الرئيسية  /  كتاب وآراء

ثقافة الدم وصناعة الجثث ... فصول من تاريخ الإرهاب الأمريكي .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي


دام برس : ثقافة الدم وصناعة الجثث ... فصول من تاريخ الإرهاب الأمريكي .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:

لو نظرنا الى العالم الآن لوجدنا إن أمريكا هي القطب الأوحد والمسيطر على العالم، فهي تزرع الشر وتدعي إنها تزرع الخير، فديمقراطية أمريكا وقوتها الإقتصادية ليست في حقيقة الأمر سوى نتيجة لجهودها المثمرة في خلق الفساد في المجتمعات العريقة عربية كانت أو لاتينية أو آسيوية من أجل سهولة السيطرة عليها وتنويمها مغناطيسياً بخطابات ممنهجة وأنظمة تعليمية موجهة أساساً إلى تغييب الشعوب عن الحقائق وتمييعها وإقناعها أنها تعيش الحرية المطلقة، فالتاريخ يؤكد إن أمريكا أينما ذهبت وأينما حلت، يذهب ويحل معها الدمار والخراب، وهذه الحقيقة تدفعنا إلى التساؤل: هل هذا الخراب والدمار والمآسي التي تحل مع أمريكا، هو نتاج للسذاجة السياسية، أم يتم إرتكاب هذه الجرائم عن عمد من منطلق سياسات امبريالية بهدف فرض الهيمنة الأمريكية على العالم من دون أي اعتبار لحقوق الإنسان والدول والشعوب؟
لو عدنا قليلاً بالتاريخ إلى الوراء لوجدنا تاريخ أمريكا مليء بالقتل والدماء فقد جلبت لكي تبني نفسها إستعبدت أكثر من 14 مليون إفريقي ومات منهم أكثر من2 مليون في عرض البحر بسبب الطريقة المهينة والبشعة  في نقلهم، ولكي تتوسع على حساب غيرها قتلت أكثر من مليون ونصف مكسيكي و إحتلت أراضيهم، ولكي تحمي نفسها قتلت أكثر من 6 مليون في الحرب العالمية بينهم 300 ألف في هيروشيما وناجازاكى اليابانية، ولكي تثبت قوتها قتلت أكثر من 2 مليون فيتنامي، ولكي تهيمن على جيرانها قتلت أكثر من 200 ألف في تينيدادا و نيكاراغوا وكوبا، ولكي تؤمن مصادر الطاقة والبترول قتلت أكثر من 2 مليون عراقي.
فأمريكا مع ولاياتها المتحدة لم تقم في الأساس إلا على جرائم الإبادة الجماعية حينما أقامت دولتها متشدقة بحضارتها، على ملايين الجثث من الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين، واللصوص والخونة الذين تم نفيهم من أوروبا إلى الأرض الجديدة، وهذا ما يجعلنا نعي هذا الحقد الذي تحمله على الحضارات العريقة وسعيها إلى تدميرها،

حيث أتلفت أقوى حضارات العالم وهي بابل (العراق) وتحاول الآن تدمير أقدم عاصمة في العالم وهي (دمشق)، ولن يفاجئنا أن تدمر السودان واليمن وكل الدول العربية، فبقدر تفاجئها بالثورات كانت قدرتها على تطويعها لصالحها، فقد إستفادت إلى أبعد الحدود من ثروات النفط في ليبيا وزرعت الفوضى في مصر وتونس واليمن ولازالت تبحث عما يمكن إغتنامه من سوريا،وهنا يمكنني القول إنه من يظن بأنّ أمريكا راعية للسلام والديمقراطية فهو واهم ولم يتطلع على حقيقة أمريكا التي إتخذت من هذه الأسماء والمسميات شرعية لدعم معيشتها الطفيلية على حساب بلدان العالم الثالث ومازالت تمارس هذه الضغوطات والتدخلات الغير المشروعة  في بلدان العالم وعلى وجه الخصوص البلدان العربية حتى جعلت من حكوماتها كلاب حراسة لمصالحها في المنطقة بعدما تعهدت بحماية الكيان الصهيوني من أجل زعزعة إستقرار المنطقة والتي ستساهم في إستنزاف مواردها بطرق شتى من جهة وتجعلها سوقاً لتصريف أسلحتها (التقليدية )من جهة أخرى.
أن أمريكا كشفت عن وجهها القبيح عندما حاولت آن تتدخل في دول عربية بعينها فدعمت الجماعات الإرهابية تحت شعار النظام العالمي الجديد فهذه المنظمات هي صنيعة أمريكية لتدمير الوطن العربي والإتحاد الأوروبي الذراع الأيمن لأمريكا، واليوم  تشن حروبها بوكالة بعض حلفائها في المنطقة، فتقتل أطفالنا وشبابنا، وتنهب خيراتنا، والأنكى أنها ترفع شعار الديمقراطية والحرية وتتعامل مع كل العالم بإعتباره غير ديمقراطي، ونحن في الشرق لم نر ديمقراطيتها إلا قنابل وقتل ونهب وإحتلال، إعتادت على سوق حجج واهية تتغطى بها، وتريدنا أن ننسى أنها أيدت دكتاتوريات في المنطقة والعالم، وأن ننسى ماذا فعلت قنابلها بأطفال فلسطين وليبيا وسوريا والعراق واليمن والسودان والصومال وأفغانستان ويوغسلافيا، ولبنان، وتريدنا نسيان أنها استخدمت حق النقض "الفيتو" أكثر من 42 مرة لإفشال مشاريع قرارات تدين إسرائيل في مجلس الأمن، وهي تعرف تماماً أن إسرائيل تحتل وتقتل ، وتعتقل شعبا أعزل، وتحتل أراض الغير.
أشعلت الإدارة الأمريكية الأزمات والصراعات في المنطقة، وما تزال تمارس أساليب فرض الهيمنة على منطقتنا عن طريق إذكاء الصراعات وتأجيج الإنقسامات والنفخ في نار الخلافات الإقليمية، فالأزمات التي تواجهها العديد من الدول العربية حالياً، لم يكن لها أن تتفاقم على ما عليه من إقتتال وفتن، وتتحول إلى ساحات للمواجهات الدموية وإنتشار للأفكار التكفيرية والإرهابية، وإلى معاقل للمرتزقة، لولا يد الخارج التي تجد عوناً لها في الداخل يعمل في خدمة هذا الخارج معتقداً أن الخارج يحقق له مصالحه، فقد ملّ الشعب السوري من هذا الوجه القبيح لأمريكا وساستها منذ أكثر من ثلاث سنوات فبدل أن تبادر إلى تقديم أفكار إيجابية تسهم في حل الأزمة السورية وتوقف النزيف الدموي، ذهبت إلى الحدود القصوى في التهيئة لتقسيم وتجزئة سورية، فتحولت سوريا  الى مركز للفوضى، والقتل، والتشتت ومستنقع خصب لمطامع المستعمر يغرس فيها أنيابه وينهش في لحمها كما يشاء.                                                                         
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن ما جرى في المنطقة وما يزال هو مصلحة أمريكية إسرائيلية بالدرجة الأولى وإعادة ترتيب جديد للمنطقة، فالظاهرة الاستعمارية هي المسؤول الأول والأخير عن معاناة الشعوب العربية التي اتبعت سياسات تعسفية لاستغلال خيراتها وثرواتها وما زالت هذه المخططات و المشاريع سارية المفعول، حيث يحاول الشريكان الأمريكي والصهيوني تنفيذها عبر خلق الأزمات والفوضى والفتن والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد في العديد من أقطار القطر الواحد.
وأخيراً أختم مقالتي بالقول فليرسموا ما شاءوا من حدود على الخرائط؟ فالعالم الآن أصبح يدرك أن أمريكا وإسرائيل هي مصدر الإرهاب الحقيقي، وأمام هذا الواقع لا بد من صحوة الضمير من قبل الشعوب العربية وأن تعي خطورة ما تقوم به الدول الاستعمارية من أهداف سعياً لتعزيز أمن إسرائيل والسيطرة على مقدرات البلاد، و بالرغم مما تتعرض له الأمة العربية لمحاولات عديدة لإعادة تشكيلها، وتهيئة مناخها لميلاد شرق أوسط جديد فما زلت متفائلاً بأن هناك أمل في مستقبل أفضل يحرر الأوطان من الاستبداد والفساد والهيمنة الأجنبية، وصون الشراكة مع المواطن الآخر في الوطن الآخر، بعيداً عن مبدأ السياسات الأجنبية التي تفّرق بين العرب لتسود عليه.

  Khaym1979@yahoo.com

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=47232