دام برس - بلال سليطين :

على مايبدو أن مرسوم تعيين المحافظين الجدد يجب أن يرفق ببند تعيين مدراء المكاتب معهم، فمن غير المنطقي أن يتغير أكثر من خمسة محافظين في محافظة واحدة، ويبقى مدير مكتب المحافظ ذاته دون تغيير، وكأنه قدر محتوم، أو حاكم مؤبد، أو سرطان لايعالج.

وإن لم يكن كذلك فيجب أن يلفت نظرهم بعد تعيينهم إلى ضرورة تغيير مدراء مكاتبهم خصوصا إذا كان لهم مدة طويلة يتولون هذه المهمة، فقدرتهم على العطاء في هذا المكان لاتدوم إلى الأبد ولها سقف محدد بحسب ما يقول العلم الذي يؤكد دائما على ضرورة التجديد، وكثيرا ما يتحدث القياديون في الدولة عن ضخ الدماء الجديدة، وكأن هذه المناصب بالتحديد غير معنية بالتغيير ولا بالتحديث.

لو سألت اليوم أهل المحافظات التي تغير محافظوها عن مدراء المكاتب، لسمعت منهم جوابا حاسما بضرورة تغييرهم، وأنهم جزء من المشكلة، خصوصاً أولئك الذين مضى عليهم سنوات وسنوات ومحافظون ومحافظون.

يقول قائل كيف هم جزء من المشكلة يأتي الرد عليه كالتالي، إذا كان مدير مؤسسة معينة على خلاف بالأفكار مع مدير مكتب المحافظ، أو رفض تقديم خدمة له أو طلب من المؤسسة التي يديرها، فإن الأخير قادر على الحيلولة دون وصوله للمحافظ حتى في القضايا التي تخص الشأن العام، حيث يدعي عدم توفر وقت لديه وما إلى ذلك، وقد يطلب من المدير أو المواطن أو أي مراجع أن يطلعه على مشكلته لكي يتولى هو مهمة نقلها للمحافظ وهو لن ينقلها، وبالتالي فإن خلافا بينه وبين أي مواطن أيضاً قد يمنعه من رؤية خمسة محافظين مروا على المحافظة، فيما يأتي (س) من الناس يدخل إلى المحافظ دون أن يوقفه أحد لأن علاقته جيدة مع مدير مكتبه.

فالموضوع ينسحب على المدراء ورؤساء الدوائر وحتى المواطنين، وذوي الشهداء، الذين كثيراً ما وجهوا انتقادات على الملأ لمدراء مكاتب المحافظين الذين يسيئون معاملتهم، وكان آخر هذه الانتقادات بحضور سماحة المفتي خلال زيارته الأخيرة للمنطقة الساحلية، وحتى خلال زيارة الأمين القطري المساعد للحزب الحاكم.

مساوئ كثيرةٌ لخلود مدراء المكاتب في مواقعهم، فبعضهم بات يلعب دور محافظٍ، من وراء الكواليس، يقضي ويبت بكثير من القضايا، وبعضهم بات أخطبوطاً للدرجة التي يتمكن فيها من تطبيع المحافظين على هواه.

يتساءل كثيرون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عما إذا كان المحافظون الجدد سوف يقومون بتغيير مدراء مكاتبهم، ويتهكم أحدهم بالقول أن هؤلاء لا يمكن تغييرهم فهم يلعبون دور العين التي تحرس المحافظين.

منذ أشهر كنت في محافظة داخلية، وكان بيني وبين محافظها موعد، وصلت قبله بربع ساعة فجلست عند مدير مكتبه، كان المكتب مليئاً بالمراجعين فيما كان هو يحدث زوجاته (الاثنتين) هاتفياً ليراضيهن فاللحمة التي أرسلها لهن كل واحدة على حدا لم تعجبهن على مايبدو، في حين كان أمامه مراجعون بعضهم لم يأكل اللحمة منذ سنوات، وبعضهم بحاجة ماسة لمن يسمعه، وبعضهم يريد تأشيرة صغيرة ليدخل زوجته المستشفى وووو إلخ، وعندما دخلت للمحافظ كان مدير مكتبه لم ينهي حديثه بعد، قلت للمحافظ في نهاية اللقاء ما حدث فأبدى امتعاضاً شديداً، ظننت حينها أنه سيقيله لأتفاجأ أنه مازال مديراً للمكتب إلى اليوم، وسيبقى كثيراً على مايبدو.

هذه الحادثة تنسحب على حادثة أخرى في محافظة ساحلية علم الجميع فيها بوجود علاقة غير جيدة بين محافظ سابق ومدير مكتبه وحتى مرافقه، إلا أنه لم يقلهما أو لم يتمكن من إقالتهما أو حتى استبدالهما، أو لم يكن يريد فعل ذلك!!.

هناك العديد من إشارات الاستفهام حول مدراء المكاتب، حتى أن هناك مقولة باتت على لسان غالبية الناس (المحافظ كويس، لكن مدير مكتبه سيء) إذا كان كذلك فلماذا لا يتم تغيير مدير مكتبه، لماذا يخلد مدراء المكاتب، هل بات هذا الموقع حكراً لهم، هل خلت المؤسسات الحكومية من الأشخاص المؤهلين للعب هذا الدور.