دام برس ـ سهى سليمان ـ طرطوس :
كان العم "علي حمدان" يتمنى لو جاء ولده شهيداً على أن يأتيه مصاباً، فالوضع الصحي لولده أتعبه وأنهك كاهله، بعد معاناة طويلة مع العلاج والسفر والتكاليف الباهظة.
فؤاد علي حمدان ذو الخمس والعشرون ربيعاً، من قرية السوده (جانب قرية كرتو) التابعة لمحافظة طرطوس، يخدم في مطار خلخلة في السويداء، وأصيب على حاجز حرستا ـ الموارد المائية بقذيفة هاون أطلقتها المجموعات الإرهابية، بعد إجرائه عملية "ديسك" وحصوله على نقاهة مرضية، وقد أدت الإصابة التي سقطت على مشط القدم اليسرى إلى (ضياع مادي عظم ولحم)، وهو منذ سنة ونصف يتلقى العلاج ولا تحسن ملحوظ.
في منزلِ المصاب فؤاد كان لنا حديث حول وضعه الصحي ومسيرة علاج طويلة لم تنتهي شكى من خلالها تقصير بعض الجهات المعنية:
خمسة أولاد في الجيش، والخوف من الإصابة
بدأ العم (علي حمدان) حديثه المليء بالحزن والألم، رافعاً يديه إلى السماء أن يرحمه ويعينه على مصيبته قائلاً:
أنا لدي ثلاثة أولاد يؤدون الخدمة العسكرية، والرابع في البيت مشلول لا يستطيع الحركة، والخامس سيذهب لتأدية واجبه الوطني في رأس السنة، ماذا لو اتصلت بهم وشجعتهم على الهروب من واجبهم الوطني، هذا كله بسبب الضغط الذي أتعرض له.
أنا وزوجتي نقوم بزراعة الأرض لتأمين لقمة العيش ولتأمين تكاليف علاج ولدي المصاب، والديون تراكمت بسبب ارتفاع تكلفة الأدوية والمستلزمات الطبية.
استدين من الناس وأجلب الدواء لابني، وصرت أخاف أن يأتيني أولادي الآخرين مصابين، صرت أتمنى أن يأتوا شهداء ولا يأتوا مصابين.
إحدى أولادي يخدم في القنيطرة، أصيب وحصل على استراحة مرضية ومن ثم عاد إلى قطعته ولم نره منذ 6 أشهر.
فؤاد: 27 عملية وإلى الآن لم أستطع السير
قاطع المصاب فؤاد حمدان والده ليكمل مسيرة الحزن والشكوى عاتباً على المشافي العسكرية وعلى المعنيين فيها حيث قال:
ذهبت إلى خدمة الاحتياط كمدني منذ 15 كانون الأول 2012 ولغاية 9 آب 2015، وتعرضت لعارض صحي وأجري لي عمل جراحي وأثناء ذهابي إلى مشفى حرستا أصبت بقذائف هاون سقطت على الحاجز أدت لإصابتي في مشط القدم، وأسعفت حينها إلى المشفى ومن ثم إلى مشفى 601 العسكري في المزة وبقيت شهرين ومن ثم إلى مشفى طرطوس العسكري.

أجري لي 27 عملية في قدمي بين تطعيم وصفائح إلى غاية الآن (14 عملية في مشفى حرستا و13 في مشفى طرطوس العسكري).
ويضيف فؤاد: لم يأتِ أحد من الدولة ويكشف عليه أو يسألني ما هي النواقص؟ حتى مديرية صحة طرطوس لم تعتني بالشكل اللازم، بحجة عدم وجود سيارة إلى الشام، وإنما فقط إلى حمص، ووضعي الصحي لا يمكنني التنقل من سيارة إلى سيارة.
وفيما يتعلق بمتابعة علاجي الفيزيائي أليس من واجب الصحة أن ترسل لي معالج فيزيائي كوني لا أستطيع السير، ورغم أنه تمّ افتتاح مركز خاص بجرحى الجيش من أجل المعالجة، والآن أحتاج إلى جلسات علاج فيزيائية وعلى الوعد أن يتم متابعة علاجي.
وبعد ذهابي في المرة الأخيرة لمشفى طرطوس العسكري تلقيت وعوداً بمتابعة علاجي الفيزيائي وأتمنى أن يتحقق ذلك بالسرعة القصوى.
لقد تمّ إجراء عمليات عدة لي في القدمين تطعيم وصفائح، وأغلبها أتحمل تكلفتها الخاصة، وإلى الآن لم ينتهي العلاج، وسط ذهاب وإياب إلى دمشق وطرطوس.
أسعار الدواء خيالية ترهق كاهل ذوي المصابين
هل هناك صعوبات تعاني منها أثناء تلقيك للعلاج؟
أغلب الأدوية والمعالجات على حسابنا الخاص، هل يعقل أن أدفع 34 ألف ليرة سورية أجار سيارة من طرطوس إلى الشام، بسبب عدم توفر سيارة صحية في مديرية الصحة.
كما أن الأدوية مرتفعة الثمن ومنها ظرف يبلغ سعره 12 ألف ليرة سورية، وحدث ولا حرج، هذا عدا عن (المستلزمات الطبية من شاش ولاصق طبي ومعقمات وغيره).
وراجعنا مستوصف كرتو للحصول على بعض المستلزمات لكن للأسف لم نستفد شيئاً، لأن أغلب المستلزمات غير متوفرة في المستوصف، لكن هناك دكتور (حسن حسن) أود أن أوجه له الشكر على متابعته الدائمة لي ولوضعي الصحي.
أخطاء طبية، وتقصير واضح
على من تلقي اللوم والعتب؟
أولاً: لسنا في وارد أن نشتكي على أحد لإلحاق الضرر به، وإنما نريد من الجميع الانتباه وأخذ الحيطة والحذر عند إعطاء الحقن، لأن أي خطأ فيها يؤدي إلى نتائج سلبية وأنا من ضمن هؤلاء المتضررين من ذلك الخطأ، حيث قامت إحدى الممرضات بإعطائي إبرة في الفخذ أدت لمضاعفات سلبية وإلى الآن أتلقى العلاج بشأنها.
ثانياً: هناك بعض التقصير في المشافي الحكومية وحتى العسكرية، حيث إن لم تجد أي أحد معرفة أو (واسطة) لا أحد يعتني بك.
ثالثاً: كنت أتمنى الحصول على كشك للعمل به والحصول على مصدر رزق لي، لكن للأسف لا يمكنني مع وضع قدمي التي لا أستطيع ثنيها أن أجلس على كرسي في الكشك.
رابعاً: تم توقيف راتبي ولم أفهم السبب، وإنما يتحدثون أنه بحجة تأمينات ولم أعرف تفاصيل الموضوع.

صحة طرطوس: من واجبنا تأمين مستلزمات الجرحى
وهنا قامت مؤسسة "دام برس" الإعلامية بواجبها بالتواصل مع صحة طرطوس لنقل مجريات ما حدث معنا، لتقوم المديرية بمهامها ضمن الإمكانيات المتاحة، وقد تواصلت المديرية مع المصاب فؤاد لتبيان مستلزماته، حيث وجه فؤاد الشكر لصحة طرطوس على تجاوبها السريع لتأمين أغلب المستلزمات الضرورية وإن كانت غير كافية إلى غاية الآن.
وقد أكد د.أحمد عمار باتصال هاتفي معه أن من حق جميع المصابين التحدث كي تصل شكواهم إلينا ليصار إلى تأمين احتياجاتهم وتوفير كل ظروف الراحة والعلاج.
كما استجاب د.أحمد بشكل فوري للاهتمام بوضعه الصحي ومتابعة مستوصف كرتو للالتزام بتزويده بكافة الاحتياجات الضرورية وضمن المتوافرة في المستوصف، كما أبدى استعداده لأية مساعدة فيما يخص سيارة الإسعاف ومتابعة العلاج الفيزيائي، موضحاً أن د.حسن هو مرسل من المديرية لمتابعة علاجه وتأمين أغلب احتياجاته.
في الختام شكر المصاب فؤاد وعائلته مؤسسة "دام برس" الإعلامية على اهتمامها بالجرحى، كما وجه الشكر لجميع الجهات المعنية في مديرية صحة طرطوس التي تجاوبت مع شكواه ولبت احتياجاته ضمن الإمكانات المتاحة، ونحن بدورنا نشكر فؤاد وذويه على حسن ضيافتهم، متمنية له الشفاء العاجل، كما نوجه الاحترام والتقدير لكل العاملين في صحة طرطوس على رقي تعاملها واستجابتها السريعة لمعالجة شكاوى المصابين.