دام برس : من جديد، تُثبت جبهات حلب أنها الأكثر تناغماً مع المُعطى السياسي. المدينة التي باتت محوراً لأحدث المبادرات الأممية، تشهد سباقاً محموماً في ميادين المعارك. الجيش السوري كاد يستكمل طوقه حول الأحياء الشرقية من المدينة، فيما تجهد المجموعات المسلحة لتغيير المعادلة انطلاقاً من الريف. ورغم عدم وجود كيانٍ سياسي معارض يُمثل المجموعات المسلحة، أو يمتلك تأثيراً مباشراً عليها، فإن معظم هذه المجموعات ترتبط بجهات إقليمية، ودولية فاعلة في اللعبة الأممية حول سوريا، فيما يحاول «الائتلاف السوري المعارض» الظهور بوصفه لاعباً فاعلاً في المشهدين السياسي والميداني.
على الأرض، اشتعلت جبهاتٌ عدّة خلال اليومين الأخيرين، أبرزها جبهة نبّل والزهراء في الريف الشمالي. ويُعتبر الهجوم عملية استباقية، تهدف إلى منع الجيش من القيام بعملية عسكرية تُفضي إلى إغلاق طريق حلب ـ أعزاز، وتُمهد لفك الحصار المفروض على نبل والزهراء منذ حوالى عام ونصف عام. كما يأتي الهجوم سعياً من «النصرة» وحلفائها لوصل الطريق بين حندرات وماير، مروراً ببيانون، الأمر الذي يتطلب أولاً السيطرة على الزهراء الشرقية، والذي سيكون من شأن نجاحه تأمين إمدادات تمنح أفضلية للمسلحين على جبهة حندرات. ساحة المعركة
الهجوم الذي انطلق ليل السبت/ الأحد، جاء عبر أربعة محاور. مدينة نبّل استُهدفت انطلاقاً من ماير (شرق المدينة)، والزيارة (شمال). واتضح أن الهجومين كانا «بقصد الإشغال، وإعاقة إرسال مؤازرة إلى الزهراء»، وفقاً لما أكده مصدر ميداني من داخل نبّل لـ«الأخبار». أما الهجومان اللذان استهدفا بلدة الزهراء فجاءا انطلاقاً من الطامورة (جنوب)، والثاني (وهو الأعنف) من جهة بيانون (جنوب شرق). وعبر هذا المحور، حقق المهاجمون تقدّماً في منطقة المعامل، التي تُعتبر منطقة تماس تتداخل فيها السيطرة. وأمس، تبادل الطرفان القصف، حيث استخدم المهاجمون صواريخ غراد، وقذائف الهاون، فيما ردّ المدافعون باستخدام الهاون والمدفعية، وأفادت مصادر ميدانية بأن المهاجمين استخدموا عدداً من الدبابات. وتمّ تأكيد مقتل القائد الميداني في «جيش المجاهدين» ماجد كرمان، إضافة إلى اختطاف ثلاثة أشخاص من عائلة التّقي من أبناء بلدة الزهراء، تضاربت الأنباء بشأن مصيرهم. «النصرة»: إمدادات وانتحاريون بدورها، تحاول «جبهة النصرة» اعتماد استراتيجية هجومية تضمن لها الإفادة من «الانتحاريين»، سلاح «الجهاديين» الأقوى. مصادر «جهاديّة» كانت قد أكّدت لـ«الأخبار» أنّ «عشرين مجاهداً باتوا على أهبة الاستعداد لتنفيذ عمليات استشهادية تُثخن في النصيريين والروافض على مختلف جبهات حلب». وتتطلّب العمليات الانتحاريّة إمكانية وصول المهاجمين إلى مداخل المناطق المُستهدفة، وتمنح المسافات المكشوفة قدرة للمدافعين على استهداف السيارات المفخخة قبل وصولها إلى الهدف، كما تمنح إمكانية لتدخل الطيران. «النصرة» التي تتزعم الهجوم وتُخطط له بدت واثقةً من «تحقيق نصر ساحق». مصدر من «الجبهة» قال لـ«الأخبار» إنّ «هذا الهجوم لم يبدأ ليفشل. الإمدادات لن تنقطع، والسيف لن يعود إلى غمده قبل اقتحام معقل الشبيحة (في إشارة إلى نبل والزهراء)». مصادر عدّة كانت قد تحدثت عن استقدام «النصرة» إمدادات كبيرة من ريف إدلب الذي بات أحد معاقلها، تمهيداً لهجوم ليلي. تحرك مفاجئ للجيش
إلى ذلك، اندلعت مواجهات عنيفة على جبهات حندرات وسيفات وكفر صغير والصناعة (شمال حلب). وبالتزامن شنّت «جبهة أنصار الدين»، معومة بـ«جيش المجاهدين»، و«جبهة النصرة»، و«الجبهة الإسلامية» هجوماً على جبهتي البريج والمناشر (المدخل الشمالي الشرقي لمدينة حلب). وأكدت مصادر «جهادية» أن «حركة أحرار الشام الإسلامية تمكنت من أسر خمسة عناصر» من الجيش السوري في منطقة البريج. ... ومبادرة للهلال الأحمر أعلن الهلال الأحمر السوري مبادرة إنسانية تهدف إلى تسهيل طرق العبور بين الأحياء الشرقية التي يسيطر عليها المسلحون، والغربية الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية. وقال بيان صادر عن المنظمة إنه «نظراً للمعاناة والمخاطر التي تواجه المدنيين الراغبين في التنقل من مدينة حلب وإليها، فإنها تهيب بكل الأطراف المعنية فتح طريق دمشق ـ حلب الدولي من طرف خان العسل؛ لتسهيل مرور المدنيين والتخفيف من مخاطر السفر وأعبائه على طريق خناصر». مصادر «جهادية» أكدت أن المبادرة «لاقت موافقة جيش المجاهدين»، وهو أحد أكبر المجموعات نفوذاً في منطقة خان العسل. |
||||||||
|