يمكن من الفرص وتوفيراً للوقت من أجل الوصول إلى تسوية، لم يُنكر الخلاف الإيراني ـ التركي بشأن سوريا، لكن استمرار التشاور بين هاتين الدولتين حول الملف السوري أفضل من عدم وجوده.

بدوره وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أعرب خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بنظيره التركي عن الأمل بخفض التباين في وجهات النظر حيال الملف السوري إلى الحد الأدنى ، موضحاً انه لا إيران ولا تركيا ترغبان بمشاهدة الشعب السوري يقع ضحية القتل والإرهاب، وان الشعب السوري يجب أن يقرر مصيره بنفسه دون التدخل الخارجي.

طهران وبمنتهى الذكاء أرادت استغلال وجود وزير الخارجية التركي لديها لإيصال رسالة إلى الرأي العام العالمي بأن كل محاولات التدخل الأجنبي في سوريا باتت محكومة بالفشل، لكن اللافت أكثر هو أن ما قاله الوزير الإيراني يتناقض مع مطالبات أنقرة لأمريكا وأوروبا بضرورة إقامة منطقة عازلة في سورية تشرف تركيا عليها، فهل أفضت المحادثات السورية ـ التركية إلى نتيجة أنه ممنوع إقامة تلك المنطقة وفي المقابل ستجعل طهران علاقاتها مع الأتراك بأفضل أحوالها، إضافةً إلى أن إيران ستكون شفيعة تركيا لدى الدول التي أصبحت معادية لها مثل سوريا على سبيل المثال؟ بمعنى آخر كيف يمكن أن نوفق بين ما قاله الوزير الإيراني بتقرير الشعب السوري لمصيره بنفسه دون تدخل أجنبي وبين مطالبات أنقرة بمنطقة عازلة إذاً؟، اللهم إن لم يتم الاتفاق بين الجانبين على حل تلك المسألة.