دام برس:

  اتفقت قنوات الأوربت في عام 1995م مع هيئه الإذاعة البريطانية على تمويل قناة اخباريه عربيه وتديرها هيئة الإذاعة البريطانية، وبالفعل نشأت القناة التي كانت تعرض مقابلات مع معارضين للحكومة السعودية، ما دفع السعودية للضغط على قنوات أوربت، وهو ما جعل الأوربت تلغى اتفاقها مع هيئة الإذاعة البريطانية وتم تسريح المذيعين منها.
استغلت دولة قطر عداءها مع السعودية، فقامت باستقطاب نفس المذيعين العرب الذين كانوا يعملون بالأوربت، ومنهم سامى حداد وعازار وفيصل القاسم.
وفي عام 1996 نشأت قناة الجزيرة ومقرها الدوحة بدولة قطر، ومنذ نشأتها وهي تكيل الاتهامات لجميع الدول العربية الكبرى، ومنها السعودية ومصر، ورغم الاهتمام الذي حظيت به القناة إلا أن الجدل اتسع حولها خاصة مصادر تمويلها.
صناعة صهيونية
تساءل البعض عن عدم التناسب بين حجم “,”الجزيرة“,” بأنها من الصغر بحيث يكفى سن القلم المثبت فوق الخريطة لإخفائها، وبين دورها الخارجي الذى يصل إلى حد إشعال الحروب الأهلية أو دعمها على مستوى العالم العربي.
وعن علاقتها بتنظيم القاعدة خاصة بعد أن لمع بريق المحطة في الغزو الأمريكي للعراق 2003، لدرجة أنها كانت المحطة الأكثر انتشارًا في العالم العربي، كونها نشرت مراسليها في كل أرجاء العراق، وكان لها مراسلين، قيل أن لهم علاقات قوية بتنظيم القاعدة، ومنهم تيسير علوني، الذى اعتقل في اسبانيا في 5 سبتمبر 2003، بتهمة تقديم دعم لأعضاء في تنظيم القاعدة، كما اعتقل مصور قناة الجزيرة سامي الحاج، سوداني الجنسية، أثناء العبور إلى أفغانستان في ديسمبر 2001 ، ووصف بأنه “,”مقاتل عدو“,” في معسكر دلتا في خليج جوانتانامو.
كتبت الدكتورة نيفين مسعد أستاذ العلوم السياسية مقال لها بعنوان “,” الشرير الصغير.. قطر هذا الصديق الذى يريد لنا السوء“,” وهي تستعرض كتابا ألفه نيكولا بو، الأستاذ بجامعة باريس 8، وجاك ماري بوركيه، المتخصص في شئون الشرق الأوسط
ويستعرض الكاتبان ظروف نشأة قناة الجزيرة، فيربطان بداية التفكير فيها بمبادرة تقدم بها الأَخَوَان “,”دافيد،
وجون فريدمان“,” الفرنسيان اليهوديان، وذلك غداة قتل إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي في نوفمبر1995. الهدف الذى حرك الأخوين فريدمان، كان هو العمل على إحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن هذا الهدف كان يحتاج إلى تغليفه بغلاف شعبوي بالنظر إلى الهواجس العميقة التي تثيرها مسألة التسوية السياسية. وهنا أصبح الهدف المعلن هو القضاء على الديكتاتورية العربية، وتغيير الحكام الذين لا يرضى عنهم أمير قطر على الأرجح.
واتصالا بذلك توارى الإخوان فريدمان، في الكواليس، فيما استعانت القناة بالجهود الحميدة لمحمود جبريل، ذلك الكادر الليبي الذى سيقدر له لاحقا أن يرأس المجلس الوطني الانتقالي لبلاده، بعد الإطاحة بالقذافي، والذى يصفه المؤلفان بأنه كان “,”حامل لواء الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة".

مقاول أمريكا في المنطقة
يقول دكتور محمد مرسي، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، أنه لا يمكننا القول أن قطر دولة تلعب دورا في المنطقة، وأضاف أن بها أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، يصل عدد الضباط والعساكر الأمريكان بها الى 6000 فرد .
وتابع مرسي، أن قطر تقوم بدور مهم لخدمة المصالح الأمريكية للمنطقة وتعمل كـ“,”وكيل“,” لأمريكا في الأشياء التي لا تستطيع فعلها صراحة كدعوة طالبان للمصالحة، أو كدعم جماعات يشوبها دور الإرهاب، فتوعز لقطر بها، وأضاف: قطر مجرد “,” مقاول“,” للولايات المتحدة.
وأكد مرسي، أن قطر تستخدم أساليب كثيرة لتحقيق مصالح أمريكا ومنها قناة الجزيرة التي لعبت دور كبير فيما حدث في سوريا وفي مصر.
قناة إخوانية متطرفة
الدكتورة نيفين مسعد رصدت الإطار الأيديولوجي للقناة، حيث أكدت أنه ارتكز على ركيزتين أساسيتين هما القومية العربية والإسلام، وتطور مع الوقت، وفى ظل تولي وضاح خنفر، المحسوب على الإخوان مسئولية القناة، تطور إلى أن يصبح إسلاميا بالأساس، فيما بهت محتواه القومي العربي،عندها تخلص خنفر من العناصر اليسارية ومنها ميشيل كيك، مراسل القناة في باريس وكيف.
مع سيطرة "خنفر" على القناةصعد نجم الشيخ يوسف القرضاوي، ليصبح بمثابة مفتى القناة، وذلك بمباركة من الولايات المتحدة الأمريكية، التي بدأت في محاربة كل الأنظمة العلمانية بداية من جمال عبد الناصر، مرورا بمصدق، في إيران،وانتهاءا بصدام حسين، في العراق، حيث اعتبرتهم دائمًا أعداءًا لها، واستخدمت أمريكا في حربها ضد تلك الحكومات قناة الجزيرة التي كان لها السبق والتغطيات الحصرية في كل الأحداث، بعدما حصلت على المباركة الأمريكية.
الجزيرة والتطبيع مع الصهاينة:
يرجع عداء القناة للدول العربية الكبري، إلى رغبتها في تنفيذ الإملاءات الأمريكية، بإعلاء دور إسرائيل في المنطقة، ويمكن التأكد من ذلك من خلال ثلاثة أسباب جوهرية وهي:
السبب الأول هو أن هدف القناة الاساسي دعم عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني عبر تسويق الموضوع من خلال لقاءات متكررة مع ساسة إسرائيليين و رجال جيش و استضافتهم في معظم برامج القناة, بهدف تجميل صورة الاحتلال، وازالة الهالة السوداء المحفورة في عقول العرب، ما يجعلهم يقنعون بالنتيجة ان الحوار مع العدو هو شيء عادي ولم يعد محرما انما يندرج في اطار منهجية جديدة تقول بان السلام لا يتحقق الا بالحوار المباشر وأن الافكار القديمة قد سقطت بالتقادم.

السبب الثاني الذي يدفعنا للقول إن قناة الجزيرة تنفذ مشروع "صهيوأمريكي" هو أن القناة تحاول دوما بث بعض الاخبار المسمومة و الكاذبة بين فترة واخرى لتفجير الصراعات بين الدول العربية، حيث أنها تميزت باهتمامها الكبير بنقاط الخلاف بين الدول العربية فلا تكاد تظهر بوادر أي خلاف بين دولتين عربيتين حتى تنفرد الجزيرة بتغطية اعلاميه كبيرة لهذا الخلاف وتنتقى نوعيه من الضيوف من طرفي الخلاف تتميز بتطرفها في الموقف وعلى الهواء مباشرة تزداد نيران ذلك الخلاف حتى يتحول الى معركه اعلاميه تبث على الهواء مباشرة لتزيد من حدة ذلك الخلاف حتى يتحول الى خصومه وكأن الهدف ليس مجرد متابعه الحدث بل المشاركة في صنعه، وهو ما حدث في الأزمة المصرية الجزائرية بسبب مباراة كرة قدم، كان هدف القناة حينها ترسيخ العداء بين الدول العربية.
كلنا نتذكر جيدا ذلك الخلاف الذى حدث بين ولى العهد السعودى والرئيس الليبى والذى ادت طريقه تغطيه قناه الجزيرة له الى تحوله الى معركه وخصومه بين ليبيا والسعوديه.

السبب الثالث هو أن القناة التي نشأت على أرض قطر أخذت دور يفوق حجمها الجغرافي، وابتعدت عن المهنية والحيادية في تغطية أخبارها فبدأت تكيل العداء لغالبية الدول العربية، ولم توجه كلمة نقد واحدة لقطر، لكنها سعت لتلفيق الأخبار الكاذبة والهجوم الدائم علي مصر و السعودية للتقليل من شأن مصر و السعودية أمام المشاهد العربي، حتي يكون مؤهلا لظهور قوي جديدة في المنطقة,وهي بذلك تمهد الطريق أمام قطر للحصول علي دور اكبر في المنطقة.
و لكن هل من الممكن ان تكون قطر موضوعية و هي تحتضن اكبر قاعدة عسكرية أمريكية بالمنطقة وكيف لها أن تعارض وجهة النظر الأمريكي؟

شعبان فتحي