Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 26 نيسان 2024   الساعة 20:20:27
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
رغم استقالة قدميه .. ’’إبراهيم حسن’’ يتحدى الإصابة .. ’’دام برس’’ في ضيافة قرية ’’مجبر’’

دام برس - سهى سليمان :

كورقة خريف سقط على أرصفة المصير، وعلى وقع ضجيج الآه التي احتلت فضاء المكان... دفع صديقه النازف إلى خارج العربة لينقذه من مجهول أعظم ربما يهطل عليهم كمطر غاضب.

لم ينسَ أو يتخاصم مع من حملتاه عشرين عاماً على كاهلهما، رغمَ فقدانِه الإحساس بهما، بل لا يزالُ ينظر إليهما بكلّ وفاء وامتنان، شاكراً فضلهما وتعبهما، قائلاً لهما: الآن جاء دوركما أن ترتاحا وأتعبَ أنا.

في منزلِ المصاب "إبراهيم أيمن حسن" وفي جوّ من الدفء الأصيل والبسيط والكريم، انبعث من مدفأة "الحطب"، كان لنا حديث عفوي وجلسة أهل وأحبة.

إبراهيم ذو العشرين ربيعاً، من قرية مجبر التابعة لمنطقة الشيخ بدر في محافظة طرطوس، جندي متطوع في الشرطة العسكرية بالقابون بدمشق.

5 ساعات متواصلة، انتظار وترقب...

كيف وصلّ الأمر بك هذه الحالة؟

كنا بمهمة عسكرية إلى حرستا أنا وخمسة من أصدقائي وقائد المجموعة ملازم أول، وفي الطريق تمّ استهدافنا بقذائف هاون، حيث سقطت القذيفة في "الفان" التي كنا نستقلها من جهة اليسار، ما أدى لإصابتي بشظية في ظهري، وثانية بفخذي وثالثة بركبتي.

كان معي من ضمن أصدقائي مازن شاهين من السويداء الذي أصيب برأسه، أما صديقي محمد فكانت إصابته شظية بكتفه، في حين أصيب الملازم أول د.غسان سلطان بعينه... الحمد الله كانت جميعها إصابات.

بعد الإصابة نقلنا مجموعة من الجنود بسيارة خاصة بحالة إسعافية إلى مشفى الشرطة ومن ثمّ الى مشفى تشرين العسكري، حينها دخلت فوراً إلى غرفة العمليات وأجري لي عملية في عمود فقري (إخراج الشظية من القناة الشوكية) واستمرت العملية وفق ما أخبروني أكثر من 5 ساعات ومن ثمّ إلى الغرفة العصبية.

شظية تؤدي لشلل نصفي في الأطراف السفلية

بعينين ضاحكتين، تتحديان إعاقة الجسد، متفائلة بأن القادم أفضل ولو كان على كرسي متحرك تابع إبراهيم حديثه:

لم أدرك أن أعاني من شلل سفلي، وحين سألت الأطباء عن وضعي لم يخبرني أحد خوفاً من أن أعاني من الصدمة، وحين أصريت بالسؤال لماذا لا أستطيع تحريك أطرافي السفلية، لم يجب أحد وأعطوني مبررا وحيداً هو "البنج ـ المخدر" الذي سيبقى لمدة ثلاثة أيام، حينها صمتت وانتظرت ثلاثة أيام، وعدت وكررت السؤال نفسه لكن الطبيب صمت ولم يجب، حتى جاء الطبيب الذي أجرى العملية وسألته مرة أخرى فأجابني محاولاً مواساتي من الصدمة، لكنني كنت مؤمناً بالله، وأخذتها بروح رياضية، وأخبرني أنني أصبت بشلل سفلي، فقلت: "الحمد الله".

الحمد الله لا زلت أحرك يديي وأتحدث وأرى وأسمع، الحمد الله أنني ما زلت بين أهلي وأنا سعيد جداً معهم.

أخبرتني أنك أسعفت إلى المشفى، كيف تمّ ذلك؟

عندما فقدت الإحساس بالنصف السفلي من جسدي، اضطررت للزحف على أكواعي للوصول إلى حاجز للجيش كان بعيد جداً، وصرخت بهدف إنقاذي، وجاء أحد العناصر ووضعني بإحدى السيارات لكن لم يرضَ أحدٌ في بداية الأمر إنقاذي بسبب غزارة القذائف التي كانت تتساقط... حتى جاءت سيارة أشكر سائقها من كلّ قلبي وأتمنى له كلّ الخير والتوفيق على مساعدته حيث أوصلنا إلى مشفى الشرطة.

شكر وتقدير لكلّ من قدم المساعدة

ما هي نسبة التحسن في وضعك الصحي؟

منذ أن أصبت في 26 أيلول إلى الآن لا يوجد أي تحسن، حيث دخلت مشفى تشرين ومن ثمّ إلى مشفى حاميش بغرض المعالجة الفيزيائية، وتمّ تعليمي بعض الحركات الخاصة وحينها تخرجت من المشفى.

لقد تمّ الاعتناء بي بشكل كبير من حيث تأمين سيارة الإسعاف حتى وصولي إلى منزلي، وكانت الأدوية من المشافي العسكرية وبشكل مجاني.

هنا أود أن أشكر مدير صحة طرطوس د.أحمد عمار الذي وجه بإرسال معالج فيزيائي مجاني، كما أرسلوا من المشفى العسكري بطرطوس لجنة تزورني لمتابعة وضعي وعلاجي، أشكرهم جميعاً وأتمنى لهم دوام التوفيق.

هل هناك أية حالة يأس؟

لا على العكس رضيت بما أرسله الله لي، ربما أصبت بشلل سفلي، لكن الحمد الله يداي موجودتين، والأهم أني بين أهلي وأتابع حياتي معهم.

إصابات متعددة، أفقدت البعض إحساسه بأطرافه

موزعاً نظراته بين والدته ووالده وأخوته، مبتسماً، غير يائس، يعيد ذكريات أليمة وإنسانية:

ما هو وضع أصدقاءك اليوم؟

كان أصدقائي من كلّ المحافظات من السويداء ودرعا وغيرها الكثير، كنا كعائلة واحدة نخاف على بعضنا، وهمنا الأوحد هو الدفاع عن هذا الوطن.

عندما تساقطت القذائف علينا، ودخلت الشظية بظهري توقف لدي الإحساس بأي شيء، من بطني وللأسفل، أما أحد أصدقائي أصابته شظية وكان ينزف بشكل كبير، حينها بسرعة أبعدته إلى خارج السيارة حتى لا تصيبه قذائف أخرى، متوقعاً سقوط قذائف أخرى، ومستعداً للتضحية بروحي من أجل أصدقائي وبلدي.

أحد أصدقائي أصيب بشلل نصفي وهو من السويداء، في حين كان وضع الملازم أول أفضل والحمد الله بعد إصابته بشظية بعينه.

ما هي رسالتك إلى رفاق السلاح؟

ادعو من الله الله أن يحميهم وينصرهم ويسدد رميهم، وإلى الرئيس بشار الأسد أن يطيل الله في عمره، ونعده أنا ورفاقي كما نعد وطننا الحبيب وشعبنا الوفي أننا سنبذل كلّ ما بوسعنا للدفاع عن أرضنا وعرضنا، لأن نحن حماة الديار ولن نتخاذل حتى ولو أصيب البعض لكن هناك الكثير لا زالوا يدافعون عن هذا البلد الغالي.

وجود الابن المصاب مصدر الرضا والسعادة

كان العم أبو سليمان (أيمن حسن) يتحدث بفخر وحزن وإيمان بقضاء الله وقدره، متقبلاً إصابة ولده بكل رحابة صدر وتقى ورضا، حيث قال:

عند تلقي خبر إصابة ابني تفاجأت لكني تقبلت الأمر، ولا مهرب من ذلك، ولن نقول إلا "الحمد الله رب العالمين" ونحن لسنا أفضل من الآخرين الذين أصيب أولادهم أو استشهدوا فداءً لهذا الوطن، وأكد أنه ليست هناك أي حالة تذمر من الموضوع على العكس تماماً، سعيدون وراضون جداً بولدنا.

وأضاف: كنت أحاول لأكثر من مرة أن أسافر إلى الشام لرؤيته لكنه كان يمنعني من الذهاب، وبعد إصابته أصريت على ذلك، وفعلاً سافرت إليه لاطمأن عنه، وعلى الرغم من إصابته البالغة لكنني كنت واضعاً نصب عيني الله سبحانه وتعالى، إضافة إلى وجود إصابات أخرى في المشفى وكانت صعبة جداً، فهانت علي إصابة ولدي.

أقوم بمعالجة ولدي فيزيائياً 4-5 مرات يومياً وفق ما تمّ إعطائي من تعليمات وحركات من قبل المعالج الفيزيائي.

ما هي الصعوبات التي تعترض مسيرة العلاج؟

نشكر كلّ من قدم المساعدة والدواء والعلاج الفيزيائي في مديرية صحة طرطوس ومشافي الشرطة وتشرين في دمشق وطرطوس والعسكري والشيخ بدر ومستوصف برمانة في محافظة طرطوس.

تمّ تزويدنا بكرسي متحرك يساعد ابننا على التحرك بشكل مقبول، لكننا نتمنى استبدال هذه الكرسي بآخر كهربائي ليسهل عليه حركته بنفسه والخروج من المنزل بشكل أكبر.

وفي رسالة إلى كلّ من يدافع عن هذا البلد وإلى ذوي الشهداء دعا والد المصاب بالرحمة على جميع شهداء سوريا الشرفاء، وأن يحمي الله كلّ من يدافع عن هذا الوطن، وأن يشفي الجرحى ويعيد كلّ غائب إلى أهله.

رغم صقيع الألم... دفء بوجود الابن

أما تلك السيدة (أم سليمان) فلديها ثلاثة أولاد يؤدون خدمتهم وواجبهم العسكري (ولد في إدلب، وثانٍ في الشام، وثالث مصاب حالياً في المنزل)، تتمنى لو كان لديها 10 أولاد وكانوا على الجبهات يدافعون عن البلد، لأن الحياة بدون كرامة لا تسوى شيئاً.

عبّرت عن شعورها بالرضا والإيمان بالله وقدره بعد إصابة ولدها، متمنية أن تكون إصابته آخر الإصابات، كما دعت من الله تعالى أن يحمي كلّ إنسان صادق ويدافع عن هذا الوطن.

وأشارت إلى أن إصابة ولدها لم تشعرها بالتذمر على الإطلاق، على العكس تماماً فهي سعيدة بوجوده، وأن ذلك شيء وفرض عليهم، وكل شيء يهون مقابل أن يعيش الإنسان بكرامته، وأفضل بكثير من أن يدخل المسلحون إلى البيوت وينتهكون الأعراض والأرض.

أما إلى أمهات المصابين والشهداء فقد وجهت كلّ التحية والتقدير مؤكدة أن الوطن يحتاج للتضحية بالمال والبنين.

واختتمت حديثها بالشكر لكلّ من خدم هذا الوطن وكلّ من قدم المساعدة لابنها من مدير صحة طرطوس د.أحمد عمار إلى مشفى الشيخ بدر والمعالجين الفيزيائيين.

نزف الذكريات مستمر...

لم ينتهي نزف الذكريات بإصابة إبراهيم، فالكثير من المدنيين والجنود أصيبوا أثناء المعارك، لكن صمودهم وصبر ذويهم يمدّنا بقوة وصلابة وسرد قصصهم وتكرارها هي عبرة تساهم في استمرارية الحياة.

مؤسسة "دام برس" الإعلامية تشكر أهلنا في قرية مجبر الذين أخجلونا بكرم ضيافتهم، كما توجه كلّ التقدير والاحترام لجميع من قدم المساعدة من الجهات الرسمية أو الخاصة أو الأهلية والتي تساهم في متابعة علاج مصابينا.

 كما تدعم المؤسسة مطالب أهل المصابين بتأمين "الكرسي الكهربائي" الذي سيوفر الكثير من الجهد والوقت، إضافة إلى تسهيل حركة المصاب بنفسه ومحاولة عودته إلى حياته المعتادة مع أصدقائه والطبيعة.

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz