خاص دام برس - بلال سليطين :

يبدو أن القائمين على الكهرباء في محافظة اللاذقية استعاضوا عن التوتر العالي لتأمين الطاقة الكهربائية بالتوتر البشري الذي أصبح يعيشه المواطن نتيجة الانقطاع العشوائي والغير منتظم والذي يولد عنده طاقة غضب دائمة، فالكهرباء تلعب مع المواطن "طميمة" فعندما يجلس تنقطع وعندما يقف تأتي وهكذا، واذا تعطلت لا وسيلة للاتصال بالطوارئ لاصلاحها وبين التقنين والتقنين تقنين وعيش يا مواطن للكهرباء بحالة حنين.

المواطن ما إن ينتقد الانقطاع حتى يطل عليه أصحاب المولدات الذين لا تنقطع عندهم الكهرباء ويوجهون له درساً نظرياً في حب الوطن والصبر والصمت وما الى ذلك من كلام لا يؤمن الكهرباء التي عجزوا هم عن العيش بدونها واشتروا مولدات ولدوا الطاقة بها لمنازلهم في حين بقي أولئك الذي لايملكون ثمن المولدة وتكاليفها بدون كهرباء، فاذا كان البعض يحبون التنظير فالبعض الآخر يقول لهم عليكم بالمساواة الغوا المولدات وعيشوا مثلنا بدون كهرباء أو اتركونا نتكلم عن حقنا.

طبعاً انتقاد المواطن للانقطاع لا يشمل التقنين فهو يقبل به بكل رحابة صدر ويعلم جيداً أن هناك مجموعات ظلامية استهدفت محطات التوليد وخطوط التوتر وأدت الى تعطيلها لكن المواطن الذي لا تأتي الكهرباء عنده لا في فترة التقنين ولا في فترة العمل وإنما تنقطع عنده أياماً وليالي وهناك أمثلة كثيرة في أحياء عدة من اللاذقية وجبلة.

على سبيل المثال قبل أيام حدث عطل في حي الجبيبات الغربية بمدينة جبلة وعندما حاول المواطن الاتصال بالطوارئ فان الرقم  مشغول /24/24/ ورقم مدير كهرباء اللاذقية مقفل وكذلك رئيس دائرة جبلة وحتى المناوب في الطوارئ كان هاتفه مغلقاً أيضاً وهناك مهندس من دائرة كهرباء جبلة يسكن الحي الذي شهد العطل حاول الاتصال لكنه لم يحسن التواصل مع أي مسؤول بسب ثقافة التطنيش وعدم الوقوف على رأس العمل في هكذا ظرف استثنائي تمر به البلد، المضحك أن نفس الحي كان شهد قبل فترة حالة انقطاع مشابهة دامت لأربعة أيام وقد عجز الأهالي من خلال دائرة كهرباء جبلة أن يحلوا مشكلتهم وكان الحل عبر موظف في الدائرة جاء في خارج أوقات الدوام ليحل المشكلة ويأخذ أتعابه من المواطن الذي يدفع من ضمن فاتورة الكهرباء ضرائب ورسوم تلزم الطوارئ إصلاح أعطاله.

في اللاذقية الأعطال بالأيام والليالي والتواصل مع القائمين شبه مستحيل الا عبر العلاقات الشخصية ومن خلال الدفع للموظف الذي لا يأتي الا خارج نوبته، وفي حال أتى فانه يأتي بعد أيام وبحجج واهية أنهم لا يستطيعون تلبية وإصلاح كل الأعطال وما إلى ذلك من كلام لكنهم مستعدون لإمضاء أيام وليالي في استثمار سيارة الكهرباء في تعليق اللافتات واللوحات الإعلانية على أعمدة الكهرباء لأن في ذلك ربح شخصي واستثمار لسيارة الدولة في خدمة المصلحة الشخصية، طبعا الكلام هنا لا يشمل جميع العاملين في الطوارئ فهناك أشخاص لهم كل الاحترام وتقدير وهم لايقصرون في أداء عملهم لكن غياب المساءلة والمحاسبة عن غيرهم وغياب المدراء عن التواصل مع المواطن وسماع شكواه يجعل المشكلة تتفاقم ويجعل الفاسد لا يسأل عن المواطن ولا يهتم به.

ما يزيد الأمر تعقيداً أن تأخر الطوارئ في إصلاح الأعطال يدفع بعض المواطنين إلى تحويل خطوطهم الى خط آخر لتأمين التيار مما يزيد الحمل على هذا الخط وبالتالي يتعطل وفي كل يوم يتأخر فيه الإصلاح يزيد حجم العطل وتتفاقم المشكلة ويصبح إيجاد حلٍ لها أمراً صعباً.

الأعطال ترخي بظلالها على المواطن وهي تدفعه للتوتر والغضب لكن الأمر الأكثر إزعاجا له ولراحته هو عدم شعوره بالمساواة وغياب العدل في التخطيط والتقنين فمحافظة كاللاذقية التي لا يوجد فيها أي خلل أمني أو مشكلة ترتبط بالكهرباء فإنها تشهد تقنيناً /16/ ساعة يومياً قبل أن يعود إلى /12/ مؤخراً وعندما تتصل بمدير مكتب المدير (لأن المدير لا يرد) فإنه يجيب ببساطه هذه تعليمات الوزارة، فالمواطن يتساءل عن التخطيط الاستراتيجي الذي أوصلنا إلى هذا الانقطاع وماهي أسبابه وأي تقنين هذا الذي تأتي فيه الكهرباء من الخامسة وحتى التاسعة صباحاً ومن الخامسة الى التاسعة مساءً فقط !!!، من سيستفيد من الكهرباء الساعة الخامسة صباحاً؟ كما أن هذا الانقطاع يؤدي إلى تعطيل غالبية الدوائر التي تعتمد على الكهرباء وفي مقدمتها الدوائر العقارية في "جبلة" فهل تتوقف الدولة عن العمل بسبب الكهرباء!!!.

كما يقال في العامية "بعد الموت عسة القبر" حيث أنه في نفس وقت التقنين تاتي الكهرباء في حي وتنقطع في حي آخر، وعملية توزيع التقنين غير عادلة نهائياً وحتى عملية إصلاح الأعطال في كل شيء هناك تمييز ومن حق المواطن على مؤسسة كهرباء اللاذقية أن تحترمه وتعامله بعدل وإنصاف فهذا المواطن احترم كل قرارات الدولة ومن حقها عليه أن تحترمه وتكون عادلة ومنطقية بالتقنين وليس انتقائية فإما أن تقطع الكهرباء عن الجميع وإما لا.

فالوطن مساواة وليس فقط شعارات، والمواطن ليس ضد التقنين وهو معه ليل نهار شريطة أن يقولوا له أن هذه هي مواعيد التقنين وألا يكون كل يوم هناك طريقة وأسلوب واختراع لفن جديد من فنون قطع التيار.

المساواة والعدل لا يجب أن تكون فقط بالكهرباء وبالمازوت وبالغاز وبالبينزين وبدل أن ننتقد المواطن إذا نطق بحرف بكلمة حق علينا أن ننتقد من اضطره للكلام في وقت هو قبل بالتقنين وآمن به لكنه عندما يرى العشوائية والظلم والطريقة المقرفة بالرد عليه من قبل المسؤول فمن حقه أن ينتقد ويعلي صوته، لأن هذا الموظف والمسؤول موجود لخدمة المواطن وهو يقبض راتبه من الضرائب التي يدفعها المواطن للدولة.