دام برس – قصي المحمد:

أكّد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور أديب ميالة على الدعم المستمر لجميع الحرفيين  الذين حافظوا على تألق تراث أجدادهم وعلى التاريخ الشامخ للصناعات اليدوية السورية، وأشار إلى أنّ المعرض دليل على حيوية وصمود الشعب السوري الذي يعمل رغم كل ظروف الأزمة إحياءً للصناعات التراثية التي تتميز بها سورية منذ القدم.

جاء حديث وزير الاقتصاد في تصريح له أمس خلال حضوره افتتاح معرض التراث والتوثيق تحت عنوان "من ذاكرة وطن" والذي تقيمه المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية بالتعاون مع الاتحاد العام للحرفيين في قلعة دمشق. حيث بيّن ميالة أنّ ما نراه اليوم من معروضات هي منتجات  حرفية ذات أهمية دولية وعالمية من خلالها  وثّق الصانعون تاريخ وتراث سورية المشرّف، هذا التوثيق الذي سيبقى  للأجيال القادمة وللاطلاع عليه من كل دول العالم.

وشدد ميالة على ضرورة بذل كل ما يمكن من أجل الحفاظ على هذه الحرف اليدوية ودعمها والعمل على تأمين كل ما يلزم الحرفيين من مواد أولية من خلال اتاحة إجازات الاستيراد لكل ما يطلبونه، ولفت في سياق حديثه إلى وزارة الاقتصاد في دعم هذه الحرف من خلال التنسيق مع جمعية المشاريع الصغيرة والمتوسطة لبحث السبل الدعم  التي تساعد هؤلاء الحرفيين على زيادة إنتاجهم، بالإضافة إلى تأسيس سوق حرف كبير يضم كل هذه الورش الصغيرة، و تأسيس مركز تدريب عليها لتبقى ذاكرة للوطن.

ومن جانبه  مدير المؤسسة العامة للمعارض الدولية فارس كرتلي بيّن أن  معرض التوثيق من المعارض الهامة التي تقيمها المؤسسة وهو يرتبط بمعرض دمشق الدولي الذي يعود تأسيسه إلى عام 1954 والذي استمر حتى عام 2011 وتوقف بسبب ظروف الأزمة، وأهميته هذه المعرض  جاءت من وقته المحدد بين التشرينين، ليكون رسالة  كبيرة حملت عنوان من ذاكرة وطن.

وأشار كرتلي أنّه المعرض تم  تقسيمه إلى فترات  زمنية متسلسلة وهذه مسألة كانت مترافقة مع مشاركتنا مع اتحاد الحرفيين واختيارنا لكبار  التراث الدمشقي شيوخ الكار للمشاركة . وعن اختيار مكان المعرض في قلب قلعة دمشق وضّح ذلك إلى أنها نوع من التعبير المجازي لفكرة  أن سورية مثل القلعة ستبقى صامدة كما سبق وصمدت ضد الاستعمار ، كما أنها صامدة اليوم ضد هذا الغزو المغولي الحديث وضد الإرهاب التكفيري .

وقال مدير عام المؤسسة: إنّ هذا المعرض رسالة للخارج ولكل من هاجر مرغماً أو برغبته تؤكد  لكل من يراه أنّ سورية آمنه  وتعود لها عجلة الإنتاج ... وأضاف، عندما نتحدث عن مفهومي الأصالة والمعاصرة والدمج بينهما لم يكن إلا  منطلق ومبدأ أساسي اتخذناه من  خلال التنسيق مع شيوخ الكار لهذا المعرض الذي سيكون باكورة لإعادة انطلاق معرض دمسق الدولي في الأيام القادمة.

وبدوره الاستاذ زهير مدير عام شركة سيرونكس  السورية شدد على ضرورة وجودهم ومشاركتهم في جميع المعارض التي تقيمها المؤسسة العامة للمعارض، هذا التواجد الذي يرتبط بتاريخ تأسيس الشركة والذي يعود إلى أكثر من خمسة عقود من الزمن. وأضاف، منتج سيرونكس هو منتج وطني ومهم، حيث جاءت مشاركتنا من خلال شاشات سيرونكس  ... من خلال هذا المعرض نحقق قيمة مضافة تسهم في دعم الاقتصاد الوطني.

وفي لقاء لدام برس مع عدد من الحرفيين بيّن السيد عدنان تنبكجي "شيخ كار الفنون اليدوية التشكيلية " عضو غرفة تجارة دمشق وعضو في مجلس التراث الوطني مجلس شيوخ الكار أنّ المعرض يعتبر تظاهرة مهمة توثّق كل المنتجات الحرفية واليدوية المهنية السورية التي وصل صيتها إلى عدد كبير من دول العالم، وقال تنبكجي: "إنّ ما يلفت الانتباه خلال هذه المعرض هو أعداد الزائرين من مختلف الفئات العمرية والتركيز على فئة الشباب والصغار هو مهم جداً مما لهم من دور كبير في المحافظة على هذه الحرف مستقبلاً".

كما أشار إلى دور الحرفيين وشيوخ الكار في المحافظة على استمرار هذه المهن من خلال التشجيع على تعلّمها والتي تم اكتسابها من الأجداد كمهنته النحاس والجلديات والخشب. وأضاف، اليوم سورية تملك حرفيين يدويين  يعادل عددهم ما هو موجود في الوطن العربي كافة، فكيف لنا اليوم نحن كشيوخ كار ألا نحافظ على هذا التراث؟.

وبيّن تنبكجي أنه خلال المعرض تم عرض ثريات منيرة من تاريخ قديم مضاف إليها بصمات حديثة وجديدة تلفت انتباه الزائر مؤكداً الاقبال الكبير عليها ... سورية باقية ودورنا الحفاظ على تاريخها العريق المعروف للعالم كله ومن خلال الإعلام السوري نناشد الشباب الأطفال للتواجد في مثل هذه المعارض،  متمنياً من أجيال المستقبل الحفاظ على هذا التراث وحمايته والاستمرار به.

وبدوره شيخ كار مهنة الصدف يحيى ناعمة تحدث عن أهمية وجوده اليوم في المعرض لما لهذه المهنة التي يعمل بها من تاريخ مشرف له ولأجداد  حيث قال: "لا  أزال أعمل بهذه الحرفة السورية الدمشقية القديمة  التي يتجاوز عمرها أكثر من /1000/ عام ورثتها عن والدي الذي بدوره ورثها عن والده، وعملنا بها لتزيين القصور والفنادق والهداية وغيرها من خلال دمج الصدف مع خشب الجوز ... اليوم وبسبب ظروف الأزمة قلّ عدد السواح وهم كان لهم الدور الأكبر في تصريف هذه المنتجات لأن السائح لا يلفت انتباهه إلا ما له طابع خاص في بلدنا، حيث وجدنا اليوم رغم ذلك تشجيع من وزارتي الثقافة والسياحة لتطوير العمل والاستمرار به، ونؤكّد اليوم أنّ لنا الفخر بأننا ما زلنا نعمل في بيوتنا ونتأمل خيراً للجميع.

ولفت ناعمة إلى أكثر الصعوبات التي تشكل عائقاً أمام عملهم والتي ترتبط في طريقة تأمين المواد الأولية التي لا يحصلوا عليها إلا بشق الأنفس، قائلاً: " معظم عملي يعتمد على خشب الجوز الذي ارتفع سهره من 40000 لمتر المكعب الواحد من خشب الجوز إلى الـ /مليون/ ل.س. متمنياً من الجهات المعنية تأمين المواد الأولية للحرفيين لتكون مشجع لهم.

وأضاف الحرفي يوسف الحامض شيخ كار مهنة دمج النحاس مع الفضة أنّ التراث السوري والحرف اليديو ة مستمرة ولم تقف في يوم  من  الأيام ما دام هناك من يؤمن بها ويتقنها، وأشار الحامض إلى أنّ المهنة التي يعمل بها تعود للمئات من السنين ، عمل على تطويرها وترك بصمات واضحة ولكن يبقى الأساس للعمل اليدوي.

في النهاية أكّد الجميع على اصرارهم على إعادة الألق للصناعات التراثية السورية لحماية هذه الحرف من خلال التعاون مع الجهات المعنية عبر اقامة حواضن وقرى تراثية بما يدعم الاقتصاد الوطني والسعي لنشر التعليم الحرفي التراثي اليدوي الفني وتصدير هذه المنتجات للخارج لإثبات وجودها على الساحة الدولي.
كما تضمن المعرض الذى يستمر ثلاثة أيام قسماً خاصاً بالصور التذكارية والميداليات والطوابع العائدة لفعاليات معرض دمشق الدولي منذ الخمسينيات وحتى عام 2007 وقسماً آخر للمصنوعات التراثية اليدوية وعروضا حية لبعض الصناعات من شيوخ الكار في الاتحاد العام للجمعيات الحرفية كصناعات الحرير والجلديات والأقمشة التراثية واللوحات الخزفية والتشكيلية وأعمال القش والمجسمات الطينية والفخار وغيرها.