دام برس: حتى العيون التي في طرفها ( حولّ ) لا بد أن ترى أن الأسد هو القبطان الأول والأخير لقيادة السفينة السورية , والشراع الذي طرزناها لمدة ثلاث سنوات من صبرنا و منذ بداية هذه الأزمة ودخولنا في بحر عامها الرابع , يؤكد أن مقاس هذا الشراع لا يليق حقاً إلا بعقل هذا الرجل , سواء كنت معه أو ضده , سواء أعجبك أم لم يعجبك , فأنت في النهاية تحت أمر واقع يفرض عليك التمسك برجل أثبتّ أن وجوده أهم بكثير من رحيله , وأنه صمام أمان أمام الاعصار الذي اخترعوه تحت مسمى الثورة السورية القذرة . وأنه طوق النجاة الوحيد الذي تستطيع أن تتمسك به لآخر رمق دون أن تخشى من أسماك القرش العربية والغربية .
لقد دخلت الأزمة السورية التاريخ من أوسع أبوابه , وفرضت على دول عظمى أساليب رخيصة للتعاطي مع الأحداث , وغيرت الكثير من المعادلات المحبوكة على طاولة التنازلات , وجعلت الشعب السوري يدفع الثمن أولا وآخراً من جيبه ومن دمه ومن أرضه , ولم يستطع أحد حتى الآن في علم المنطق أن يفهم ما سبب صمود سورية حتى اليوم ولما لم تسقط حتى الآن رغم كل التجييّش الإعلامي الخليجي والغربي وتشويه الحقائق والأموال التي فاضت مثل حنفية ماء مكسورة من أرض الحجاز , ورغم كلّ الضغوط التي مارسوها على هذا البلد من تجويع وتكسير وترهيب وقتل وتدمير , ورغم كل كتائب الإجرام التي أرسلوها الى سوريا تحت ذريعة نصرة الدين , يقف المنطق مثل أبله يفركّ أصابعه غيظاً وكرهاً عاجزاً عن فهم السببّ وراء صمود هذه البلد .
واليوم نقف على أبواب المدينة الفاضلة التي شوّهوا فيها كل معالمها , وهي تقرع أجراس الانتخابات لمرحلة رئاسية جديدة سيكون بطلها بلا منازع هو بشار الأسد , وإن الرقص على حبال الأصوات التي ستنتخبّ في المرحلة المقبلة ستكون رقصة سخيفة لا طعمّ لها ولا لونّ , لأن المسرح الذي كان قبل الأسد قد تغير كثيراً عما بعد الأسد , واذا كان في السابق من يدلّي بصوته مرغماً ومجبراً وخائفاً من السلطات الأمنية كما كلنا نعرف , فاليوم سيدلّون أصواتهم بكل قناعة مكتسّبة من التجارب القاسية التي عاشوها طوال ثلاث سنوات في ظلّ هذه الثورة , فقد زادت شعبية هذا الرجل وصار أملاً لمن لا أملّ له , وقارب نجاة لمن سفينته غرقت في مستنقعات الثورة السورية . وخاصة بعدما تبينّ حتى للأعمى أن هذه الثورة كانت محضّ خيال أجنبي لا تمتّ للواقع السوري بأي صلة , وأن كل الغارقين فيها ما هم سوى أدوات رخيصة وأبطال كرتونية احترق فيلمهم حين لامسهم نور الفينيق السوري .
وهذا لن يمنع أنه ستكون هناك هجمة إعلامية غير مسبوقة , تتجاوز الحناجر المؤجرة والاقلام المسيّسة والشاشات المنافقة , وستصل الى درجة الطعنّ في أحقيّة الأسد للترشح لهذا المنصب , وهذا أمر طبيعي ومتوقع في ظلّ وجود خيوط عنكبوت سوداء تحيك شباكها حول ما يحدث في سورية , وكل التصريحات التي سيقوم بها بعض من يحتلون مناصب سياسية أو اعلامية ما هي سوى غبار على حذاء سوري قديم , لأن قيمتها لا تساوي حتى كمية الأوكسجين التي ابتلعها كي يتقيأ علينا بتصريحه , لأن المدينة الفاضلة أثبتت أن قوتها ليست في تاريخها فقط , بل في جغرافيتها التي طحنتّ كل جيوش العرب المرتزقة التي داسّت أرضنا تحت ذريعة إنقاذ الشعب السوري .
لم يتغيرّ الأسد ولكن فقط ... تغيرت الأصوات التي تطالب برحيل الأسد ..؟؟
|
||||||||
|