دام برس:
نهاية رمضان قبل الماضي، وقبل عيد الفطر بساعات، كنت على محطة سكاي نيوز مع المسؤول في الجيش الحر، سامي الكردي. كان كلامي واضحاً جداً: " في وقت قريب جداً سوف تضطر عناصر الجيش الحر للانضمام إلى الجيش الوطني من أجل الدفاع عن سوريا ضد الأغراب والسلفيين؛ لكن بعد خراب البصرة ". اليوم تتناقل الأنباء أخبار تفاوض الطرفين من أجل الدفاع عن سوريا. ونرجو أن يكون ذلك صحيحاً. لقد تعب الشعب السوري من حرب لا ناقة له فيها ولا جمل. تعب الشعب السوري من القتل والخطف والتهجير والتدمير. صار حقه أن يرتاح: أن يعيش!!
دخل رجب طيب أردوغان مخادعنا وحماماتنا ونام تحت ثيابنا الداخلية؛ وصحنا حتى تجرحت حناجرنا: الرجل جزء من مشروع التنظيم العالمي للأخوان المسلمين ولا يمكن لمشروع سوريا الدولة أن يلتقي مع مشروع الأخوان الذي يسعى لإعادة الخلافة العثمانية بلبوس أخواني! ولم يرد علينا أحد.
قبلها أجرينا لقاء عاصفاً مع صحيفة قطرية ضد خالد مشعل وحماسه للأسباب ذاتها؛ ولم يشأ أحد الانصات إلينا!
وقبلها أيضاً، حين زار القرضاوي سوريا وفرش له السجاد الأحمر والأزرق والأصفر، قلنا الرجل سيء وجزء من المشروع إياه؛ واختاروا الصمت!
ثم ظهرت كارثة الجيش الحر، التي رأينا أنها بداية نهاية سوريا؛ للاسباب التالية:
1 – منذ البداية الأولى، كان الجيش الحر تشكيلاً طائفياً لا قاسم مشترك بين أفراده غير الحقد الطائفي الذي لا ضابط له؛ وهذا خطير للغاية في بلد مكون من مزيج متعدد للغاية من طوائف وإثنيات وأديان؛ بمعنى أننا وضعنا ضمن دائرة خطر التقاتل الطائفي المذهبي الإثني الديني، التي لا يستفيد منها غير أعداء سوريا في الداخل والخارج.
2 – توقعنا من فصائل المعارضة السياسية والعسكرية أن تكون بمستوى طموحات الشعب السوري وتوقه إلى حياة كريمة تليق بعصرنا؛ لكننا تفاجأنا بسلوك لا يرقى أخلاقياً إلى الحد الأدنى ولا علاقة له بعصرنا أو بزماننا؛ فصار واحدنا يرى فساد الدولة حسنات مقارنة بالسلوك المريض لتلك المعارضة.
3 – الجيش الحر هو المسؤول الأول والخير عن الفراغ الأمني والعسكري الذي أتاح لجماعة القاعدة أن تأخذ موطئ قدم في سوريا وبالتالي تدمر الجيش الحر ذاته.
سوريا اليوم تدمي القلب وتبلبل العقل بألمها؛ سوريا اليوم تنزف؛ يهرب أهلها أو يقتلون – إلى أين؟؟ هذا هو السؤال الذي يتعب المرء في الإجابة عليه