Warning: session_start(): open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php56/sess_dhefk5gk698u4egatcsb8suhh5, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in /home/dampress/public_html/include.php on line 2

Warning: session_start(): Cannot send session cache limiter - headers already sent (output started at /home/dampress/public_html/include.php:2) in /home/dampress/public_html/include.php on line 2

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/dampress/public_html/include.php:2) in /home/dampress/public_html/include.php on line 93
مؤسسة دام برس الإعلامية

الرئيسية  /  اقتصاد

اقتصاد الظل .. سياسات فاشلة ومخرجات هاربة .. بقلم: علاء أوسي


دام برس:

أثرت الأوضاع السياسية التي تعيشها سورية على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، وأفرزت ظواهر جديدة وفاقمت أخرى كانت منتشرة قبل الأزمة، كاقتصاد الظل أو النشاطات غير المشروعة، التي تعدُّ الوجه الآخر للنشاط الاقتصادي الذي يمتد في دولة ما، لكنه بعيد عن سلطاتها الرقابية والضريبية. ويتفاوت وجود هذا النمط من الاقتصاد بين دولة وأخرى، لكنه في سورية بدأ يشكل ظاهرة تتسبب في هدر نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي على أقل تقدير، وسط غياب الإحصائيات الرسمية الدقيقة.
وبغض النظر عن التباين الكبير في التقديرات والدراسات حول حجم اقتصاد الظل، لكنها تتفق على أن القطاع غير الرسمي في اتساع، ويستقطب كثيرين من الشباب الذين لا يجدون فرص عمل في القطاع المنظم، في ظل ارتفاع نسب البطالة في سورية إلى معدلات غير مسبوقة، وصلت إلى حدود60%، إضافة إلى تدني الأجور وضعف القوة الشرائية لليرة السورية.
لكن على الرغم من الدور الذي يلعبه اقتصاد الظل في تقليص معدلات البطالة والفقر وتأمين مصدر دخل لشريحة واسعة من العائلات، إلا أن اقتصاديين يؤكدون أن ازدياد اعتماد العاملين عليه يؤشر على هشاشة الاقتصاد الوطني وعدم قدرته على احتواء المتعطلين عن العمل لضعف إمكاناته في توليد فرص عمل، واستيعاب العمالة الوافدة إلى سوق العمل سنوياً. وهو ما يعزى للسياسات الاقتصادية السابقة التي تعدُّ عنصراً رئيساً في ازدياد السخط الجماهيري الذي تجسد على أرض الواقع في الأزمة التي تشهدها سورية منذ عامين ونيف.
وتأتي هذه الاحتجاجات كتذكير بأهمية إنشاء مؤسسات قوية، وتوسيع حجم الاقتصاد الرسمي لتشجيع النمو الاقتصادي والحصول على الفرص. ففي حالات كثيرة للغاية، يؤدي سوء إدارة المؤسسات والبيروقراطية إلى إرغام العاملين والمشاريع التجارية الصغيرة على الدخول في القطاع غير الرسمي، إضافة أنه يمثل هامش أمان مهم للوقاية من حالة عدم اليقين الاقتصادي وقصور النمو في القطاع الرسمي بتوفير سبل عيش لشرائح كبيرة من السكان. فالأمم تزدهر حين تضع مؤسسات شاملة للجميع تعمل على تعزيز النمو، وهي تخفق حين تحقق مؤسساتها مصالح نخبة محدودة بدلاً من خلق منافع اقتصادية وسلطة سياسية يتم تقاسمها على نطاق واسع.

بالتعريف
يُعرَّف اقتصاد الظل بأنه: (جميع الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الأفراد أو المنشآت، ولكن لا يتم إحصاؤها بشكلٍ رسمي، ولا تعرف الحكومات قيمتها الفعلية، ولا تدخل في حسابات الدخل القومي ولا تخضع للنظام الضريبي ولا للرسوم ولا للنظام الإداري والتنظيمي).
وتتسم الأعمال التي تندرج تحت هذا النوع من الاقتصاد بالبساطة، مثل العاملين على العربات المتنقلة، والمزارع البسيط، وسيدات البيوت اللواتي يعملن في مجال الخياطة، والدروس الخصوصية، إضافة للأعمال غير المعلنة من القطاع الخاص، كالتهرب الضريبي والاستيراد المهرب وغيره الكثير، كما تندرج تحته أعمال غير مشروعة كالسوق السوداء بجميع فروعها وما تحويه من تجارة العملات وعمليات التهريب والمخدرات والمتاجرة بالسلاح وغيره. فهو اقتصاد متنوع الأشكال، لكنه يعمل وفق مبدأ واحد هو السرية أو اللاعلنية، كما أنه متعدد الغايات كونه ذا نزعة اقتصادية. أيضاً يوجد فيه جميع أشكال العلاقات الاقتصادية من (بيع وشراء، دائنية ومديونية، ربح وخسارة، تعاملات نقدية ومقايضة، بيع بالآجل وفوري.. إلخ)، في المقابل توجد فيه كل أنواع الفساد والجريمة والأخلاق والبساطة.
ويعتمد اقتصاد الظل بمجمله على مبدأ ميكافيلّي: (الغاية تبرر الوسيلة)، ويوجد في كل الأنظمة اشتراكية كانت أم رأسمالية أو ما بينهما.

أسباب كثيرة
ينشأ اقتصاد الظل نتيجة ضعف التعلم وانعدام ثقافة العمل المؤسساتي، وكذلك التعقيدات الإدارية وضبابية التعليمات، كالتراخيص وغيرها وارتفاع تكاليفها أحياناً، وسط سيطرة الفساد والعلاقات الشخصية على العمل الاقتصادي. كما أنه يكثر في  مناطق السكن العشوائي التي هي أحد أهم الأسباب التي جعلت اقتصاد الظل يستمر بهذه الصورة غير المناسبة وغير المنظمة، إضافة إلى أن قطاعَيْ الزراعة والإنشاءات يسهمان بحصة كبيرة من الاقتصاد غير الرسمي في سورية، مع عدم وجود مظلة تحكم عمل العاملين في تلك القطاعات.
ومن أهم أسباب انتشاره في سورية هو تراجع دور الدولة وضعف معدل النمو الاقتصادي، وبالتالي عدم قدرة الاقتصاد الوطني على خلق فرص عمل للقادمين الجدد إلى سوق العمل وإلى المهاجرين من الريف إلى المدينة، بسبب تفاوت النمو بينهما. وأيضاً لانخفاض القيمة الحقيقة للأجر، وهو ما يدل على وجود أعداد كبيرة من العاملين الذين لا تشملهم أية تأمينات صحية أو ضمانات اجتماعية تجعل هذه المجموعات عاملة لكنها هشة وعرضة للخطر في الوقت ذاته، الأمر الذي له تداعيات سلبية على المجتمع.

هل من حل؟
لمواجهة هذه الظاهرة يفضل إعادة دراسة القوانين الناظمة للنشاط الاقتصادي، ووضع آلية جديدة للترخيص مختلفة في شروطها وفي تكاليفها عن آلية الترخيص العادية المتبعة، بحيث تُسهل وتساعد الأنشطة غير الرسمية على الترخيص. ولابد من العمل على تنفيذ مجموعة من السياسات والبرامج الاجتماعية والاقتصادية الداعمة لإدماجه في القطاع المنظم والتشجيع على ذلك. فإخراج ملايين الليرات إلى العمل المرخص يمكن أن تدر على خزينة الدولة ملايين إضافية أخرى، وأن تصبح مصدراً للطلب على اليد العاملة السورية.
ومن ناحية أخرى ينبغي التفكير بآليات يمكن بها مساعدة العاملين في القطاع على تطوير مهاراتهم وتحسين أدائهم، وأحياناً تأمين بعض الائتمان اللازم كي يتمكن البعض من الخروج من هذا القطاع إلى نظيره الرسمي، بوساطة الحوافز الإيجابية التي يمكن أن يحصل عليها حال قراره تغيير الصيغة القانونية التي يعمل بموجبها.
إن سورية تشهد اليوم فترة استثنائية، ما أدى لأن يتعرض القطاع غير الرسمي إلى مزيد من الضغوط والمشاكل التي تستدعي مقاربات جديدة، خاصة أنه يستوعب وفق تقديرات أكثر من ثلث قوة العمل، ويرى آخرون أن الرقم أكبر من النصف بكثير.
ولا يوجد ما يمنع الحكومة من تأمين بعض الضمانات خلال مرحلة (انتقالية) للاقتصاد السوري، تؤسس لإدماج هذا القطاع من ضمن دورة الاقتصاد. وبغير ذلك سيبقى العاملون في هذا القطاع مبعثرين، ويعانون تدني الأجور والإنتاجية، وظروف العمل غير اللائقة. وهذا لا يستقيم في المدى الطويل، فمن حق المواطن أن يعيش بكرامة ويجد ما يسد به رمقه، ومن واجب الحكومة أن تؤمن له السبل الكفيلة بالعيش الكريم.

علاء أوسي
alaaoussi@windowslive.com
 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=8&id=27979


Warning: Unknown: open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php56/sess_dhefk5gk698u4egatcsb8suhh5, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in Unknown on line 0

Warning: Unknown: Failed to write session data (files). Please verify that the current setting of session.save_path is correct (/var/cpanel/php/sessions/ea-php56) in Unknown on line 0