دام برس – ياسر حيدر- اللاذقية :
على امتداد أرض سورية الواسعة آلاف الشهداء تركوا خلفهم آلاف القصص الغريبة حيناً والموجعة أحياناً، قصص جبروتٍ وشجاعة، قصص ألمٍ وفرقة وقصص يكاد العقل البشري ينفر من هول فاجعتها وغرابتها .
وقصة الشهيد الحي نعيم حمدان-ابن محافظة اللاذقية- كانت إحداها، فبعد أربعة أيامٍ من دفنه في مقبرة القرية، قُدّر لنعيم أن يعود حياً في اليوم الرابع لدفنه من خلال اتصالٍ هاتفي مع والده، حالة من الدهشة والذهول أصابت العائلة بالكامل، دموع الأب وأهازيج الأم وفرح الأخوة لا يمكن وصفها .

دام برس قصدت منزل الشهيد الحي نعيم حمدان في قرية يرتي الواقعة في ريف القرداحة لتستقي تفاصيل قصةٍ أقل ما يمكن وصفها بالمعجزة، فحدثنا نعيم قائلاً: شنت القوات الإرهابية هجوماً عنيفاً في الرابعة صباحا مما أدى لانقسامنا الى مجموعتين، مستهدفة في نفس الوقت برج التغطية مما خلق حالة من التوتر بسبب فقدان التغطية, استشهد صديقي لؤي عُقلة-ابن حي الميدان الدمشقي- إثر استهداف دبابته و وصل خبر استشهادي بدلاً عنه، ووجه الشبه الكبير جداً بيني وبينه هو ما أثارَ اللغط الكبير .
مضيفاً: تمكنت بعد أيام من الاتصال مع أهلي لأتفاجأ بخبر استشهادي, وصلت القرية و زرت قبر صديقي بعد استقبال كبير يشهد صدق و محبة أهل قريتي ولهفتهم ومحبتهم التي لا يمكن وصفها .
وللأم حكايةٌ بألف حكاية، الألم والحزن الشديد عند سماعها لخبر استشهاد فلذة كبدها يعادل ألم الموت بل أشد حسب تعبيرها، و للأب غصةٌ لفراق ولده كسر ظهره وقصّرَ من عمره، حزنٌ انقلب فرحةً و مأتمٌ تحول ساحةَ فرح ، أهازيجٌ طالت السماء و دموع فرحٍ أطفأت لهيبَ اللقاء، وفي حديث مع الأم قالت: في بداية الأمر لم أصدق نبأ استشهاد نعيم، أربع أيام من القهر قضيتها أبحث عنه في تفاصيل صوره وزوايا البيت، ألم كبير تحول بفضلٍ من الله لفرحة أتمناها لأهل كل مخطوف وعزاءً لأهل كل شهيد .
شاءت الأقدار أن يصل جثمان الشهيد لؤي قرية صديقه المقرّب نعيم والذي تمنى دائماً زيارتها، احتضنه التراب السوري، بكت الأم السورية ثرى ولدها الدمشقي في أرض اللاذقية، كيفَ لا وأرض سورية واحدة، حزنها واحد، همها واحد، وفرحة انتصار أبناءها ستكون واحدة .