الرئيسية  /  أخبار

ليلة القبض على محمود عباس بعد فرار الخيول من الاسطبل ... بقلم: نبيه البرجي


دام برس : ليلة القبض على محمود عباس بعد فرار الخيول من الاسطبل ... بقلم: نبيه البرجي

دام برس:

 هل وصلت هذه الرسالة حقا الى محمد دحلان: لماذا تصر على ان ترث تلك الحقيبة الفارغة التي تدعى…القضية الفلسطينية؟
اميل حبيبي الذي اطلق مصطلح «المتشائل» كان يتهم اللغة العربية بأنها مسؤولة بشكل او بآخر عن ضياع القضية. اليهود اتوا بكلمة «الهولوكوست» من اللغة اليونانية القديمة، فوقف اريسطو الى جانبهم. الفلسطينيون استنبطوا كلمة «النكبة» من لغتهم العربية. لم يقف الى جانبهم عنترة بن شداد بل… امرؤ القيس: قفا نبك…
لماذا الآن محمد دحلان عندما تكاد تسيبي ليفني تطلب من ابو مازن ان يخلع ثيابه لا لكي يذهب الى غرفة النوم كما حدث مع حكام عرب آخرين، وانما لكي يذهب هكذا، عاريا وحافيا، الى ردهة المفاوضات، ويقول للسيدة ليفني «…نحن ايضا على مذهب يهوه نقول ان فلسطين دولة يهودية».
لا حاجة في هذه الآونة لافيغدور ليبرمان الذي يريد ترحيل الفلسطينيين بالقطارات او بالحاويات حتى الى سطح المريخ. هناك المكان المثالي جدا، والواقعي جدا، لاقامة الدولة الفلسطينية.
الآن موشيه يعالون الذي عندما يتحدث عن الدولة اليهودية يبدو وكأنه ينفي اي وجود للفلسطينيين على وجه الارض. لم يقل مثلما قال ليبرمان، الآتي من احد مواخير البلطيق، لهيلاري كلينتون «لماذا ترفضون ان نفعل بالفلسطينيين ما فعلتموه انتم بالهنود الحمر؟».
يتخطى ايضا قول رافاييل ايتان «العربي الجيد هو العربي الميت»، ويسأل ما اذا كان الفلسطينيون موجودين فعلا لتكون لهم دولة؟ لا يرى فيهم، في احسن الاحوال، اكثر من بدو رحّل وتذروهم الرياح، او الازمنة (او الامكنة)…
ألم يقل المؤرخ البارز شلومو ساند، صاحب كتاب «كيف تم اختراع الشعب اليهودي؟»، «في اسرائيل لكي يكون المرء يهودياً عليه قبل اي شيء ألا يكون عربيا؟».
لا احد يدّعي ان ياسر عرفات يمكن ان يشبه تيودور هرتزل. ولكن، هل كان اليهود الاميركيون بالقوة التي هم عليها الآن منذ سبعين عاما؟ حين عقد المؤتمر الصهيوني اجتماعه في فندق بلتيمور في نيويورك عام 1941، تم تشكيل وفد لمقابلة الرئيس فرنكلين روزفلت من اجل ان يعرض عليه مأساة اليهود تحت حكم الرايخ الثالث. لم يستقبل روزفلت الوفد. وقيل هذه هي اللحظة التي صنعت اليهود في اميركا..
لا احد ينفي ان الطهرانيين (البيوريتانز) الذي استقلوا الباخرة «ماي فلاور» من انكلترا الى اميركا في القرن السابع عشر تمكنوا من تسويق اللاهوت اليهودي على نطاق واسع، حتى انهم اطلقوا اسماء المدن التي وردت في التوراة على مدن في الانحاء الاميركية،
وكانت اول اطروحة دكتوراه في جامعة هارفارد عن اللغة العبرية، كما ان احدا لا يمكنه اغفال ما قام به الداعية الصهيوني لويس برانديس (1856-1941) لاقناع الرئيس ودور ويلسون بالداخل في الحرب العالمية الاولى لتمكين الجيش البريطاني من الوصول الى فلسطين، وبالتالي الافساح في المجال امام آرثر بلفور واطلاق وعده الشهير بالتفاهم مع لويد جورج واللورد ميلنر.
موقف روزفلت هو الذي جعل اليهود يتنبهون الى ضرورة اعداد الاستراتيجية الخاصة بوضع اليد على مفاصل القوة في الولايات المتحدة وحيث العرب طارئون ولا مكان لهم لا في اللاوعي الاميركي ولا في الوعي الاميركي…
هكذا يستطيع موشيه يعالون ان يكون الند للند مع جون كيري، فيما يبدو محمود عباس ضائعا ومرتبكا ويكاد يتعثر بربطة عنقه، حتى اذا ما قال وزير الخارجية الاميركية ان اشتراط الاعتراف المسبق بالدولة اليهودية، وقبل المباشرة بالمفاوضات، خطأ، كان عليه ان يواجه بحملة عاصفة، حتى ان حيمي شالفي كتب في «هآرتس» ان كيري يحاول اغلاق ابواب الاسطبل بعد فرار الخيول…
ويقال ان بامكان اللوبي ازاحة كيري ساعة يشاء، لكنه لن يفعل ذلك لان الاسرائيليين لا يرون في الوزير الاميركي الديبلوماسي المتمرس الذي يستطيع الدفاع عن طروحاته او عن وجهات نظره، اما هو فيراهن على انتخابات الكنيست المقبلة. هل يترنح نتنياهو فعلا بعدما اظهرت استطلاعات الرأي حدوث تحولات في الرأي العام الاسرائيلي لمصلحة التسوية؟
فجأة يظهر جورج ميتشل على احدى الشاشات، وكان مبعوثا الى الشرق الاوسط في مطلع القرن، ليسأل « اي عاقل يتصور ان المفاوضات يمكن ان تفضي الى نتيجة في الظروف الراهنة؟». العيون الاسرائيلية على سوريا، يراهنون على تفككها او على تفتتها. اذاً لماذا لا يتم توسيع المملكة الاردنية الهاشمية لتضم منطقة حوران، وحينذاك يمكن للملكة ان تستوعب فلسطينيي الضفة الغربية ايضا. لن يقدم نتنياهو شيئا قبل ان يتبلور المشهد السوري بشكل نهائي، وليواصل جون كيري رقصة الفالس في ذلك العراء. قال لعباس، وبلغة رعاة البقر: جازف…
امام هذه الابواب الموصدة، وبعد فرار الخيول من الاسطبل، فيما الاحتقان الديبلوماسي في ذروته دون ان يؤثر الغضب الاوروبي (المخملي) قيد انملة في استراتيجية نتنياهو، ليتحدث صحافي فلسطيني من غزة ساخراً «ليلة القبض على محمود عباس».
عباس يتهم دحلان باغتيال عرفات، وهذه تبرئة مجانية للموساد الا اذا كان يعتبر ان العملية تمت بالتنسيق بين الجانبين، ودحلان يتهم عباس بالفساد، ولديه مستندات ووثائق حول تعامل نجليه ياسر وطارق مع شركات اسرائيلية.
هل هذه قضية؟ وهل هؤلاء رجال قضية؟ كل محتويات الحقيبة تناثرت. ثمة قصة قصيرة لنورمان مايلر بعنوان «الكوميديا بشعرها الاسود». ليته قال… الكوميديا بوجهها الاسود!!
عن الديار اللبنانية
 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=12&id=41284