دام برس: لـــو كــانَ الأمــام الـحـســيـن ( ع ) عــاشــقـا لـلـحيــاة والسـلطـة والجـــاه فـمــا قـــاتـــل الـطـغــــاة ولـَهــادن الـعـتــات الطواغيت , ولــكـن الـعــُشـــق الحــســـينـي اكــبـر مـِنْ هــذا وذاك و لـه مـدلولات خــارجة عـن حـسـابات مـنـظـومــة العـقــل الـبشــريــة وقــوانـيـن مـنـاطــيـقـهـاالاعـتبـاريـة , فهو يـعـبـر عـن حـالـة قــد تــبـدو غـيـر مـنـطقيـة فـي منـاظـيــر اصحـاب نـظـريـات الـكـم الـنفـعــية ومـقـارنـات مــيـزان الـربـح والـخســارة الـدنيــوية , فالـمـنـافـع و نتـاج حـصـاد حـقـولهـا المـاديـة تـســقـطـان امـــام رســوخـيــة الـثبـات الايـمـانــي الـعـقـائــدي الــذي تـجـلـى فـي اعــلـى قيـمة الـتضحـويـة بمـواقـف الأمـام الحـســيـن وأصحـابــه فـي يــوم عـاشــوراء , تـلـك المـواقف الـتي اصــبحت محـطـات لـلابــداع الـجـهـادي و مـنبـع الهــام لـلمـقـاومـيـن الـرافضـيـن لـثـقـافـة الـخــنـوع الانحـرافـية والانصــيـاعات الأذلالـــيـة الـتي رفـضــهـا الأمـام الحـســيـن جملـة وتفصـيـلا بـقـولــه المـأثـور ( ألا وإن الدعـــي بـن الدعــــي قـــد ركـــز بيــن اثنتيـــن بيــن الســلة والذلـــة وهيهــات منـــا الذلــــة ) , حـيث مـبـدأ الاســـتسـلام الآنـبطـاحـــي غـيـر وارد فـي قـواميـس ولـوائــح الـمـدرســة المـُحـمـديـة الـتـي تخـرج منهـا آل بيت الــرســول ( ص ) . الـحـســـيـن ( ع ) لــم يـكـن مـُجــرد ثــائــرا خــرج طـالبـا لـلأصــلاح والـتغـييـر فـي أمــتــه , بـل إنــه اراد مــِنْ وراء مـــا ذهــب اليـــه في ثورتــه , تــثـبيت وتـرســيخ مفـاهـيــم عقـائـديـة وإكـمــال رســـالــه اخـلاقيـة أريــد لهـا أنْ تـــنحـرف عـن وجـهـتهـا الحقيقيــة , و إنهـاء لشــذوذيـة الانحـراف والاســتبـداد والأقـصـاء الـدنيـوية الـتـي افـرزتهـا مـرحـلـة تســـلط ســٌــفـاح ابنـاء الطلقـاء على الحكم مـنـذ وصـول احفــاد ابـا لهبهـم الـيه , وحـتـى اللحظــة الـتي نـحصـد فـيهـا نـتـاج مـا زرعـوه مـِنْ بـذور ثقـافـة ازدرائيــه منحـرفـة اجتماعيـا واخـلاقيـا وشــرعيـا , فـالـعـقـيـدة الـطلقـائيـة دخـلت الـى الاســلام لـيس ايـمـاننـا بــه بقـدر مـا إن َ احفـاد ابـا جهـل اتخـذوا مـِنَ الاســلام وســيـلـة لـلـوصـول الـى غــايــة نـفـعـيـــه تعـيـد اليـهـم مُـلك وجـاه فـقـدوهـمـا مـُرغـمـيـن نـتيجــة للتـغيـرات الـتي فـرضتهـا القـوانيـن السمـاويـة التي جـاء بهـا الاســلام وبشــر بهـا الـرســول و التي ســاوت بيـن العبـد وســـيـده وبيـن فقـراء القـوم واغــنيـائهـم وانتصرت للانسانية . الـعـشـق الحـُســـيـنـي الـذي يـُعـبـر عــنـه شـــيعـة ال بيت الـرســول كــُل عـلى بـســاطـتـه , وإنْ كـان هـنـاك مـَنْ يـســتغـل شـعـائــرة ويـحـاول أنْ يـطـوعهـا كـوســيلـة للـوصـول الـى منافعــة الدنيـويـة , لكنهـا تـبقــى فـي اطـارهـا العـــام تعــبـر عـن وفـاء ايـمـانــي والتــزام اخــلاقــي تعـاهـد عليه عشاق الامام الحسين واختاروه منهجا لهم مـؤمـنيـن مخـُـيـريـن غـيـر مـُجـبـريـن , و صـادقيـن بعهـدهـم لست بـإنتهـازييـن ولا منـافقـيـن , فـالــذي يـقـطـع مـئـات الكـيـلـو مـتـرات مـِنْ المســافـات على الاقـدام لــزيـارة قـبـر الأمـام الحســيـن ( ع ) وهــو يــدرك ويبصـر تمـامـا حـجـم المخـاطـر الـتي تحـيط بــه , لا ينتظـر مـِنْ وراء ذلـك كســبـا مـاديـا ولا جــاهـا شــخصيـا ومنصـبـا دنـيـويـا , بقـدر مـا أنــه تجـديد لبيعــة وثـبات عـلى عهــد ورسـوخ عـلى مبـدأ , فـي زمـن غـاب عـنـه الحـق وسـادت الغلبـة فيه للبـاطـل . al_asadi@aol.com
|
||||||||
|