دام برس – غزل الموسى – اللاذقية :
" لا شيء جميلاً في حروب الداخل، هذا الواقع اكتشفته في يوميات الحرب السورية " جملة استهلت بها الإعلامية أوغاريت دندش أولى تجاربها الكتابية في توثيق ثمانِ سنوات مرت على بلدٍ انتمت له كما انتمائها للبنان واجتازت الحدود بين هذين البلدين مئات المرات في منطقة المصنع لتكون المسافة بعنوانها العريض "عشرة كيلو مترات ..من الأرض".
فبعد إصداره الأول في بيروت و توجهه إلى دمشق، وصل الكتاب إلى رفوف مدينة اللاذقية أمس الاثنين بعد لقاء أوغاريت دندش بالحاضرين في المركز الثقافي لتوقيع كتابها الأول " عشرة كيلو مترات من الأرض" حيث اتخذت دندش قرار الكتابة بعد أن شعرت أن الكاميرات لم تستطيع إيصال تفاصيل الصورة كاملة وأضافت : " لدي قناعة أن الكتاب وثيقة تبقى " فعلى الرغم من استمرار عرض برنامجها (من الأرض) أصرت دندش على توثيق التفاصيل التي خصت الحالة الإنسانية المرافقة للحرب، في وقت كانت تطغى فيه أهمية الأخبار الميدانية على الجوانب الأخرى.
لن تدعك الجمل الواردة في الكتاب حراً من التخيل و السير على كامل الجغرافيا المذكورة، سواء كنت ممن حوصروا يوماً ما فيها أو ممن حاصروا، سواء مررت يوما بها أم لا  .. ستجد نفسك فيها من حلب وسجنها المركزي إلى حمص مروراً بالسلمية و مصاب عقارب الأليم إلى دير الزور و إدلب و العديد من المناطق الأخرى، بعدها ستشعر أن كل تلك المعارك التي كنت تسمع عنها في الأخبار كانت مغلفة، و ستتأكد أن أبطال الروايات هم موجودون في الحقيقة بأسمائهم و تفاصيل حياتهم، وسترى المعارك من عيون شاهديها.
جريح الحرب محمد بشير هارون كان أحد المصابين في هجوم على حندرات منذ ثلاث سنوات ونصف، حضر حفل التوقيع ليقرأ توثيقاً كان شريكاً فيه حيث وضح لدام برس :" الجيش السوري لايزال على الجبهات والنصر يقترب في كل يوم، وعسى أن يأتي الوقت الذي نكتب فيه عن النصر الكامل كما آلمنا هذا الوقت بتدوين الحرب من خلفه".

فيما تحدث أحد الجنود لدام برس عن إجازته التي جاء فيها ليحصل على الكتاب :" يهمنا أن نتابع عمل أوغاريت الورقي، فهي كانت دائماً تتواجد على الخطوط الأولى في المعارك، ولاسيما أنني كنت من متابعي (من الأرض ) ما جعلني أتوق لقراءة كتابها الأول ".
"هناك الكثير من المشاهد التي تجنبت أن أكتب عنها " أشارت أوغاريت دندش لدام برس :" فهناك جدلية ستفكر بها.. هل بنقلي لهذه الصورة سأساهم بإطالة أمد الحرب أو بتقصير مدتها؟ .. فقد كان هناك بعض الحالات المستفزة للمشاعر لدرجة أنها تساهم في إطالة الحرب".
وعن الجانب الإنساني في الكتاب صرحت دندش لدام برس: " العمل الميداني كان يؤدي دوره ولكنني أصبحت معنية أكثر بالأشخاص الموجودين في المناطق التي كنت أذهب إليها، لأنني لم أعد أتعاطى معهم على أساس مهمة إعلامية فقط، فبقائي إلى جانبهم في كثير من الأحيان جعلني أبني علاقات إنسانية مع هؤلاء الأشخاص و شعرت للحظة أن عدم ذكر قصصهم كأشخاص بأسمائهم وليس بالأرقام هو نوع من أنواع الخيانة والكتاب جاء نتيجة لهذه الحالة"
وتابعت دندش :" هناك العديد ممن قرأوا الكتاب و قالوا لي هل يعقل أن هذا حصل فعلاً وكنت أقول لهم أن هناك ما هو أقبح من ذلك، هي بشاعة الحرب التي يجب أن يضاء عليها حتى نجنّب أطفالنا منها لاحقاً".
بالعبارات البسيطة وبلهجة غير متكلفة ستستوقفك جمل عديدة في الكتاب و ستشعر بألم أصحاب القصص ، ستبكي وتضحك، وربما ستعيد لك ذاكرةً مليئة بندوب الحرب التي لم تراعي رعونة صغار السن ولا رقة النساء أو ضعف الكهول أما الرجال "لا يعودون من الحرب ".