دام برس

لم تكن أبداً هذه المرة تلك الدموع هي دموع وقحة بل كانت دموعاً مليئة بعناصر مختلفة في المضمون متشابهة تقريبا في الهدف ، هذه الدموع أتت بعد خمسة وعشرين عاما حين قرر الزعيم  العودة إلى الشاشة الصغيرة بعد آخر مسلسل له والذي كان بعنوان "دموع في عيون وقحة ".

دموع ذرفها البعض وهو يتذكر أمجاداً كان على وشك أن ينساها بأن الإنسان العربي ما زال يتحلى بالشجاعة ويعشق الحضارة والقدرة على التفكير الهادف الذي ربما يتحدى به أذكى شعوب العالم.

ودموع أخرى ربما عنوانها الحسرة ذرفها البعض الآخر وهو يرى مشهداً ربما كان يتمنى لو يراه حقيقة على أرض الواقع ، ذاك المشهد الذي تكسرت فيه هيبة إسرائيل وليس بقوة السلاح ، بل بقوة العقل وعزم الإرادة .

مسلسل "فرقة ناجي عطا الله " الذي تربع على عرش مزدوج لهذا الموسم الرمضاني من حيث عدد المشاهدين والتكلفة التي بلغت حوالي سبعين مليون جنيه مصري وكان للزعيم عادل إمام حصة الأسد منها بأجر قدره ثلاثين مليون جنيه ، هذا المسلسل استطاع أن يجذب أعداداً كبيرة من المتابعين فقد اختارت مجموعة mbc  المنتجة لهذا العمل أن يتم عرضه بعد الإفطار وهو ما خلق حالة إدمان عليه لدى العديد من عشاق الزعيم وعشاق تلك الحبكة الدرامية المميزة في العمل والتي إحدى ركائزها كان ربط المشاهد في سلسلة أحداث مهمة بحيث ينتهي الحدث الأول ، ومع بداية الحدث الثاني تنتهي الحلقة وهنا تتشكل حالة الربط بين المشاهد والحلقة التالية.

ناجي عطا الله وفرقته التي أحد أعضاؤها ابنه محمد إمام  والذي يقوم بدور ابراهيم في المسلسل إضافة إلى ابن آخر للزعيم وهو رامي إمام مخرج العمل استطاعت أن تثير اهتمام ليس فقط الصحافة العربية بل أيضاً الصحافة الإسرائيلية التي أبدت غضبها من الطريقة التي أظهر بها عادل إمام إسرائيل حيث يظهر المجتمع الإسرائيلي على أنه مجتمع عنصري يفرق بين اليهود الإشكيناز "الأوروبيين" واليهود السفارديم "الشرقيين"، كما يظهر الإسرائيليين على أنهم بخلاء.

ويبدو أن الهجمة الشرسة التي تواجه المسلسل في إسرائيل والضجة التي أثارها جعلت الإسرائيليين يحرصون على متابعته، وهو ما جعل عددًا كبيرًا من المواقع الإلكترونية الإسرائيلية المختلفة تقوم بسرقة الحلقات وعرضها مترجمة بالعبرية، ما زاد من اهتمام الإسرائيليين بالمسلسل بالرغم من الهجوم عليه.

هذا المسلسل برأيي ورغم بعض الأخطاء الإخراجية التي سقطت من ابن الزعيم"المخرج" سهواً مثل تصوير بعض المشاهد في لبنان على أنها في غزة أو حتى في سوريا ، لم تكن كفيلة بأخذ موقف سلبي من المسلسل ، فالزعيم كان له أسلوبه المميز الذي جمع بين الطرافة والصرامة في آن معاً والممزوجين بنفس الوقت بحس المقاومة والتحدي الواضح للإسرائيلين الذين يظهرهم المسلسل على أنهم محتلون ومغتصبون للأرض وهى الحقيقة التي ينكرها اليهود دائمًا.

والملاحظ أيضاً من خلال هذا المسلسل بأن الزعيم حاول دعم ابنيه محمد على الصعيد التمثيلي وابنه رامي على الصعيد الإخراجي من خلال إعطائه فرصة إخراج هذا العمل الذي على ما يبدو أن إمام الأب كان متأكداً من نجاحه.

وقد بلغ تأثير المسلسل في إسرائيل حسبما ذكرت بعض المصادر الإعلامية أنه تم تشديد الحراسة على بنك "ليئومي" الإسرائيلي والذي كانت فرقة ناجي عطا الله قد قامت بسرقته خلال المسلسل .

مسلسل "فرقة ماجي عطا الله " والذي يعيد إلى الأذهان بشكل أو بآخر مسلسل "رأفت الهجان " الشهير والذي تتناول أحداثه "الحقيقية"  أيضاً إسرائيل واختراقها بشكل كبير على الصعيد الاستخباراتي ، لم يغفل أيضاً إظهار الخداع الإعلامي الذي تمارسه إسرائيل وأساليبها في اللعب بالرأي العام العالمي وجعله يصطف إلى جانبها بحيث تظهر بمظهر الضحية التي تدافع عن نفسها وهي الجلاد .

نسبة المتابعة الكبيرة التي حظي بها المسلسل كانت واضحة حتى من خلال تلميح وكيل وزارة الأوقاف المصرية بالسويس أن مسلسل "فرقة ناجي عطا الله"  ربما يكون احد الأسباب وراء الأحداث التي شهدتها منطقة الحدود المصرية الإسرائيلية والتي راح ضحيتها 16 جندي مصري .

أخيراً وبدون شك على الأقل من وجهة نظري أن الزعيم استطاع هذا العام أن يثبت بأنه ما زال يتربع على عرشه في مصر وحتى في الدول العربية رغم المنافسة الكبيرة من قبل العديد من الفنانين على هذا العرش .