الرئيسية  /  أخبار

بسبب الشبكة العنكبوتية... نخشى اليوم الذي لا توجد فيه يد قادرة على العطاء نتيجة الأمراض والفقر والجوع .. بقلم : مي حميدوش


كلما وصل الإنسان إلى مسافات أبعد في الفضاء أخذ كوكبنا الأرضي حجماً أصغر ويوماً بعد يوم تتسع آفاقنا واكتشافاتنا وتضيق أرضنا . إننا نشهد ثورة اكتشافات كونية وعلمية لها ما لها وعليها ما عليها ،ومنذ أن ظهر مجتمع المعلومات مع ظهور الحاسب الالكتروني في مراكز البحوث والجامعات في الخمسينيات الشركات الاحتكارية حولت المعلومات إلى سلعة غير مادية
وبدل أن تكون قيمة رفيعة تقدر على أساس معايير تنموية واجتماعية أصبحت تخضع لمعايير الربحية .
إن ظهور الكمبيوتر كاختراع يعد حدثاً مهماً في تاريخ التكنولوجيا والتطور مستمر في مجال صناعة الكمبيوتر شكلاً ومضموناً حيث بدأ العمل على أول جهاز كمبيوتر رقمي عام 1937 وكان الكمبيوتر شكلاً ضخماً وثقيل الوزن وبطيئاً ولكن الإعلانالرسمي لنجاح هذه التقنية لم يبدأ إلا في مطلع الستينات أي في عام 1964 وتتالت
المراحل التطويرية للكمبيوتر وكان عام 1981 نقطة التحول لصناعة الكمبيوتر الوليد على ساحة صناعة الحاسوب وبدأ الانتشار الواسع للكمبيوتر الشخصي
وهذه الصناعة لعبت دوراً حاسماً في تطوير المجتمعات وكان أهم إنجازاتها
استبدال القوة العضلية بقوة الآلة والأتمتة . والجدير ذكره في مجال الانترنت وثورة المعلومات وتكنولوجيا الأقمار
الصناعية أن الاتحاد السوفييتي فاجأ العالم في عام 1957 بإطلاق أول قمر صناعي وأصبح الاتصال عبر الأقمار الصناعية وبدأت مرحلة ما بعد الثورة الصناعية التي اتسمت بظهور المجتمعات ذات الاقتصاديات المبنية على تكنولوجيا المعلومات أما استخدام الأقمار الصناعية في مجال الاتصالات فقد بدأ عام 1962 حيث تم مشاهدة برنامج تلفزيوني في وقت
واحد من كل أمريكا وفرنسا وبريطانيا وذلك بعد أن بث أول قمر صناعي مستقر في الفضاء باسم تلستار وتتالت الأجيال من الأقمار الصناعية وكل جيل
متطور أكثر من الجيل الذي سبقه حتى بدأ البث التلفزيوني بوساطة الأقمار الصناعية . أما عن الشبكة العنكبوتية " الانترنت " والذي أطلق عليها منذ بداية فكرتها بتكنولوجيا الأقمار الصناعية وفي الحقيقة أن شبكة الانترنت أحدثت ثورة في عالم الاتصالات والكمبيوترات فاق التخيل، والانترنت لا تعرف حدود جغرافية وإذا لا حظنا كثافة ما ينشر على الانترنت من إنتاج ثقافي يأتي
معظمه من الغرب والولايات المتحدة الامريكية فإن هذه الشبكة الاتصالية أصبح بإمكانها الربط مع أي شبكة معلومات بوساطة الكمبيوتر .
لقد أصبحت شبكة الانترنت قوة تجارية أكثر حرية وأصبحت أيضاً قمة التطور النقدي والمعلوماتي الذي لا يستطيع أي إنسان أو أي شعب الوقوف ضد هذا
التطور الكبير وهذا ما يعد الوجه المضيء في خدمات الانترنت . أما الجانب المظلم فهو أخلاقي واجتماعي وسياسي وفي الحالتين بحاجة إلى
إيجاد الردع والحماية ويمكن هنا أن يقول قائل إنك تستطيع عن طريق الانترنت محاورة رئيس دولة مباشرة أو أحد أصحاب المليارات ولكن هل بهذا نحقق نوع
جديد من المساواة بالطبع لا لأن ما يحدث فعلاً هو تجسيد وتجسيد معرفي لفجوات أكثر مما هو إزالة التناقضات لهذا نجد أن الانترنت والكمبيوتر وغيرهما من
تكنولوجيا الاتصال تزيد الفجوة بين الأغنياء والفقراء من حيث قدرة الأغنياء على اقتنائها وقدرة على التعامل معها وتحقق لهم أرباحاً خيالية وأكثر ما يخشى
منه في المستقبل غير المنظور أن يجلس الناس أمام الكمبيوتر في منازلهم ويديرون شؤونهم وشؤون حياتهم بالضغط على زر أو بتحريك الماوس وهذا ما سيؤدي إلى
تجميد التفاعل الإنساني وحركة البشر في معظم دول أسيا وأفريقيا بسبب الفقر والجوع والأمراض وبالتالي نخشى أن يأتي اليوم الذي لا توجد فيه يد قادرة على
تحريك الماوس والضغط على زر بسبب الأمراض والفقر والجوع إذا ثورة المعلومات والاتصالات تعد العمود الفقري للعولمة والتي تستهدف السيطرة
الرأسمالية على العالم وترسيخ العولمة كمنظومة لتشكيل النظام العالمي الجديد بعد أن حققت مكاسب عديدة أهمها في المجال الاقتصادي .
بقلم :مي حميدوش






Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=12&id=1149